انتقد الأمين العام للأمم المتحدة، بان
كي مون، الانتهاكات الواسعة التي مازالت تطال الأقليات العرقية والدينية في
إيران.
وأوضح كي مون في تقرير
الأمم المتحدة الأخير، الذي رفعه إلى الجمعية العامة، أن أبناء الأقليات الأثنية والدينية في إيران تعرضوا في الآونة الأخيرة لمزيد من الاعتقالات والمضايقات بسبب خلفياتهم الدينية، والعرقية، ولممارساتهم أنشطة ثقافية ودينية.
واستند كي مون في التقرير إلى تنفيذ السلطات الإيرانية أحكام
الإعدام بحق النشطاء الأحوازيين وسائر النشطاء من أبناء الأقليات الأخرى.
وجاء في تقرير كي مون أن الأقليات في إيران "تتعرض بشكل كبير للتمييز على أساس انتماءاتها العرقية أو معتقداتها الدينية أو آرائها المعارضة، ويتلقى بعضها عقوبات قاسية".
وأشار إلى أنه تم إعدام عدد من السجناء السياسيين الذين ينتمون إلى القوميتين العربية والبلوشية منذ أيلول/ سبتمبر 2013، إثر محاكمات لم تراع فيها المعايير الدولية المتبعة في الإجراءات القانونية الواجبة.
وفي 21 شباط/ فبراير 2014، أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن القلق إزاء ما تردد عن تنفيذ حكم الإعدام سرا في كانون الثاني/ يناير 2014، بحق الشاعر الأحوازي الشهير، هاشم شعباني، والأحوازي الآخر هادي راشدي، وذلك عقب إجراءات قانونية لم تستوف المعايير الدولية المتبعة للمحاكمة العادلة.
وأفاد التقرير الأممي بأن الرجلين حكم عليهما بالإعدام "بتهم المحاربة (العداء لله) والإفساد في الأرض، والقيام بأعمال تخل بالأمن القومي".
وعلاوة على ذلك، أفادت التقارير بأن الناشطين المدافعين عن الحقوق الثقافية علي الكعبي (جبيشات) وسيد خالد الموسوي، قد أعدما بعد أن أقرت المحكمة العليا الحكم في بداية شهر أيار/ مايو 2014، وقد أصدرت مختلف الجهات الحقوقية نداء عاجلا حينها إلى الحكومة تطلب إليها وقف عمليتي الإعدام المقررتين.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2013، أفيد بأن 20 ناشطا كرديا على الأقل ينظرون الإعدام، وفق التقرير.
وتطرق التقرير أيضا إلى ازدياد حالات الإعدام في السنة الماضية، وإجراء محاكمات غير عادلة استنادا إلى اتهامات لا تبرر حكم الإعدام، أو أحكام طويلة الأمد بالسجن، حيث تشكل تلك الأحكام انتهاكا صارخا للقانون الدولي والإنساني، وفق كي مون.
وخلص التقرير إلى أن أحكاما بهذه الشدة والقسوة مرفوضة، وينبغي إيقافها من قبل الحكومة الإيرانية.
وجاء في التقرير أن عقوبة الإعدام نُفذت بمعظم الحالات، "في أعقاب إجراءات لم تمتثل للمعايير الدولية لحقوق الإنسان بشأن المحاكمة العادلة، ومراعات الإجراءات القانونية الواجبة، المنصوص عليها في المادة 14 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
وتردد أن المحكوم عليهم بالإعدام كثيرا ما يحرمون من الاستئناف، وتجري المحاكمات في الكثير من الأحيان خلف أبواب مغلقة، ولا تزال الاعترافات المنتزعة بالإكراه والتعذيب تستخدم كأدلة إثبات في إجراءات المحكمة، بحسب التقرير الأممي.
وأشار الأمين العام للأمم المتحدة إلى إعدام عدد من الأفراد سرا، دون أن يعلم أقرباؤهم، وفي بعض الحالات لم تسلَّم أجساد الضحايا إلى أسرهم لدفنهم حسب الأصول، وطبقا للشعائر الدينية.
واستند التقرير الأممي إلى أنه جرى تنفيذ أكثر من 197 إعداما في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و10 حزيران/ يونيو 2014، وجرى إعدام معظمهم سرا.
