تتجه
المغرب وفق ما نص عليه مشروع مسودة
القانون التنظيمي الجديد للجماعات الترابية بالمغرب، إلى منع رؤساء الجماعات المحلية والبلديات (المحافظات) بين رئاسة الجماعة وهيئات أخرى منتخبة.
ويمنع مشروع القانون الجديد -الذي حصل "عربي21" على نسخة منه- رئيس جماعة معينة من الجمع بين تلك الرئاسة ورئاسة أخرى، كرئاسة المجلس الإقليمي أو مجلس الجهة، كما سيمنع ذات المشروع حالة اعتماده، الجمع بين رئاسة جماعة وبين العضوية في البرلمان أو الحكومة.
ولطالما شكلت هذه الظاهرة موضوع انتقاد واسع من طرف النخب المدنية والسياسية والمثقفين في المغرب، مستغربين ما يتاح لعشرات المسؤولين من ترأس للجماعات، وأيضا للمجالس والغرف، وفي ذات الوقت يكون رئيس الجماعة برلمانيا أيضا.
ومن جهته، قال عبد الله بوانو، وهو رئيس أكبر تكتل نيابي بالبرلمان المغربي (107 نائبا) في تصريح خاص لـ"عربي21" إن هذا المقتضى القانوني الجديد ينهي ثلاث مساوئ كبرى أولها: "أن الجمع بين رئاسة أكثر من مؤسسة كان يغلق الباب على النخب الجديدة، خاصة النخب المحلية والجهوية".
وثاني تلك المساوئ -حسب بوانو- أن يتقاضى المسؤول المتعدد
المناصب أكثر من أجر، إلى جانب ما يقوم به العديد من رؤساء الجماعات من عدم التورع في استخدام المال العام في الحملات الانتخابية، وتسخير إمكانية تلك المجالس العامة لخدمة مصالحهم الخاصة.
وقال رئيس فريق العدالة والتنمية في مجلس النواب، إن القانون ينبغي أن يتقدم في اتجاه منع الجمع أيضا بين عضوية عدة مجالس وتقاضي أموال عليها.
وأثار في هذا الصدد أن التنافي ينبغي أن يوسع وألا يقف عند الرؤساء، بسبب وجود منتخبين أعضاء بمكتب المجلس الجماعي، وعضو بمكتب الجهة وبرلماني وعضو مكتب بغرفة.
من جانبها، قالت العضو بلجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، أمينة ماء العينين، في تصريح لـ"عربي21" إن من إيجابيات هذا المشروع ما تم من توسيع لحالات التنافي بخصوص الجمع بين المسؤوليات الانتدابية، وهو ما عدته أهم إنجازات المسودة، آملة أن يتجاوب النقاش الحزبي مع هذا المقتضى لأهميته الكبيرة في إضفاء المعنى على المسؤوليات الانتدابية التي تتطلب الجهد والتفرغ لإنجاحها.
واعتبرت الباحثة في العلوم السياسية أن مشروع النص الجديد مثقل بمنطق الوصاية والرقابة القبلية، وأنه من غير المعقول خنق أنفاس المجالس المنتخبة المستمدة مشروعيتها من التفويض الشعبي والتي ستحاسب أمام الناخبين من خلال الصناديق، ما يحتم تتابع المتحدثة "تحرير مبادرتها وتمكينها من سيادة القرار والإبداع في وسائل الرقابة البعدية حرصا على الأموال العامة، ومصالح الساكنة وهو ما يستبطنه مبدأ التدبير الحر".
وبالعودة لتصريح القيادي بحزب المصباح الذي يقود الحكومة، عبد الله بوانو، فقد تأسف لما اعتبره تراجعات ضمها مشروع القانون الجديد، والتي منها حذف المستوى الدراسي الذي كانت تتضمنه المادة 28 من القانون السابق، والتي تشترط في رئيس الجماعة الحصول على الشهادة الابتدائية، مطالبا بأن يتم الرفع من مستوى الشهادة إلى الباكالوريا على الأقل كشرط في تولي رئاسة الجماعة.
وانتقد الناشط الحزبي والسياسي بوانو، الطريقة التي يقترحها القانون لانتخاب الرؤساء ومكاتب المجالس، متأسفا لعدم انتقالها للسرية بما يقطع دابر تهريب المستشارين وشراء الذمم وتتجه نحو الأمام، كما عاب على مشروع القانون اتجاهه نحو العلنية، "وهو مناقض للدستور ويفتح الباب للابتزاز ولا يعطي حلا ديمقراطيا، ما يدفعنا للتشبث بالاختيار المباشر".
يشار إلى أن الحكومة المغربية أحالت مشروع القانون موضوع النشر على
الأحزاب السياسية بغية استطلاع آرائها حوله، وذلك في إطار الاستعداد القانوني والسياسي للانتخابات الجماعية المرتقبة بالمغرب صيف سنة 2015 المقبلة.