الآن، يكفيك في
مصر أن تضغط زر الإعجاب على موقع
التواصل الإجتماعي "فيس بوك" أو أن تعلق على خبر على أحد
المواقع الإخبارية أو تعيد نشر تغريدة على "تويتر" أو حتى تشاهد مقطع فيديو على "يوتيوب" ليقوم رجال الأمن باقتحام بيتك واعتقالك بتهمة الإخلال بالأمن أو التحريض على العنف أو الإنتماء لجماعة إرهابية.
هذا ما أكده موقع "بازفييد" الإخباري الأمريكي الذي قال إن السلطات المصرية بدأت فعليا في مراقبة مواقع الإنترنت على نطاق غير مسبوق، عبر برامج جديدة تستخدمها أجهزة الأمن، تسهل عليها تتبع شخص ما أو جماعة لها توجه سياسي أو إجتماعي معين والحصول على كافة بياناتهم.
وأثار الخبر جدلا كبيرا في مصر خاصة بعد أن تناقلته وسائل إعلام محلية، حيث شن نشطاء سياسيون هجوما حادا على تلك الإجراءات التي يرون أنها تأتي في إطار حملة قمع للحريات تقوم بها السلطات منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013.
ويقول مراقبون إن هناك مخاوف كبيرة من استهداف أفراد عاديين على الإنترنت بسبب تعبيرهم فقط عن آرائهم الشخصية، حتى ولو لم يشاركوا في أنشطة أو احتجاجات على أرض الواقع.
ومنذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، اعتقلت أجهزة الأمن ما يقارب الخمسين ألف مواطن، بسبب مشاركتهم في مظاهرات معارضة، أو إنتماءهم لقوى معارضة، كما أن العديد منهم تم اعتقاله بعد مراقبة أنشطته على الإنترنت وخاصة مواقع التواصل الإجتماعي.
الداخلية تنفي
ونفت وزارة الداخلية مساء الخميس هذه الأنباء، وأكدت عدم تعاقدها مع شركة لمراقبة أنشطة الإنترنت.
وناشدت الوزارة - في بيان لها - وسائل الإعلام مراجعة الأجهزة المعنية قبل ترديد مثل تلك الأخبار، خاصة في تلك المرحلة التي تواجه فيها البلاد تحديات تهدف إلى زعزعة الثقة وإثارة الرأي العام والتقليل من جهود وزارة الداخلية وتضحيات أبنائها، على حد وصف البيان.
كما أصدرت شركة "سي إيجيبت" بيانا - مساء الخميس - نفت تعاقدها مع الداخلية لمراقبة الإنترنت، وأكدت أنها لا علاقة لها بتدريب العاملين بالوزارة على نظم أو أجهزة تستخدم لهذا الغرض.
لكن، وبالرغم من نفي الداخلية والشركة المصرية لهذا الأمر، إلا أن موقع شركتها الأم "بلو كوت" أورد بيانات عن شراء وزارة الداخلية المصرية برامج متابعة لجميع الصفحات والحسابات والمحادثات.
كما كشفت شركة "جوجل" الأمريكية الأربعاء أنها رفضت طلبا تقدمت به الحكومة المصرية، للكشف عن بيانات سرية لعدد من مستخدمي الإنترنت في مصر.
وقالت جوجل - في تقرير الشفافية الذي تصدره بشكل دوري كل ستة اشهر - أن هذه هي المرة الأولى التي تطلب فيه الحكومة المصرية مثل هذا الطلب منذ أن بدأت جوجل في إصدار تقاريرها في عام 2009 والتي بلغت حتى الآن عشرة تقارير.
وكشف التقرير - الذي يغطي الفترة من يناير الماضي إلى يونيو - تعرض جوجل لضغوط شديدة من حكومات عديدة حول العالم بينها مصر لإمدادها بمعلومات المستخدمين لإستغلالها في تحقيقات جنائية.
رقابة غير مسبوقة
وكان موقع "بازفييد" الأمريكي قد أكد الأربعاء الماضي تعاقد أجهزة الأمن مع شركة "سي إيجيبت" المصرية التابعة لشركة أمريكية متخصصة في أمن الانترنت تدعى "بلو كوت" بهدف تشديد الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي داخل مصر.
وذكر الموقع أنه الحكومة المصرية باتت تتمع بقدرات غير مسبوقة في مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي التي يستخدمها المصريون ويمكنها الحصول على بيانات ملايين المستخدمين بما فيها تحديد الموقع الجغرافي للمستخدم وتتبع ومراقبة حركة المرور على الإنترنت.
وأكد تزويد الشركة للأمن المصري ببرامج متطورة للرقابة الإلكترونية تزيد من قدرة مباحث الإنترنت على رقابة مختلف المواقع بشكل مكثف.
ونقل عن مسئولين أمنيين أن الداخلية ستراقب مواقع الإنترنت بمختلف أنواعها والمحادثات الإلكترونية لإيقاف أي أعمال إرهابية، ومراقبة الجماعات التي تعتبر مضادة لقيم المجتمع مثل المثليين جنسيا.
وأنشأت الحكومة المصرية قبل ثورة يناير 2011 بخمسة أشهر فقط قسما في وزارة الداخلية مختص بمراقبة ما يكتب على مواقع التواصل الاجتماعي عبر برامج اشترتها الحكومة من شركات عدة أبرزها
شركة "بلو كوت" الأمريكية و"ناورس" الإسرائيلية.
وأكد "بازفييد" أن الشركة كانت قد فازت بالتعاقد مع أجهزة الأمن المصرية منذ أسابيع قليلة بعد أن تفوقت في مناقصة حكومية على عدة منافسين من بينهم شركة جاما الإنجليزية، وناروس سيستم الإسرائيلية.
وقال رئيس مجلس إدارة الشركة "علي منيسي"، إن "سي إيجيبت" زودت قطاع الأمن الوطني - مباحث أمن الدولة سابقا - بأنظمة تزيد كفاءة الرقابة الأمنية على الشبكة العنكبوتية، وأن الشركة تقوم أيضا بتدريب المسئولين داخل القطاع على التعامل مع تلك الأنظمة، مضيفا أن أنطمة مشابهة لتلك التي وفرتها الشركة للسلطات المصرية يتم استخدامها في عدة دول غربية من بينها أمريكا.
وأوضح أن الأنظمة التي وفرتها الشركة لأجهزة الأمن المصرية يجعلها قادرة على اختراق حسابات في تطبيقات مثل "واتس آب" و"فايبر" و"سكايب" وصندوق البريد الإلكتروني وبرامج أخرى، فضلا عن مراقبة مواقع الإنترنت والمحادثات في موقعي "فيس بوك" و"تويتر" ومشاهدة مقاطع الفيديو على موقع على "يوتيوب".