نشر موقع "ديلي بيست" مقالا للكاتب جيمي ديتمار بشـأن التقارير التي تتحدث عن
المختطفين لدى "
داعش"، والذين يجري
التعتيم على قضيتهم من قبل
الولايات المتحدة وبريطانيا، لاسيما بعد قتل الصحفيين الأمريكيين من قبل التنظيم.
وقال الموقع إن ذلك التعتيم يعطي قوة دعاية أكبر لـ "تنظيم الدولة"، عندما يعلن أنه سيقتل الرهائن قريبا.
وأرسل "الجهاديون" رسالة ثانية لأمريكا عن طريق فيديو أسموه قطع رأس ستيفن سوتلوف، وهو ثاني صحفي أمريكي يتم قتله على يد "داعش" بسبب عمله الصحفي، وكما كان الحال في الذبح البربري لجيمس فولي قبل أسبوعين، يقوم جهادي مقنع بالتلويح بسكين ويقول بلهجة بريطانية "أنا عدت يا أوباما"، موحيا بأن القاتل هو نفسه.
ويؤكد الفيديو ذو الدقيقتين، وحشية "داعش"، لكنه يشير أيضا إلى استغلالها للإعلام بشكل ناجح، ويُعزى هذا النجاح جزئيا إلى الرقابة الذاتية (في الإعلام الغربي) التي تهدف أساسا إلى حماية الرهائن.
وفي حين ترغب كل من واشنطن ولندن في إنقاذ بقية الرهائن أو أن تهزم "داعش"، فإنه يجب عليهما أولا البدأ بمحاربته إعلاميا، وأكثر الطرق مباشرة لذلك هي وقف إخفاء المعلومات عن الرهائن والطلب من عائلات الرهائن والموظفين لهم أن يسحبوا طلباتهم بالتعتيم الإعلامي.
ووفقا للموقع فإن الانفتاح في هذا الموضوع يسحب السيطرة من أيدي الجهاديين الذين يقومون بتوجيه الصدمات للغرب عبر استمرارهم بالقتل، حيث يساعد التعتيم الإعلامي في كل من بريطانيا وأمريكا في إعطاء زمام المبادرة الدعائية لـ"داعش" تاركين الأمر للتنظيم نفسه في تحديد وقت الكشف عن أسماء الرهائن والسماح بالكشف عن تهديدهم بقتل الرهائن ثم القيام بالفعل الفظيع. فعلى الأقل يمكن سحب ميزة تسمية الرهائن من الجهاديين الذين أصبحوا في وضع يسمح لهم بمماحكة أعدائهم وتحويل ذبحهم للغربيين إلى مسرحية عالمية.
ويتوقع الموقع أن تعارض الحكومات الأوروبية، التي دفعت قريبا ملايين الدولارات لـ"داعش" من أجل إطلاق سراح بعض الرهائن وتفاوض اليوم على إطلاق سراح آخرين، مثل هذا التحرك، حيث يقول المسؤولون الأوروبيون إن رفع الحظر الإعلامي سيؤثر على المفاوضات الدائرة الآن، ولكن أمريكا وبريطانيا لن تدفعا.
وفي فيديو سوتلوف يصدر الشخص المقنع الذي يرتدي الملابس السوداء - ما عدا بسطار القتال الصحراوي- تهديدا ضد الرهينة البريطاني ديفيد هينز، وينذر الحكومة بالتراجع عن "الحلف الشيطاني الأمريكي ضد الدولة الإسلامية".. علمًا بأن سوتلوف كان قد تم تهديده في فيديو فولي.
وبسبب تشابه الطبيعة بين فيديو سوتلوف وفولي، يظن الخبراء أن الفيديو أعدّ في منطقة الرقة شرق سوريا. كما أن هناك احتمالا بأنه تم قتل الاثنين معا قبل أسبوعين ويقولون إن هينز قد يكون قتل أيضا.
ومع هذا فإن المسؤولين البريطانيين والأمريكيين يطلبون من الإعلام عدم التعمق في تغطية الرهائن لدى "داعش".. وبعض ذوي الرهائن الذين يشعرون بأن بريطانيا وأمريكا لا تفعلان ما يكفي يقولون إن التعتيم الإعلامي يقلل من الضغط الجماهيري على المسؤولين.
