آخر أمين للحزب الوطني: مبارك أنجح معارضين بالتزوير

كشف الدكتور محمد رجب، آخر أمين عام للحزب الوطني "المنحل"، النقاب عن أن الرئيس المخلوع حسني مبارك لجأ إلى عقد صفقات انتخابية مع معارضين له من أجل إنجاحهم في الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 2010، التي شهدت تزويرا فجا للنتائج، وإسقاط جميع مرشحي جماعة الإخوان المسلمين، منذ الجولة الأولى.
 
ووصف رجب -في حوار مع جريدة "المصري اليوم" الخميس- انتخابات عام  2010 بأنها كانت الأسوأ في تاريخ الحزب الوطني، وأنها كانت المسمار الذى ضرب نعش الحزب الوطني، مشيرا إلى أنه بعد سقوط رموز المعارضة اضطر النظام إلى محاولة تدارك الأمر، وتم التزوير في الجولات التالية لصالح مرشحين من المعارضة لا وجود جماهيريا لهم على الإطلاق.
 
وقال: "أذكر أن رجال الأمن في دائرتي الانتخابية طلبوا من مندوبي مرشح الحزب الوطني التوكيلات الخاصة بهم لأنها مزورة، وذهبوا إلى قسم الشرطة للتأكد من صحتها، وعندما عادوا إلى اللجان وجدوا الصناديق قد امتلأت ببطاقات التصويت فتخيلوا أن الأمن قام بتزويرها لصالح مرشحهم، وإذا بها لصالح مرشح حزب آخر معارض"!
 
وأشار إلى واقعة أخرى في دائرة الأزبكية في انتخابات الشورى، قائلا: "اتصل ضابط من أمن الدولة بأحمد حسن، أمين عام الحزب الناصري وقتها، وقال له "إنتوا ليكوا عندنا هدية"، فرد أحمد حسن: "والنبي قبل الهدية.. خير"، فقال له الضابط "عاوزين نديكم مقعد في مجلس الشورى شوف لنا حد ترشحه لنا"، فرد أحمد حسن: سأختار وأبلغك، فرد الضابط: إحنا عاوزينه دلوقتى حالا عشان إحنا بنخلص الآن. فرد حسن: خلاص خدوا الدكتور محمد أبوالعلا. فقال الضابط: الهدية بتاعتنا عمال مش فئات، فقال له أحمد حسن: خلينى أفكر، وتدخل الأمن، ورشح محسن عطية، الذى كان يشغل موقع أمين تنظيم الحزب وقتها، وفاز في الانتخابات"!
 
وأضاف أن أحمد عز أمين تنظيم الحزب هو من أدار تلك الانتخابات، وهو من ضيّع الحزب، وفق وصفه.
 
وتابع: "قلت لصفوت الشريف: إيه اللي بيحصل ده.. هو المجلس كله هيبقى حزب وطني وهيكلم الحزب نفسه في الجلسات؟ فرد الشريف: أنا مش مسؤول. فقلت له: ومين اللي مسؤول، فقال: أحمد عز، فقلت له إن هذه النتيجة ستؤثر على الحزب تأثيرا كبيرا، ولم أكن أتخيل وقتها أنها ستتسبب في ثورة ستأكل النظام بأكمله"، على حد تعبيره.
 
واسترسل: "الحرس القديم كان يدير الانتخابات بحرفية، وبعد أن ترك أمر الانتخابات بالكامل في يد أحمد عز، أدارها كأنه يدير مصنعا أو شركة، وهو لا يعلم أن إدارة البشر تختلف عن إدارة المصنع، وكان أحمد عز عندما يعرض النظام الذى سيعتمد عليه في الانتخابات، يجعلك تقول: "الله.. كأننا في أمريكا"، فكان يملك غرف عمليات كبيرة تدير كل الدوائر وشاشات عرض ونسبا واستطلاعات رأى وغيرها من الأمور".
 
وأشار رجب إلى أن مبارك بعد ظهور نتائج المرحلة الأولى غضب جدا، وعنّف صفوت الشريف، وقال له: ما هذه النتيجة؟ فرد صفوت، وقال: أحمد عز هو اللي عملها، فرد عليه مبارك: إنت المسؤول أمامي، وأصبحت المشكلة في جولة الإعادة أن ينجح مرشحو المعارضة بأي طريقة.
 
