يتردد بين الحين والآخر حديث عن "مبادرة" من جانب الرئيس السابق للائتلاف الوطني السوري، الشيخ أحمد
معاذ الخطيب، للحل السياسي في سورية، لكن حتى الخطيب نفسه الذي لم ينكر سعيه لمثل هذه المبادرات لم يشر إلى وجود مبادرة مفصلة، وإنما يتحدث دائما عن "أفكار" يجري بحثها مع شخصيات من المعارضة وأخرى موالية للنظام.
لكن صحيفة الأخبار اللبنانية، الموالية لحزب الله والنظام السوري، نشرت تقريرا للكاتب سامي كليب يقول إن الخطيب "سلَّم"
إيران مشروعه للحل في سورية، وفق ما نقله التقرير عمن قال إنه "مصدر مقرب من المعارضة السورية".
ورغم أن الخطيب صرح مؤخرا بأنه لم يزر طهران مطلقا، لكن التقرير اعتبر أن الخطيب "لا يستطيع أن ينفي التواصل أكثر من مرة مع مسؤولين إيرانيين أو مقربين منهم. لا بل إنه أعرب مراراً عن استعداده لزيارة أي عاصمة إذا كان في ذلك ما يوقف نزيف الدماء"، معتبرا أن الخطيب "يسعى إلى إقناع أطراف غربية وعربية بضرورة إشراك إيران فيه".
وخلال تسلمه رئاسة الائتلاف أواخر عام 2012، طرح الخطيب ما أسماها "أفكارا" للحوار في سورية. وأثار ما طرحه الخطيب آنذاك انتقادات واسعة إليه من جانب المعارضة السورية، لأن هذه "الأفكار" طرحت على صفحة الخطيب في الفيسبوك؛ دون تنسيق أو مشاورات داخل الائتلاف. وبعدما خرج الخطيب من الائتلاف لاحقا، تحدث مرارا عن أفكار مشابهة دون بلورتها في مبادرة سياسية مقبولة من الأطراف المعنية.
وكتب الخطيب مؤخرا: "كفى غباء سياسياً ومتاجرة ببلادنا وشعبنا. وقد ابتلينا بمعارضين أغبياء او أجراء يظنّون ان حضور ندوات
حوارية تابعة لمؤسسات استخبارية غربية فيها طهارة اكثر من نداء مفتوح لإيقاف النزيف البشري وشلال الدماء في سورية". كذلك انتقد "الذين لم يعرفوا سورية ولا أهلها، ويضعون أنفسهم قضاة على شعبنا وأهلنا، ويبثّون سمّهم في كل دسم، وكل من يخرج عن هيمنتهم فصلوه وشرذموه، وما هم إلا داعش الفكر ومقدمة داعش الدم والقتل والتوحش".
وحسب الصحيفة فإن "مواقف الخطيب الداعية الى
حل سياسي لاقت تشجيعاً من قبل حلفاء (النظام في) سورية وجوبهت بانتقادات لاذعة من قبل رفاقه السابقين. لكن القريبين من الشيخ الدمشقي يؤكدون أن حركته الجديدة تلاقي أصداء إيجابية حتى بين أولئك الذين كانوا يعتقدون حتى الأمس القريب بأن الغرب سيساعدهم لإسقاط النظام السوري".
كما تتحدث الصحيفة عن "معلومات أخرى بأن اجتماعاً حصل مؤخراً في بيروت لمناقشة أفكار الخطيب، وجرى تواصل مباشر معه من خلال شاشة عرضت في مقر الاجتماع"، وتساءلت: "هل كان حزب الله على علم؟ ربما نعم".
وخلال زيارته الأخيرة الى مقر الاتحاد الأوروبي، شدد الخطيب "على ضرورة حضور إيران في البحث عن حل بديل أو مواز لمؤتمر جنيف"، حيث أنه يعتقد بأن "طهران باتت في مأزق بسبب استنزافها في سورية، وبالتالي فإن إشراكها في الحل قد يضمن لها أيضاً مخرجاً لائقاً. ويرى أن
المفاوضات الغربية ـــ الإيرانية باتت تسمح للدول الأوروبية بأن تقنع القيادة الإيرانية ليس بالتخلي عن دعمها للنظام، وإنما بإقناعه بحل سياسي جدي".
وتضمن مبادرة الخطيب بنودا مثل وقف إطلاق النار، وتشكيل حكومة تضم المعارضة والنظام، والبدء بحوار جدي يفضي إلى دستور جديد وانتخابات وتعديل بنية النظام الحالي لكي تتسع لكل الأطراف.
لكن الصحيفة الموالية للنظام السوري حاولت القول بأن "الخطيب نفسه يعترف بضعف تمثيل المعارضة بسبب الخلافات المستحكمة بين أركانها، لذلك فهو يبحث عن "خيار ثالث" يكون بديلاً عن كل المعارضات الحالية ويجمع شخصيات تكون قادرة فعلاً على تمثيل المعارضة والشارع السوري وقادرة على محاورة النظام".
وفي المقابل، تنقل الصحيفة عن مسؤول سوري قوله: "التحاور مع قائد فصيل مسلح في الداخل وتعزيز المصالحات صار أفضل من كل المعارضة الخارجية التي ارتهنت تماماً لدول دمرت سورية. وإذا كانت المعارضة غير قادرة على حل مشاكلها بين بعضها البعض، فهل تستطيع فعلا ان تمون على شارع لكي نحاورها؟".
وكان الخطيب قد أعاد الشهر الماضي الحديث عن مبادرته، مشددا على أن كل البنود "تندرج تحت جنيف واحد". كما تحدث عن ضرورة "التفاوض المباشر لأن سورية تقاد إلى الفناء ولا بد من مخرج". لكنه أوضح في المقابل أنه لم يحصل حتى الآن "اتصال رسمي من طرف النظام، لكن هناك قبول عال تماما من الجسم المدني (ممن ينتسب إلى النظام) وهناك اتصالات خاصة من أطراف داخل الثورة رحّبت من أجل الوصول إلى صيغة توقف حمام الدم السوري".
كما نقلت صحيفة "الحياة" في وقت سابق أن طهران عرضت على الخطيب تسلم رئاسة الوزراء في سورية مع بدء ولاية بشار
الأسد الجديدة، لكن الخطيب اشترط البدء بخطوتين لـ"بناء الثقة وحسن النية"، تتعلق الأولى بإطلاق سراح جميع النساء والأطفال من المعتقلات السورية، وتتعلق الثانية بقرار رسمي سوري بمنح جوازات سفر لجميع السوريين المقيمين في المغتربات، علماً أن هذين الشرطين كان اقترحهما الخطيب عندما كان رئيساً للائتلاف.
وقالت الصحيفة حينها إن الخطيب طلب حصول هذين الأمرين خلال أسبوعين قبل الانتقال الى المرحلة الثانية من التفاوض، وتتضمن ضمانات إيرانية وروسية بأن يكون رئيس الوزراء الجديد "يتمتع بصلاحيات حقيقية" تبدأ بالجانب التنفيذي والاقتصادي، "على أن تجري مفاوضات سابقة ضمن حوار سوري - سوري لتوسيع صلاحيات رئيس الوزراء و تخفيف صلاحيات رئيس الجمهورية، بناء على دستور سوري جديد والبناء على المصالحات بإدارات محلية".