التقت كلثوم بيوسف في معمل للنسيج في
باكستان، ونشأت بينهما علاقة حب انتهت بالزواج، لكن الأمور لم تكن سهلة في مجتمع يرفض
الزواج بين أتباع الديانات المختلفة.
فقرار يوسف وكلثوم الزواج يواجه برفض يصل أحيانا إلى التهديد بالقتل، في بلد يكاد المسيحيون والبوذيون القلة فيه يذوبون في بحر من مواطنيهم المسلمين، وتملك العائلات فيه القرار الفصل في ارتباط أبنائها وفقا للتقاليد المحلية والعشائرية.
ويسمح القانون الباكستاني بالزواج بين أتباع الأديان المختلفة، لكنه يستثني من ذلك المرأة المسلمة إذ لا ينبغي لها أن تتزوج بغير مسلم.
والى ذلك، فإن اعتناق مسلم دينا آخر يوصف بالردة وقد يودي بصاحبه إلى القتل. وهكذا، وجد يوسف وكلثوم نفسيهما في ورطة زاد من حدتها أنها اختارت اعتناق
المسيحية، إثر نقاشات مع زوجها. وتروي كلثوم حكايتها لمراسل وكالة فرانس برس في منزلها في مكان شاءت ألا يحدد، خوفا على أمنها وأمن عائلتها.
وتقول "قبل أن تتوفى والدتي، أوصتني بأن أترك زوجي".
وتضيف هذه السيدة الثلاثينية "أصبحت حياتنا بعد الزواج كابوسا رهيبا، نعيش في الخفاء لأن عائلتي تهددنا بالقتل".
لجأ الزوجان إلى العاصمة إسلام آباد وعاشا فيها عاما وضعت خلاله كلثوم طفلها الأول. ثم عادا إلى منطقتهما في شرق البلاد، أملا في أن تكون حدة التوتر قد انحسرت.
لكن أملهما كان وهما، فقد خطف مسلحون مسلمون زوجها لبضعة أيام. ويقول يوسف "لم يطلقوا سراحي إلا بعدما أوضحت لهم أني لم أخطف كلثوم، وإنها تزوجتني بملء إرادتها".
ويقول "نعيش حاليا في منطقة لا نشعر فيها بالاضطهاد، لكن ما أن يعلم أصحاب العمل قصتنا حتى يتخلون عن خدماتنا ونبدأ البحث عن عمل آخر". ولا يقتصر العنف على المتحولين من الإسلام إلى دين آخر، بل أن معتنقي الإسلام قد يتعرضون لتهديدات أيضا، على غرار سنا التي تعرفت على زوجها سلمان في العام 2006 حين كان يصور تقريرا في قريتها المسيحية.
ومنذ ذلك الحين بدأت سنا رحلة الدخول في الإسلام الذي يجذبها منذ صغرها. وتقول "بعد زواجنا عدنا إلى قريتي، فأرادت عائلتي قتلنا، وكانوا يعتبرون أن شرفهم سرق منهم". ومع أن الأمور هدأت قليلا، إلا أن العائلة ما زالت حتى الآن ترفض الاعتراف بزواج ابنتها. ولا توجد في باكستان إحصاءات رسمية حول الزيجات المختلطة في هذا البلد الذي يقطنه 180 مليون نسمة.
لكن نافيد ووتر رئيس منظمة هيوان رايتس فوكوس باكستان يقدر عدد هذه الزيجات بعشرة آلاف في الأعوام الأربعة الماضية وحدها، مشيرا إلى أن هذه المسألة ما زالت من المحرمات في البلاد.
ولا يقتصر رفض الزيجات في باكستان على تلك التي تتم بين اتباع ديانات مختلفة، فمئات الشباب من الذكور والإناث يقتلون سنويا على يد عائلاتهم لارتباطهم بعلاقة حب لا يقرها مجتمعهم المحلي، لكن الأخطر هو حين يكون الطرف الآخر من دين آخر.
ويقول ووتر "الناس في باكستان يتعايشون جنبا إلى جنب، وتربطهم علاقات صداقة لا يحول اختلاف الدين بينها، لكن ما أن تظهر مشكلة لها علاقة بالدين حتى يتحولون إلى أشخاص غاضبين قد لا يتوانون عن مهاجمة جماعة أخرى بأكملها وإحراق منازل أبنائها".