استفحلت ظاهرة الاعتداء الجنسي على السائحات في
مصر، وباتت تمثل تهديدا حقيقيا لصناعة
السياحة التي تتعرض لتدهور كبير منذ ثورة يناير عام 2011.
وخلال عام 2014، شهدت مصر العشرات من حوادث الاعتداء الجنسي على السائحات، تنوعت بين
التحرش والاختطاف والاغتصاب، وكان المتهمون في كل تلك الوقائع - تقريبا - رجال الشرطة المنوط بهم حماية السائحات وليس الاعتداء عليهن.
وألقت قوات الأمن الأقصر الاثنين، القبض على ثلاثة من "حراس الآثار" بتهمة التحرش الجماعي بسائحة بريطانية داخل أحد المعابد الأثرية بمحافظة الأقصر جنوب مصر.
وحسب بيان الداخلية، فإن الشرطة تلقت بلاغا من السائحة أكدت فيه أن الحراس تحرشوا بها جماعيا وتحسسوا أجزاء حساسة من جسدها خلال زيارتها لمعبد الأقصر، بعدما رفضت منحهم نقودا مقابل التقاط صورة تذكارية لها مع الآثار.
وفي اليوم نفسه، ألقت الشرطة القبض على شخص متهم باغتصاب سائحة بريطانية أخرى في منطقة البر الغربي بالأقصر، وأمرت النيابة بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيق.
وكان المتهم قد اختطف السائحة منذ أسبوع واعتدى عليها وسط زراعات الموز تحت تهديد السلاح ثم قام بالاستيلاء على أموالها وهاتفها المحمول.
وألقت الشرطة على حارس آثار ثالث تحرش بسائحة أسترالية، أثناء زيارتها مقبرة رمسيس بمنطقة وادي الملوك بالأقصر. وأثبتت التحريات أن الحارس استغل الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي أثناء تواجدهما داخل المقبرة وتحرش بها.
وفي أسوان، ألقت الشرطة القبض على مراقب أمن بتهمة التحرش بسائحة إسبانية داخل معبد إدفو، أثناء زيارتها للمعبد في تموز/ يوليو الماضي بصحبة مجموعة من أصدقائها.
سمعة مصر في الحضيض
ويقول خبراء إن حوادث التحرش الجنسي والسرقة بالإكراه ومضايقة السائحين تزايدت بشدة في الفترة الأخيرة بشكل أصبح يهدد صناعة السياحة في مصر، حيث تبرز وسائل الإعلام الأجنبية هذه الحالات مما يؤثر على سمعة البلاد.
وتدهورت السياحة في مصر بشدة منذ الانقلاب العسكري، حيث أصدرت معظم دول العالم تحذيرات لرعاياها بعدم السفر إلى مصر بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.
وكانت شركات سياحية أوروبية كبيرة قد لوحت في وقت سابق بتجميد نشاطها في مصر، وبوقف التعاون مع الجانب المصري "بسبب تزايد حالات التحرش الجنسي، بعد أن تلقى مندوبو ما يزيد على 150 وكالة سياحية في شرم الشيخ شكاوى من سائحات تعرضن للتحرش الجنسي من قِبل موظفي الفنادق، فيما تم توثيق 3 حالات اغتصاب".
ولم تقتصر حالات التحرش الجنسي بالسائحات على المناطق السياحية فقط، بل وصلت إلى العاصمة القاهرة حيث تحرش أمين شرطة بسائحة أجنبية في مطار القاهرة، وعندما قررت النيابة حبسه على ذمة التحقيق، أعلن العشرات من زملائه الاعتصام داخل المطار ولم يفضوا اعتصامهم إلا بعد أن تراجعت الحكومة عن معاقبته!
وفي نيسان/ إبريل الماضي أصدر هشام زعزوع وزير السياحة قرارا بإغلاق فندقين شهدا حالات تحرش، لكنه تراجع عن هذا القرار بعد أيام قليلة تحت ضغط من رجال الأعمال أصحاب المنشآت الفندقية في البحر الأحمر.
وفي تموز/ يوليو الماضي تعرضت سائحة روسية للاغتصاب من قبل سائق حافلة سياحية بمدينة شرم الشيخ، بعد أن اختطفها من زوجها وفر هاربا إلى الطريق الدولي حيث اعتدى عليها وتركها هناك.
ابتزاز وإخوان
في المقابل، يقول كثير من رجال الشرطة السياحية، إن الكثير من بلاغات السائحات عن تعرضهن للاعتداء الجنسي تكون كاذبة وهدفها الابتزاز المالي.
بل ذهب بعضهم إلى اتهام جماعة الإخوان المسلمين بإرسالهم لمصر بعض السائحات لادعاء تعرضهن للتحرش والمضايقات في مصر بهدف تشويه صورة البلاد، مقابل دفع مبالغ كبيرة لكل سائحة.
وكشفت دراسة لوزارة السياحة عن ظاهرة التحرش الجنسي في المناطق السياحية، أن 90% من حوادث التحرش تقع من جانب العاملين في الفنادق تجاه السائحات، وأن أكثر المدن السياحية التي تشهد حالات تحرش هي شرم الشيخ وأقلها الأقصر.
وفي محاول لتحجيم الظاهرة، أعلنت وزارة الأوقاف المصرية تنظيم ندوات في بعض المواقع السياحية والفنادق الكبرى، حول ظاهرة التحرش الجنسي لزيادة الوعي بخطورتها.
وكانت أكثر الحوادث التي أساءت لسمعة مصر وأحدثت ضجة في أوروبا، واقعة تعرض سائحة بريطانية للاغتصاب داخل غرفتها بأحد فنادق شرم الشيخ من قبل أحد الحراس.
ونشرت الصحف البريطانية الحادثة، وأصدرت وزارة الخارجية البريطانية تحذيرا من ارتفاع الاعتداءات الجنسية ضد رعاياها البريطانيين في مصر منذ عام 2011، وذكرت أنه في عام 2012 وقعت 23 حالة اعتداء جنسي و6 حالات اغتصاب كان بعضها ضد قاصرات، وحدثت كثير من تلك الاعتداءات في أماكن تعتبر آمنة مثل الفنادق، وسيارات الأجرة.
وبعد تلك الواقعة بأسبوع، تعرضت سائحة روسية لمحاولة اغتصاب داخل غرفتها من رجل شرطة بجنوب سيناء، وتمت إحالة الشرطي إلى محكمة الجنايات بتهمة هتك عرض السائحة.