احتفلت أفغانستان الاثنين بتنصيب أول رئيس جديد منذ عشر سنوات، وأدى
أشرف عبد الغني اليمين ليرأس حكومة اقتسام سلطة في الوقت الذي يمثل فيه انسحاب معظم القوات الأجنبية اختبارا حاسما.
ولم يكن أول انتقال ديمقراطي للسلطة في تاريخ أفغانستان سلسا، ولم يتم التوصل لاتفاق على تشكيل حكومة وحدة إلا بعد مأزق استمر شهورا بشأن انتخابات أعلن كل من عبد الغني ومنافسه عبد الله عبد الله فوزه فيها.
وفي إبراز للمشاكل التي تواجه الرئيس الأفغاني الجديد وقع انفجار قرب مطار العاصمة الأفغانية كابول الاثنين قبل دقائق من أداء عبد الغني اليمين. وقال شاهد من رويترز إنه رأى جثثا في المكان، ولم يتضح عدد الأشخاص الذين قتلوا وأصيبوا.
وقال أحد أفراد قوات الأمن إن انتحاريا هاجم نقطة تفتيش أمنية قرب المطار.
وأعلنت حركة طالبان المسؤولية عن الهجوم.
وجاء الهجوم في الوقت الذي تجمع فيه كبار الشخصيات في كابول لحضور مراسم أداء عبد الغني اليمين الدستورية. وسيتولى الرئاسة خلفا لحامد كرزاي في وقت حساس مع استعداد القوات الأجنبية للانسحاب من البلاد ومع اشتداد القتال ضد متشددي حركة طالبان.
وفي كلمته ناشد عبد الغني حركة طالبان ومتشددين آخرين الانضمام إلى محادثات سلام ووضع حد لأكثر من عقد من أعمال العنف. ويقتل آلاف الأفغان كل عام جراء العنف.
وقال إن "الأمن مطلب رئيسي لشعبنا ونحن مللنا هذه الحرب.. أدعو حركة طالبان والحزب الإسلامي إلى الاستعداد لإجراء مفاوضات سياسية".
يذكر أن الحزب الإسلامي فصيل متحالف مع طالبان.
وتعهد عبد الغني أيضا بكبح الفساد ودعا إلى التعاون داخل الائتلاف الحكومي.
وقال في كلمته التي استمرت نحو ساعة، إن "حكومة الوحدة الوطنية لا تعني فقط
اقتسام السلطة ولكن العمل معا".
وظهرت بالفعل بوادر توتر في الائتلاف الهش الذي سيدير البلاد. ونشب خلاف على توزيع الحقائب الوزارية وما إذا كان عبد الله سيلقي كلمة في حفل تأدية اليمين. وقال مساعد لعبد الله إن معسكره هدد بمقاطعة حفل
التنصيب الاثنين، لكن النزاع حل بعد اجتماعات في ساعة متأخرة من الليل مع السفير الأمريكي.
وكان عبد الله حاضرا لدى بدء الاحتفال ووقف إلى جوار عبد الغني.
وأولى مهام عبد الغني بعد أداء اليمين كانت التوقيع على مرسوم بتشكيل منصب كبير المسؤولين التنفيذيين للحكومة الجديدة والذي سيشغله عبد الله وهو منصب موسع له سلطات مماثلة لسلطات رئيس وزراء استحدث للخروج من مأزق الانتخابات.
وأدى عبد الله اليمين بعد ذلك بدقائق وألقى كلمة قبل أن يلقي عبد الغني بكلمته.
ويمثل تنصيب الرئيس نهاية عهد برحيل الرئيس كرزاي، وهو الزعيم الوحيد الذي عرفه الأفغان منذ أن أطاح غزوٌ قادته الولايات المتحدة عام 2001 بحركة طالبان التي وفرت ملاذا للقاعدة.
وعززت إجراءات الأمن المشددة بالفعل في العاصمة كابول قبل حفل تنصيب الرئيس، خشية أن يحاول مقاتلو طالبان تعطيل الحفل أو مهاجمة الشخصيات الدولية البارزة التي قدمت لأفغانستان لحضور حفل التنصيب.
ويأمل كل من المؤيدين الأجانب والأفغان أن يتمكن عبد الغني وعبد الله من تنحية خلافاتهما الانتخابية الحادة، والعمل على تحسين الحياة في بلد يعاني من ويلات الحرب والفقر منذ عشرات السنين.
وترث الحكومة الجديدة مشكلات ضخمة، من بينها محاربة طالبان التي شنت في الأشهر الأخيرة مزيدا من الهجمات الأكثر جرأة مع انسحاب القوات الأجنبية.
وسيتعين على عبد الغني إعادة ضبط العلاقات مع الولايات المتحدة التي توترت في السنوات الأخيرة في ظل حكم كرزاي.
ومن المتوقع أن يكون من بين أول أعمال الحكومة الجديدة توقيع اتفاق أمني ثنائي يسمح لقوة صغيرة من القوات الأمريكية بالبقاء في أفغانستان لتدريب ومساعدة الجيش والشرطة ويسمح للولايات المتحدة بالاحتفاظ ببعض القواعد العسكرية. ومن المتوقع بقاء قرابة 10 آلاف جندي أمريكي.
وقال السفير الأمريكي جيمس كانينجهام الاثنين، إن ممثلا للرئيس الأفغاني الجديد سيوقع الاتفاق صباح الثلاثاء بالقصر الرئاسي في العاصمة كابول.
ورفض كرزاي التوقيع عليه، لكن عبد الغني وعبد الله يؤيدان التوقيع عليه فورا.
يشار إلى أن حفل التنصيب أقيم في مجمع قصر الرئاسة الضخم. وشمل الحضور شخصيات أجنبية بارزة من بينها الرئيس الباكستاني ممنون حسين ومستشار البيت الأبيض الكبير جون بوديستا.
وستواجه الحكومة الجديدة أزمة مالية على الفور. وطلبت كابول التي تعتمد على المساعدات الخارجية من الولايات المتحدة ودول مانحة أخرى 537 مليون دولار لتسديد نفقاتها حتى نهاية العام.