هاجم العالم المقاصدي أحمد
الريسوني، نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علماء في
السعودية ومصر بالعداء للفكر الإسلامي وتجديده، واضعا إياهم على رأس المحافظة والجمود، مرجعا ذلك إلى خوفهم على مناصبهم وامتيازاتهم التي راكموها مع الأنظمة المستبدة.
ودعا الريسوني، الذي حل ضيفا مساء الاثنين على الملتقى الوطني العاشر لشبيبة حزب العدالة والتنمية بمدينة الرباط، إلى مواجهة من اعتبرهم "علماء السلطان" كحال علماء بالسعودية ومصر الرافضين للتجديد، عازيا "اختباءهم وراء الجمود إلى الخوف على الامتيازات".
وقال أثناء محاضرته في موضوع تجديد الفكر الإسلامي الرؤية والمنهج"، إن "هناك كتلتين ترفضان "التجديد" وتتمسكان بـ"التجميد"، أولهما الكتلة التقليدية من فقهاء وعلماء ومتصوفة"، مشيرا إلى أن "هؤلاء يخافون على الدين، ظانين أن كل ما ورثوه هو من الدين".
وكشف أن الفئة الثانية "تمثلها كتلة الاستبداد والتسلط سواء من الأنظمة الحاكمة أو الحكام أو من يرتبط بهم، موضحا أن "هذه الفئة تقاومه بسوء نية لأنها تعرف أنه يهدد مناصبهم".
وبين أن "المثال الأظهر للفئة الثانية يوجد في كل من جمهورية
مصر والسعودية، فهذه الفئة من العلماء المرتبطة بالسلطان، وتعي أنها مرتبطة بنظام ومصالح وكل تجديد يربكها ويجعلها في مهب الريح، لذلك تتمسك بأسوأ ما في القديم للحفاظ على الاستبداد".
وشدد الريسوني على أن ما وصفها بـ"الطبقة العلمائية" في مصر والسعودية مرتبطة بشكل كلي مع الأنظمة المستبدة، ودفاعها عن الاستبداد يعني الدفاع بالتبع على مصالحها وامتيازاتها التي يحميها المستبدون".
وجدد العالم المقاصدي، التأكيد على أن "فكرة التجديد ضرورة حتمية لا بديل عنها لأن كل شيء يتطور ويتجدد وهي سنة الله في الكون، رغم أن هناك ثوابت لا تتغير"، موضحا أن "تجديد الدين وأموره قائم دائم ومستمر، ولو لم يكن هناك التجديد لكان هناك الموت".
و قدم مثلا للفقه المحافظ الرافض للتجديد، من خلال إثارته موضوع علاقة الدين بالسياسة، معتبرا أن "ما يصدر عن بعض العلماء والحركات الإسلامية، من أن السياسية ليست من الدين، ليس من الدين في شيء".
وأضح أن القائلين بهذا الكلام يرد عليهم، بأن "الأنبياء هم السياسيون الأولون"، مشيرا إلى أن "الدين مليء بالسياسة، كما أن الوحي مليء بالسياسة، ولا يمكن القول أن السياسة ليس من الدين لأن هذا تجاوز للوحي نفسه".
وفي سياق حديثه عن منهج تجديد الفكر الإسلامي وضع الريسوني سبع خطوات، قال بضرورتها لتحقيق التقدم في الفكر الإسلامي، مسجلا أن "الحركة الإسلامية وإن نجحت في الوسائل وجددت فيها، فإنها فشلت حتى الآن في تحقيق التجديد الفكري".
الخطوة الأولى حسب الريسوني، هي "ضرورة التمييز بين الشرع والتراث"، فالشرع هو الوحي المنزل من السماء بينما التراث هو كل تلك المعارف والعلوم التي نشأت حول النص الديني، ولا يمكنها أن تصبح في يوم من الأيام جزء من الدين" ، داعيا إلى ضرورة "أن نفرق بين الوحي والاجتهاد"،
وشدد في هذا السياق على ضرورة "التمييز بين الشرع والتراث لأن هناك خلط بين الأمرين، وتراثنا أي كان لا يكتسي طابع الإلزام والقداسة وما سوى ذلك هي اجتهادات بشرية".
الخطوة الثانية وفقا للريسوني، هي "جعل اجتهاد المعاصرين مقدما على اجتهاد المتقدمين"، لأن المعاصرين يعالجون قضايا الناس المعاصرة لهم، "لأن الاجتهاد فيه ماهو صالح وفيه ماهو غير صالح".
وأنهى الريسوني بخصوص الخطوة الثالثة، قائلا: "إعمال النظر المقاصدي في الأحكام، وتجاوز منطق الفهم الظاهري والتناول الحرفي للنصوص، وعدم مراعاة سياقات تنزيلها".