تتحمل واشنطن ودول
الخليج بحسب خبراء جزءا من المسؤولية عن صعود "تنظيم الدولة" في
سوريا وفي
العراق، إلا أن هذه الدول تبدو مصممة على التعامل بحزم مع التنظيم، إذ تخشى ارتدادات سياساتها الفاشلة في هذا السياق.
وقال فرنسوا هيسبورغ المستشار في مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية في باريس "إنه لأمر جيد أن تحاول هذه الدول الآن أن تخنق هذا الوحش التي غذته"، وذلك عشية الاجتماع العربي الاميركي التركي الذي تستضيفه السعودية في جدة للبحث في سبل مواجهة تنظيم الدولة الاسلامية المعروف إعلامياً بـ"داعش".
ومن المفترض أن يتطرق الرئيس الأميركي باراك اوباما مساء الاربعاء لموضوع "تنظيم الدولة"، إلا أن الخبراء يذكرون بأن أوباما نفسه قال قبل أسبوعين إنه لم تكن لديه "استراتيجية حتى الان"، وذلك بعد سلسلة من الأخطاء خلال السنوات الأخيرة على حد قولهم.
وقال فريديريك ويري المتخصص في شؤون السياسة الأميركية في الشرق الأوسط في معهد كارنيغي للسلام، إن "هناك بكل تأكيد في كل مرة تخوض فيها أميركا لعبة بالوكالة، خطر أن يتحول اللاعبون المنتدبون إلى لاعبين يقومون بخطوات تتعارض مع المصالح الأميركية، أو ينقلون أسلحة إلى عناصر معادية".
وذكر الخبراء بأنه خلال ثلاث سنوات، قام رجال أعمال ورجال دين ومنظمات خيرية من السعودية وقطر والكويت بتمويل مجموعات سنية متنافسة في سوريا في ظل موافقة ضمنية من حكوماتهم التي كانت تنسق الجهود مع واشنطن ولندن وباريس وانقرة من أجل اسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في وجه انتفاضة شعبية تحولت إلى نزاع مسلح.
وبحسب ويري، فإن كثيرين أشاروا في هذا السياق إلى السعودية وقطر اللتين ساهمت المنافسة بينهما في "شلل المعارضة السورية المفككة"، إلا أن الخبير أشار أيضا إلى دور الكويت التي قال إنها كانت "مصدرا للتمويل بالنسبة لمجموعات معارضة تابعة للقاعدة ضمن المعارضة السورية مثل جبهة النصرة".
وفي 15 آب/أغسطس، أدرج مجلس الأمن ستة أسماء على قائمة متطرفين متهمين بالارتباط بالقاعدة، بينهم الكويتي حجاج العجمي، وهو مصدر مهم للأموال.
وبحسب ويري، فإن الرياض حاولت أن تدعم المجموعات الوطنية في سوريا، وبعض الإسلاميين غير المرتبطين بالقاعدة أو بتنظيم الدولة الاسلامية.
وأكد تقرير صدر الإثنين في لندن أن "تنظيم الدولة" يستخدم حاليا في العراق أسلحة أميركية كانت موجهة للمعارضة المعتدلة في سوريا.
وبحسب التقرير، فإن الصواريخ المضادة للدروع التي يستخدمها "تنظيم الدولة" مشابهة لصواريخ +ام 79+ التي سلمتها السعودية للقوات الناشطة تحت مظلة الجيش السوري الحر.
أما قطر، فقد تدخلت في الأزمة السورية بهدف "الحفاظ على نفوذها في المنطقة" عبر دعم مجموعات إسلامية مرتبطة بالإخوان المسلمين بحسب ويري.
ويشير الخبير الأميركي في هذا السياق إلى دور "مشعل الحرائق ورجل الاطفاء" الذي لعبته هذه الدولة التي تحولت لاعبا لا يمكن الاستغناء عنه في المنطقة.
إلا أن الدوحة باتت بحسب ويري تظهر المزيد من الحذر منذ قيام الجيش المصري بانقلاب على الرئيس الشرعي محمد مرسي في تموز/يوليو 2013 ومنذ استلام السعودية الملف السوري.
وبالنسبة لواشنطن، فإن كل شيء تغير مطلع حزيران/يونيو عندما قام جهاديو "تنظيم الدولة" بسحب قسم من مقاتلي القاعدة في سوريا وبشن هجوم صاعق على العراق حيث سيطروا على اراض واسعة ومدن وحقول نفطية.
من جانبه، قال ماتيو غيدير أستاذ العلوم الاسلامية والشرق أوسطية في جامعة تولوز الفرنسية إن "تنظيم الدولة يهدد المصالح الاميركية ويظهر مدى فشل التدخل الاميركي في العراق عام 2003، إذ أن هذا التنظيم ظهر في العراق عام 2006 في ظل الوجود الاميركي واستمر ما بعد انسحاب القوات الاميركية في 2011".
وتدرك دول الخليج المخاطر الناجمة عن نشاط "تنظيم الدولة" إذ تخشى عودة مواطنيها الذين قاتلوا في سوريا والعراق وانخراطهم في أنشطة عنيفة كما حصل في الحالة الأفغانية في التسعينات.
وكانت مجلة "ذي ايكونوميست" أفادت نهاية آب/أغسطس نقلا عن تقرير لمجموعة صوفان التي تتخذ مقرا لها في نيويورك أنه في نهاية ايار/مايو، كان هناك 12 الف مقاتل متطرف في سوريا من 81 بلدا، بينهم 3000 الاف غربي و2500 سعودي.
وكان العاهل السعودي حذر الغرب من إمكانية تمدد تنظيم الدولة الاسلامية ليصل إلى أوروبا والولايات المتحدة في غضون أشهر قليلة ان لم تتم مواجهته، وبسرعة.