أظهرت
دراسة بريطانية أن أسباب اندفاع الشبان المسلمين للقتال في مناطق الحرب، خاصة سوريا والعراق، انها مرتبطة بظروف
اجتماعية ونفسية وعلاقات مع الواقع الاجتماعي وتاريخ الهجرة.
جاء هذا في وقت أعلن فيه عن مقتل شاب مسلم من مدينة برايتون الساحلية في الغارات الأميركية على سوريا، واسمه إبراهيم كامارا (خليل البريطاني).
وجاء في الدراسة أن الشبان المسلمين الذين هاجرت عائلاتهم وعاشت لأجيال طويلة في بريطانيا هم أكثر عرضة للتجنيد لمحاور الحرب من أبناء المهاجرين حديثي العهد.
وأظهرت الدراسة، التي أجراها فريق بحثي في جامعة كوين ماري- جامعة لندن، أن الشعور بالكآبة وبحبوحة العيش والعزلة الاجتماعية، تعتبر من أسباب تعاطف الشباب مع المتشددين والجماعات
الإرهابية.
وقامت الدراسة على عينة من 600 رجل وأمرأة، تتراوح أعمارهم ما بين 18-45 عاما، حيث وجهت لهم أسئلة حول حياتهم ومواقفهم. وتم قياس خطر تعرضهم للانضمام للجماعات المتشددة بناء على مستوى تعاطفهم أو شجبهم لـ 16 فعلا إرهابيا مثل العمليات الانتحارية لمواجهة الظلم.
وأظهر المشاركون، الذين شجبوا وبقوة وبطريقة منتظمة الاحتجاجات العنيفة والإرهاب، أنهم كانوا على اتصال دائم مع عائلاتهم وأصدقائهم.
وكشفت الدراسة أيضا أن المهاجرين الجدد إلى بريطانيا ممن يعانون من أوضاع سيئة ربما كانوا عرضة للوقوع في التطرف.
ويقول البروفسوركمالديب بوي، الذي قاد الدراسة وأستاذ التحليل النفسي الثقافي والأوبئة في كوين ماري "تظهر الجماعات المهاجرة درجة عالية من شجب الإرهاب، وأعتقد أن المهاجرين الجدد يعيشون كفاحا شاقا، وبذلوا الكثير حتى وصلوا إلى هنا".
وأضاف "لديهم الكثير من المصاعب التي يجب عليهم مواجهتها، وهم ليسوا في وضع للحديث عن أفكار تتعلق بمظاهر سخطهم وظلمهم، فيما يشعر الناس الذين ولدوا هنا بالأمن حيث يعيشون".
وبينت الدراسة، التي أجريت على عينة من مسلمي شرق لندن وبرادفورد، أن أبناء المهاجرين من بنغلاديش هم الأكثر ميلا لشجب الإرهاب، خاصة أن الأقلية البنغلاديشية تعاني الكثير من المشاكل.
وتوصل الباحثون أيضا إلى أن أبناء العائلات التي تعيش في بحبوحة من العيش لديهم ميل أكثر للتعاطف مع الأعمال الإرهابية، ولكن ليس بالطريقة التي توقعها الباحثون، فمن لا يشعر منهم بالسعادة أو من لا يحسون بأمن في أحيائهم، وعانوا بدرجة ما من تجربة عنف، يظهرون ميلا أقل للتعاطف مع الأعمال الإرهابية.
وتشير الدراسة أن من يعانون من
كآبة خفيفة يظهرون تعاطفا أكثر نحو الاحتجاجات العنيفة والإرهاب، كما أن من لديه شعور بفقدان الأمل والتشاؤم من الحياة ومصاعب
نفسية ناتجة عن العزلة الاجتماعية يظهر ميلا للتعاطف، وتسهم هذه الأعراض في مفاقمة مواقفهم المتطرفة.
وتنقل الدراسة عن البروفسور بوي قوله إن "العلاقة بين التشدد والمرض العقلي معقدة، ولكننا نعرف الآن أن الاكتئاب، إضافة لشبكة علاقات اجتماعية ضيقة، والشعور بالعزلة، يلعب دورا في الميل نحو التشدد".
ويأمل الباحثون أن تلعب نتائج دراستهم في تحديد من هم في خطر للوقوع تحت تأثير الآراء المتطرفة والتعاطف معها، وتعين بدرجة ما على تدخل السلطات الصحية لمعالجة الشبان باكرا قبل تجنيدهم في الجماعات الإرهابية.
ويضيف البروفسور بوي معلقا على سياسات مكافحة التشدد بالقول "لقد أنفقنا جهودا كبيرة ووقتا طويلا ومالا لمكافحة الإرهاب لكن لم يتم الالتفات إلى منع التشدد قبل حصوله، ويجب علينا تغيير هذا المدخل والتوقف عن انتظار الإرهاب حتى يحصل قبل أن نتحرك ضده. فالعنف الذي نشاهده في سوريا العراق مدمر، وهو مثال على هذا حيث يتعرض الشبان البريطانيون العاديون لخطر التشدد، ويدفعهم لترك حياتهم في المملكة المتحدة والانضمام لمستقبل لا أمل فيه، وفي بعض الأحيان ارتكاب جرائم ضد أناس أبرياء".