وتشير التقديرات إلى أن السلطات الإيرانية نفّذت حوالي 814 عقوبة إعدام خلال السنة الأولى من حكومة الرئيس الإيراني الحالي، حسن
روحاني، وبهذا الرقم تكون عمليات الإعدام ارتفعت بنسبة 47% مقارنة مع السنة الأخيرة من حكومة أحمدي نجاد التي شهدت تنفيذ 553 عقوبة إعدام.
ويعتبر هذا العدد رقما قياسيا جديدا خلال الـ15 عاما الأخيرة في إيران، حيث تم تنفيذ عقوبة الإعدام في حق 19 إمرأة و16 شخصا من بين الذين ارتكبوا الجريمة في سن أقل من 18 عاما، وأُعدموا بعد بلوغهم الثامنة عشرة.
ويشير التقرير إلى أن أكثر من 160 حدثا ينتظر تنفذ حكم الإعدام فيهم حاليا.
وفي جانب آخر من تقريره، أشار كي مون، إلى أن الرئيس الإيراني روحاني، لم يف بوعده في إزالة أو التخفيف من الانتهاكات الواسعة في مجال حقوق الإنسان والحريات، وأن بعض الخطوات التي أتُخذت بخصوص آليات تطبيق العدالة بحق المواطنين وانتشار الحريات لم تكن كافية، ولم يطرأ عليها تحسن يذكر.
وقال كي مون إنه تم توقيف العديد من الأشخاص في الأشهر الماضية من قبل السلطة القضائية، بينهم صحفيون، ومدوّنون، ومخرجون، وكتاب، وصدرت بحقهم أحكام على خلفية نشاطهم الصحافي أو تعبيرهم عن آرائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وحاليا هم يقضون حياتهم في السجون دون مبرر.
وأشار كي مون إلى أن وعود روحاني "لم يترتب عليها حتى الآن تحسن كبير، وما زالت القيود على حرية التعبير مستمرة في التأثير على العديد من مناحي الحياة".
وأفاد التقرير أيضا بأن الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام الأخرى يتم استدعاؤهم أو احتجازهم بواسطة القضاء أو يواجهون مضايقات وهجمات من قوات الأمن.
وأكد أن التمييز ضد الأقليات العرقية والدينية مستمر في القانون وفي الواقع.
وذكر التقرير أنه تجري محاولات كثيرة من قبل السلطات لحرمان المواطنين الإيرانين من استخدام مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" و"تويتر"، بينما يستخدم المسؤولون والرؤساء في السلطة هذه المواقع من أجل الترويج لهم ولأغراضهم السياسية، وفق التقرير.
وأعرب كي مون في نهاية تقريره عن قلقه البالغ إزاء تقارير تفيد بتزايد عدد حالات الإعدام، بما فيها حالات إعدام السياسيين، وكرر دعوته للحكومة الإيرانية إلى وقف العمل بعقوبة الإعدام، وحظر إعدام المجرمين الأحداث في جميع الظروف.
وحث الأمين العام على إتاحة المجال للمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، بمن فيهم المدافعون عن حقوق الإنسان والمحامون الذين أاحتجزوا لا لسبب سوى ممارسة حقوقهم بصورة مشروعة في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
وأعرب كي مون عن أسفه لعدم السماح حتى الآن للمقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران، الدكتور أحمد شهيد، بزيارة البلد رغم الطلبات المتكررة في هذا الصدد.
ومن جهته، قال النشاط السياسي الأحوازي الشهير والمرشح السابق للانتخابات البرلمانية الإيرانية، عبد الرحمن الحيدري، لـ"عربي 21" إن ما جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة يعكس جانبا قليلا مما تعانيه الأقليات على الأراضي الإيرانية لاسيما العربية منها والأحوازية.
وأضاف أن التجارب السابقة أثبتت أن النظام الإيراني لا يعير اهتماما لقرارات المجتمع الدولي، وأنه ماضٍ في "بطشه وظلمه ضد أبناء الشعوب وسائر أفراد المجتمع الإيراني".
وأكد أن هذه التقارير والممارسة الإيرانية تثبت ضرورة اتخاذ خطوات عملية وصارمة من قبل المجتمع الدولي، لكبح جماح النظام الإيراني وللمحافظة على أرواح الآلاف من المعتقلين، والنشطاء السياسيين، والصحفيين. و"باعتقادي آن الأوان لنقل ملف حقوق الإنسان في إيران إلى مجلس الأمن"، بحسب الحيدري.