قبل ثورة 25 يناير
 
حول ما قبل ثورة 25 يناير 2011 قال رجب: "قبل يوم 25 يناير كانت لدينا معلومات بأن هناك حالة تمرد كبيرة على مستوى الشباب والشعب، وستخرج المظاهرات في 25 يناير، والقيادات كانت تبسط الأمر، وأغرقوا مبارك بإخفاء تفاصيل كثيرة عنه، ولم يكن هناك أي تواصل بين قيادات الحزب وأعضائه التنظيميين في الوحدات الأساسية"، بحسب تعبيره.
 
وأشار إلى أن قيادات الحزب ارتبكت في التعامل مع أحداث الثورة. وقال: "إنهم  فوجئوا جميعهم بالمظاهرات وحجمها ومدتها، وكانوا يتصورون أنها ستستمر 3 أو 4 ساعات وتنتهى، ولم يكن هناك على الإطلاق أي ترتيبات للتعامل مع الأحداث التي فاقت توقعات الجميع"، بحسب تعبيره. 
 
وأضاف: "أحزاب السلطة لا يعرف أعضاؤها المبادرات، وإنما يتلقون التعليمات فقط، فحجم المفاجأة كان كبيرا، وآخر تعليمات القيادة للأعضاء: "لا أحد منكم يذهب لميدان التحرير"، وكلفوهم بتأمين مقار الحزب فقط.
 
وحول هيئة المكتب الجديدة، المكونة من حسام بدراوي أمينا عاما للحزب، وكيف أدارت الأمور من يوم 5 فبراير حتى التنحي، قال:- كانت أصعب الفترات، وفكرنا في مصر، وضرورة ألا نتركها لتقع في أيدى الإخوان المسلمين، وذهب حسام بدراوي إلى مبارك وقال له إنني أخشى أن يتم اقتحام القصر الرئاسي ويتكرر سيناريو رومانيا عندما اقتحم الرومانيون قصر الرئاسة وقبضوا على الرئيس شاوشيسكو وتم إعدامه وزوجته رميا بالرصاص، وقام زكريا عزمي وعمر سليمان وآخرون بطرد حسام بدراوي من القصر، وقررنا الاستمرار بعد تنحى مبارك على أساس أن الحزب له تواجد رئيسي في الشارع المصري، ولا يجب علينا أن نترك الساحة للإخوان المسلمين.
 
ووصف الحكم الصادر بحل الحزب بأنه كان حكما سياسيا، مشيرا إلى أن "المتعارف عليه أن المحكمة لا تحكم من أول جلسة، وعلمت أنهم سيحكمون بالحل بعد أن قال أعضاء المجلس العسكري: لن نتدخل، وإذا صدر حكم سنحترمه".
 
دور جمال مبارك
 
ووصف آخر أمين ل"الوطني المنحل" عام 2002 بأنه "كان فارقًا في حياة الحزب"، مضيفا: "في ذلك العام دخلت مجموعة الشباب المسماة الجيل الجديد بقيادة جمال مبارك، ومن يومها زادت السيطرة المركزية، وأصبحت الانتخابات الداخلية، وأيضا اختيارات المرشحين للانتخابات البرلمانية شكلية، وكانت القيادة المركزية ترسل قائمة المرشحين ليتم انتخابهم.
 
وتابع: "عند انضمام مجموعة الجيل الجديد للأمانة العامة للحزب في عام 2002 سرعان ما سيطروا على الأوضاع اعتمادا على نفوذ جمال مبارك، نجل رئيس الجمهورية، آنذاك، وبعد صراع تلك المجموعة مع الحرس القديم، تم حسم الأمر لصالح الجيل الجديد بتشكيل أمانة السياسات، التي خلت تماما من رموز الحرس القديم، واقتنصت هيئة مكتب الحزب اختصاص الأمانة العامة للحزب التي أصبحت بلا دور حقيقي".
 
وقال: "في 2009 حدث تغيير داخل الحزب"، مشيرا إلى "خروج يوسف والى وكمال الشاذلي، تنفيذا لرغبة الحرس الجديد، وبعد إرسال التشكيل الجديد للأمانة العامة للرئيس مبارك قال: "إنتوا هتخلوا التشكيل كله عيال ولا إيه"، وبدأ يسألهم عن رموز الحرس القديم، وسبب عدم وجودهم في التشكيل، وقام مبارك بتعديل التشكيل وأضاف أسماء بيده، وكان من بينهم كمال الشاذلي وصفوت الشريف وعدد ممن يعرفهم، وهذا يكشف أن مبارك لم يكن مطمئنا للمجموعة الجديدة"، على حد قوله.