قال خبراء ومحللو أسواق المال إن فتح سوق
الأسهم السعودية (التداول) أمام
الاستثمارات الأجنبية، والمتوقع أن يكون في النصف الأول من العام القادم، قد يسحب بعض السيولة المتداولة في أسواق المنطقة، خاصة في المراحل الأولى من تطبيق هذا القرار.
وأضاف المحللون، أن السوق السعودي مرشح لاستقطاب استثمارات أجنبية، تقدر بنحو 50 إلى 60 مليار دولار مع فتح أبوابه أمام الاستثمار الأجنبي.
وأعلنت هيئة السوق المالية السعودية، الخميس الماضي، مشروع (مسودة) القواعد المنظمة لفتح البورصة السعودية للاستثمار المباشر، أمام المؤسسات المالية الأجنبية من بنوك وشركات وساطة وأوراق مالية، وصناديق استثمار، وشركات تأمين.
وقالت الهيئة على موقعها بشبكة الإنترنت، إنها تطرح مشروع القواعد المنظمة لاستطلاع جميع آراء المعنيين بالشأن، لمدة 90 يوم تنتهي في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، مشيرة إلى أن جميع الملاحظات التي ستستقبلها، ستكون محل العناية والدراسة لغرض اعتماد الصيغة النهائية للقواعد.
وقال أحمد يونس، رئيس الجمعية العربية لأسواق المال، إن "السوق السعودية آخر سوق خليجية تسمح للمؤسسات المالية الأجنبية بالاستثمار المباشر في الأسهم، مما سيدفع المحافظ الاستثمارية الكبرى والمستثمرين الأجانب لتحويل وجهتهم، نحو هذا السوق الذى تقدم كثيراً بين أكبر الأسواق العالمية من حيث القيمة السوقية".
وأعلن اتحاد البورصات العالمية نهاية الشهر الماضي، عن تقدم السوق السعودية إلى المركز الــ "22" بين أكبر الأسواق العالمية من حيث القيمة السوقية، لتصل إلى نحو 2.1 تريليون ريال (560 مليار دولار).
وتسمح هيئة السوق المالية السعودية، منذ 20 آب/ أغسطس 2008، للأجانب بالاستثمار غير المباشر بالبورصة السعودية، من خلال إمكانية إبرام عمليات اتفاقيات مبادلة (Swap Agreements)، الذي يسمح للأشخاص المرخص لهم بإبرام اتفاقيات مبادلة مع أجانب غير مقيمين، سواء كانوا مؤسسات مالية أم أفرادا لأسهم الشركات السعودية المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) لأولئك الأشخاص مع احتفاظ الأشخاص المرخص لهم بالملكية القانونية للأسهم.
وبلغ صافي مشتريات الأجانب بالسوق السعودية خلال تموز/ يوليو 2014، وعبر اتفاقيات المبادلة نحو 1.88 مليار ريال (501 مليون دولار)، بعد أن بلغت مشترياتهم 3.53 مليار ريال (941 مليون دولار) فيما كانت مبيعاتهم 1.65 مليار ريال (440 مليون دولار).
وأضاف يونس، في تصريحات هاتفية لوكالة الأناضول: "ستظل التنافسية بين الأسواق العربية، المحرك الرئيسي للاستثمارات الأجنبية، في ظل تفاوت درجة الانفتاح على الاستثمار الأجنبي من سوق إلى أخرى، فهناك انفتاح كامل خال من أي قيود كما في بورصة مصر، وانفتاح محدود، بشروط ونسب معينة للاستثمار الأجنبي كما في أسواق قطر والإمارات".
وقال رئيس الجمعية العربية لأسواق المال: "في الوقت الذى ستشهد فيه السعودية زيادة كبيرة في التدفقات الأجنبية، مع بدء تطبيق هذا القرار، سنشهد زيادة ملحوظة أيضا للسيولة في بورصة مصر، في ظل إعلان الدولة عن مشروعات قومية، ذات قيمة اقتصادية مرتفعة مثل مشروع قناة السويس الجديدة".
وقال إبراهيم الفيلكاوي، المستشار الاقتصادي لدى مركز الدراسات المتقدمة بالكويت: "أعتقد أن طبيعة الاستثمارات الأجنبية تختلف من سوق إلى أخر، فبورصتا قطر والإمارات لا يزالا الملاذ الأفضل حاليا للاستثمار، منذ رفع تصنيفهما إلى وضع الأسواق الناشئة".
وأضاف الفيلكاوي: "لاشك أن فتح السوق السعودي أمام الاستثمار الأجنبي سيعطيه نوعا من الجودة الاستثمارية، وسينجح في استقطاب بعض الأموال الأجنبية التي كانت تضخ غالبا في أسواق، دبي وقطر والتي تقدر بنحو 55 إلى 55 إلى 60 مليار، ولكن هذا الأمر وقتيا".
