استعدت السلطات
المصرية للعام الدراسي الجديد بجامعة الأزهر باتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وقانونية وأمنية غير مسبوقة في تاريخ الأزهر؛ لمنع تكرار مشاهد الاحتجاج الغاضبة التي هزت أركان الجامعات العام المنصرم، وقادها
طلاب المعارضة وجماعة الإخوان المسلمين التي تحظى بتأييد قوي بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
نائب رئيس
جامعة الأزهر الدكتور أحمد حسن قال لـ "عربي 21" إن السلطات اتخذت إجراءات كافية، من شأنها أن تسهم في تعزير الانضباط والالتزام داخل جامعة الأزهر.
بدوره، اعتبر الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية سامح عيد أن كل الإجراءات التي اتخذتها الدولة لن تمنع من اندلاع الاحتجاجات داخل حرم الجامعة ، متوقعا خروج مظاهرات قوية وعنيفة.
وقال في حديثه لـ"عربي 21" ربما ستنخفض الأعداد ، ولكن المجموعات المتبقية ستكون أكثر حراكا وعنفا خاصة مع وجود قاعدة عريضة للإخوان داخل جامعة الأزهر.
الجامعة الوحيدة التي طالبت بوجود الشرطة
وأشعلت تظاهرات الطلاب جامعة الأزهر العام الماضي وجعلت منها بؤرة ساخنة في مواجهة النظام الجديد.
وأكد نائب رئيس جامعة الأزهر الدكتور أحمد حسن أن جامعة الأزهر هي الجامعة الوحيدة التي طالبت بوجود الشرطة داخل الجامعة، لمنع أعمال الشغب من قبل "الطلاب المخربين"، على حد وصفه.
من جهته انتقد سامح عيد تلك الخطوة، واعتبرها بمثابة صب الزيت على النار، داعيا إلى عدم الزج بقوات الشرطة داخل الحرم الجامعي واقتصارها على التعامل مع المظاهرات التي تجتاز البوابات الرئيسية إلى الشوارع.
وسبق وتوعدت الحكومة على لسان رئيس الوزراء إبراهيم محلب بأن الدولة لن تتسامح مع أعمال العنف في أي حرم جامعي، ما يشير إلى تخوفات حقيقية لدى النظام من إعادة إنتاج مشهد العام الماضي.
تفصيل قوانين لمواجهة الحراك الطلابي بالأزهر
وقبيل عودة الطلاب إلى الجامعات بعد عطلة صيفية طويلة وافقت الحكومة على تعديل قانون تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها لمواجهة موجات الاحتجاجات المتوقع حدوثها.
وتنص التعديلات على فصل أي طالب أو عضو بهيئة التدريس إذا حرض أو دعم أو شارك في الاحتجاجات التي تعطل الدراسة أو إثارة الشغب أو التخريب.
وقال نائب رئيس جامعة الأزهر الدكتور توفيق نور الدين: "نأمل أن تؤدي حزمة الإجراءات والقوانين التي تم اتخاذها إلى بدء عام جديد هادئ خالي من مظاهر الاحتجاج والعنف".
وبشأن رفض بعض أعضاء هيئة التدريس لتلك التعديلات التي تنسف كل حياتهم العلمية بجرة قلم من رئيس الجامعة، قال الدكتور نورالدين في حديثه لـ"عربي 21" : "لا يثير هذا القانون غضب أحد إلا المشاغبين"، متسائلا :"ما الضرر الذي يقع على الأستاذ الجامعي لو احترم القواعد والقوانين، وعليه أن يكون قدوة للطلاب، ولا يخشى القانون إلا المخالف"، بحسب قوله.
في المقابل انتقد سامح عيد القرار، واعتبره تغولا على حقوق أعضاء هيئة التدريس، يرهن مستقبلهم بقرار من رئيس الجامعة، وقد يستخدم القانون بشكل تعسفي، ويكون من أجل تصفية الحسابات، خاصة وأن جميع المناصب داخل الجامعات أصبحت بالتعيين وليس بالانتخاب.
الجامعات ملاذ آلاف الطلاب منذ تطبيق قانون التظاهر
ومع اتساع دائرة قمع المعارضين تراجعت حدة الاحتجاجات في الشوارع، وأصبحت الجامعات ملاذا لآلاف الطلاب منذ تطبيق قانون التظاهر الذي يصفه البعض بغير الدستوري، وضجت بالمسيرات الرافضة للقمع وللنظام الجديد.
وفي ذات السياق قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية أحمد بان لـ"عربي 21" : "لا تزال الدولة تواجه معضلة حقيقية في طريقة تعاطيها مع الشباب على جميع المستويات، وهو الذي قاد جميع أشكال التغيير منذ ثورة يناير وحتى الآن، ولم يمكن من ممارسة دوره الحقيقي، وتم استبعاده بدلا من مشاركته في صنع القرار، مطالبا الدولة بالتفريق بين المظاهرات السلمية، والمظاهرات التخريبية".
إلا أن المخاوف من عام دراسي جديد حافل بالتوتر والمظاهرات؛ دفع جامعة الأزهر وغيرها لإصدار تعليمات تمنع الطلاب من التعبير عن انتمائهم الحزبي داخل الحرم الجامعي.
وقامت جامعة الأزهر بعمل بوابات كهربائية، ونصبت العديد من أجهزة المراقبة على البوابات الرئيسة، ووضعت أجهزة حولتها إلى هيئات أمنية أو ثكنات عسكرية.
النظام الجديد يقضي على مكاسب الحراك الطلابي
ويرى كثير من طلاب الجامعات المصرية أن مكاسبهم بمنع الحرس الجامعي من دخول الجامعات لقمع الاحتجاجات، ومراقبة المعارضين ذهبت أدارج الرياح بصدور حكم آخر في وقت سابق هذا العام يسمح للشرطة بالتدخل إذا ارتكبت أفعالا مخالفة للقانون.
ويقول البعض إن هناك شعورا عاما داخل الجامعات بمنع الحريات وزيادة القمع، وهذا التضييق لا يشعر به مؤيدو جماعة الإخوان وحدهم؛ بل تشعر به مجموعات أخرى من بينها اليساريون والليبراليون.