ويفيد الموقع بانه لا أحد في الإعلام المسؤول يعارض طلب أمريكا وبريطانيا بعدم نشر صور الذبح، ولكن وزارة الخارجية البريطانية طلبت من الإعلام عدم تحديد هوية الرهينة البريطاني المذكور اسمه في فيديو سوتلوف، مع أن اسمه كان قد انتشر في وسائل الإعلام المختلفة في كل العالم عندما أصدرت وزراة الخارجية ذلك الطلب.
وطلب المسؤولون البريطانيون من الإعلام "عدم نشر التقارير حول أي بريطانيين آخرين محتجزين في سوريا، وهذا لأننا نقدر أن التغطية الإعلامية ستزيد من الخطر على حياتهم"، والسؤال هو: كيف؟ فهل لا تعلم داعش عدد البريطانيين الرهائن لديها؟
وأضاف أن مسألة التعتيم الإعلامي هذه كانت موضوع شهور من الجدل الحاد بين الصحفيين الذين يغطون أخبار الشرق الأوسط. واستخدم التعتيم الإعلامي على اختطاف الصحفيين خلال الحرب العراقية بشك روتيني، وبحسب المستشارين الأمنيين فإن التعتيم الإعلامي يساعد على إبقاء حجم الفدية صغيرا، كما أن التعتيم وقلة الدعاية للاختطاف ستقنع آخرين يفكرون في أخذ رهائن بعدم الإقدام على الخطوة.
ولكن ثبت خطأ المستشارين الأمنيين فلم يمنع التعتيم الإعلامي عمليات الاختطاف، وارتفعت المبالغ المطلوبة كفدية.
وينقل عن روبرت بلتون مؤلف كتاب "أخطر أماكن العالم"، اعتقاده بأنه عندما يتعلق الأمر بأمريكيين رهائن، فإن طلب التعتيم الإعلامي يأتي أولا من الشركات الموظفة وشركات تأمين الموظفين، والذين في العادة ما يقنعون عائلات المختطفين بالطلب من الإعلام عدم نشر الأخبار عن الموضوع.
ويضيف بلتون أنه "لا أحد يستطيع إثبات أن التعتيم يساعد في حماية المختطفين.. التعتيم الإعلامي مصمم أيضا للتخفيف من المخاطر على الشركات"، كما أنه يحث عليها موظفي شركات التأمين ضد الاختطاف، حيث إن طبيعة عملهم هي الإحاطة بالسرية.
ويجد بعض الصحفيين الناقدين للتعتيم أن من الصعب عدم الاستنتاج بأن بعض المؤسسات الإعلامية المعنية تفضل الصمت لأطول فترة ممكنة لانهم يخشون أن يتهموا باستخدام مراسلين تنقصهم الخبرة وغير مجربين أحيانا وبفشل المؤسسة في تقييم الوضع الأمني أو اتخاذ التدابير اللازمة لحماية موظفيها.
ويعترف معظم المستشارين الأمنيين الذين قابلتهم بأن التعتيم قد يكون مفيدا في الأيام الأولى من الاختطاف فقط، حيث تعطى الفرصة للتأكد مما حدث للرهينة دون انشغال باحتمال أن تؤثر التقارير الصحفية على فرصة التفاوض أو محاولة إنقاذ سريعة.
ويروي أنه عندما اختطفت طالبان مراسل "نيويورك تايمز" ديفيد رودي الذي هرب بعد ذلك من خاطفيه، ثم قال إن التعتيم في حالته كان مفيدا، أنه كتب خلال هذا الصيف لرويترز قائلا إنه "ليس هناك خيارات جيدة بالنسبة للعائلات".
ويقول رودي: "في السنوات منذ عودتي أصبح من الواضح أن إحدى النتائج غير المخطط لها للتعتيم هي أن المسؤول الأمريكي ليس عليه ضغط كبير لمعالجة المشكلة، ودائما ما تشكو العائلات المكروبة بأنها تزور واشنطن، ولكن كل ما يفعله لهم المسؤولون هو التربيت عليهم".