وتابع: "على سبيل المثال.. الاستثمارات الأجنبية فى السوق القطري، تشهد تطورا مستمرا مع مضي إدارة السوق في إحراز تقدم ملحوظ على صعيد الإجراءات التشغيلية والقانونية التي كانت محل تحفظ سابقا، إضافة إلى قيام الحكومة القطرية مؤخراً برفع نسب تملك الأجانب فى سوق الأسهم القطرية".
وقال محمد طاهر، مدير حسابات العملاء لدي بيت الاستثمار العالمي، إن دخول الأجانب للبورصة السعودية سيعزز مكانتها عالميا ومحليا، ويؤهلها للانضمام لمؤشر (إم.إس.سي.أي) للأسواق الناشئة الأمريكي".
وأضاف طاهر: "أتوقع أن يؤثر هذا القرار سلبا على باقي الأسواق المجاورة، فقد يدفع الأجانب لسحب نسبة من استثماراتهم في أسواق المنطقة، لضخها في السوق السعودية التي تعتبر من أكبر الأسواق بالشرق الأوسط".
وتابع: "العديد من صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية العالمية، لم تكن تضع في حسبانها السوق السعودي ضمن خططهم الاستثمارية لكن بعد هذا التطور الكبير، فإن الأمر سيشهد تحولا كبيرا في الفترة المقبلة، خاصة أن السعودية تملك شركات مصنفة عالميا فى مجالات مختلفة، سواء في قطاعات البتروكيماويات، والبترول أو البنوك أو الاغذية وغيرها".
وقال مدير حسابات العملاء لدي بيت الاستثمار العالمي إن "صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية العالمية ستعيد النظر فى توزيع محافظها الاستثمارية في المنطقة. وقد يكون للسعودية النصيب الاكبر منها". إلا انه استبعد أن تؤثر اعادة التوزيع على حصص دول مثل الامارات وقطر ومصر من تلك الاستثمارات.
وقال محمد الجندي، مدير إدارة البحوث الفنية لدي آى سى آن للأبحاث الاقتصادية: "منذ إقرار مجلس الوزراء السعودي تفويض هيئة سوق المال لسن القوانين الخاصة بتنظيم فتح السوق أمام الاستثمار الأجنبي، لاحظنا تراجع ملحوظ في مستويات السيولة بالأسواق الخليجية الأخرى، لعل أبرزها الإمارات وقطر".
وأضاف الجندي: "بات السوق السعودي حاليا الأكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية في ظل كبر حجم السوق، ومعدل النمو، والاستقرار الاقتصادي، مما يحفز المستثمرين على الاهتمام به وتوجيه دفتهم نحوه أملا في تحقيق مكاسب مرتفعة".
وتضم السوق السعودية 167 شركة مدرجة، كما يتجاوز معدل التداولات يوميا بالسوق 2 مليار دولار. وتضم السوق السعودى تنوعا ضخما فى القطاعات الاقتصادية للشركات المدرجة بها ما بين قطاعات المصارف، والبتروكيماويات، والاتصالات، والخدمات الاستهلاكية، وشركات التشييد والبناء وغيرها.
وتابع: "أتوقع زخماً كبيراً في السوق السعودي مع بدء تطبيق هذا القرار، مع زيادة اهتمام المؤسسات المالية العالمية، مما سيولد سيولة إضافية، ويزيد من نشاط ومعدلات التداول عن باقي الأسواق الأخرى، وهي عناصر أساسية لمواصلة الصعود مستقبلا".
وقال عبدالله الجبلي، عضو الاتحاد السعودي والدولي للمحللين الفنيين: "بلا شك سيجذب السوق السعودي جانب كبير من الاستثمارات الأجنبية الموجهة، إلى بعض الأسواق الخليجية نظرا لفارق السيولة، والفرص المتاحة وكثرة عدد الأسهم بالمقارنة بالأسواق الأخرى".
وأضاف الجبلي: "التقديرات ترجح بلوغ الأموال المقدر استقطابها من الأجانب بنحو 60 مليار دولار للأشهر الستة الأولى من عام 2015".
وشملت القواعد المنظمة لفتح البورصة السعودية للاستثمار المباشر، التي نشرتها هيئة السوق المالية السعودية، عدة شروط أهمها ألا تقل قيمة الأصول التي تديرها المؤسسة المالية الأجنبية المؤهلة للاستثمار المباشر في البورصة السعودية، عن 18.75 مليار ريال سعودي (خمسة مليارات دولار) وأن تتمتع تلك المؤسسات بخبرة استثمارية في الأسواق المالية لا تقل عن خمس سنوات.
(الدولار الأمريكي = 3.75 ريال سعودي)