قال المعلق المعروف
جون مونبيوت ساخرا "دعونا نقصف
العالم الإسلامي- كله من أجل إنقاذ حياة الناس، وبالتأكيد فهذا هو الخيار الأخلاقي الصحيح"، وتساءل: "لماذا نتوقف عند تنظيم الدولة عندما ذبحت وعذبت حكومة النظام السوري الكثيرين؟ وكان هذا الواجب الأخلاقي -ضرب النظام السوري- في العام الماضي، وما الذي تغير؟".
وأضاف في مقاله بصحيفة الغارديان "ماذا عن تفجير الميليشيات الشيعية في العراق، واحدة منها متهمة بقتل أربعين شخصا في شوارع بغداد في حزيران/ يونيو الماضي. وأخرى ذبحت 68 في مسجد في آب/ أغسطس الماضي. وتتحدث هذه الميليشيات بشكل مفتوح عن "تطهير" و"محو" بعد هزيمة (
داعش)".
ويتحدث سياسي شيعي بارز محذرا: "نقوم بخلق جماعات شيعية قاعدية متشددة، تشبه تنظيم القاعدة السني المتشدد".
ويتابع مونبيوت: "ما هو المبدأ الإنساني الذي يوقفك؟ في غزة قتل 2,100 فلسطيني، بمن فيهم ناس التجأوا للمدارس والمستشفيات، وبالتأكيد فهذه الفظائع تحتاج لحملة قصف جوي ضد إسرائيل؟، وماذا عن المبدأ الأخلاقي الذي يمنع من تصفية إيران؟. فقد أعدم محسن أصلاني، الأسبوع الماضي، بتهمة التجديف والابتداع في الدين -حيث اقترح أن قصة يونس في القرآن الكريم كانت رمزية وليست حقيقية- وبالتأكيد فهذا فعل يستحق تدخلا إنسانيا من فوق -قصف جوي- أليس كذلك؟. وفي باكستان هناك صراخ من قنبلة صديقة، من محمد أصغر، الرجل البريطاني العجوز، الذي يعاني من انفصام الشخصية، ومثل بقية المرتدين، ينتظر الإعدام هناك، بسبب زعمه أنه نبي، وأطلق عليه أحد حراسه النار وأصابه في ظهره".
ويمضي الكاتب "ألا توجد هناك حاجة طارئة كي نقصف
السعودية؟ البلد الذي قطع في هذا العام رؤوس 59 شخصا باتهامات تتراوح بين الزنا والسحر والشعوذة. وتمثل السعودية تهديدا دائما على
الغرب، أكثر مما يمثله (داعش) اليوم. وفي مذكرة سرية أعدتها هيلاري كلينتون عام 2009 قالت فيها: "ما تزال السعودية ممولا مهما للقاعدة وطالبان وغيرهما من الجماعات الإرهابية". وفي تموز/ يوليو كشف المدير السابق للاستخبارات البريطانية (أم أي 6) ريتشارد ديرلاف، ما قاله الأمير بندر بن سلطان، الذي كانت آخر مناصبه مدير الاستخبارات السعودية (الوقت ليس بعيدا، ريتشارد، الله يساعد الشيعة، عندما يضج أكثر من مليار سني منهم). ويلقي الكثيرون اللوم في صعود (داعش) على دعم السعوديين للميليشيات السنية أثناء فترة الأمير بندر، فلماذا نضرب المؤسسات التابعة ونترك المقرات الرئيسية؟".
ويشير الكاتب للنقاش الذي دار في البرلمان البريطاني الأسبوع الماضي "النقاش الإنساني يمكن تطبيقه لتسوية كل الشرق الأوسط وغرب آسيا، وبهذا نعني أننا سننهي كل المعاناة الإنسانية، ونحرر الناس في هذه المناطق من وادي الدموع الذي يعيشون فيه" .
ويقول "قد تكون هذه هي الخطة، فالرئيس باراك أوباما قصف سبع دول إسلامية، وفي كل دولة تحدث عن الواجب الأخلاقي، والنتائح كما تراها في ليبيا والعراق وباكستان وأفغانستان واليمن والصومال وسوريا، تدمير الجماعات الجهادية والتخلص من النزاع والفوضى والقتل والاضطهاد والتعذيب. فقد قام ملائكة الغرب بتخليص الأرض من الشرور".
ويواصل مونبيوت "اليوم لدينا هدف وسبب لإنزال الرحمة من السماء وبمنظور مشابه للنجاح، نعم، أجندة وممارسات (داعش) مثيرة للقرف، فهو يقتل ويعذب ويرهب ويهدد. وكما يقول أوباما فهو (شبكة موت) لكنه واحد من شبكات الموت، والأسوأ من هذا أن ما يريده (داعش) هو حرب صليبية".
ويلفت الكاتب البريطاني إلى أنه "إذا نجحت عمليات القصف -وهي "إذا" كبيرة- فستؤدي لحرف ميزان الحرب ضد (داعش)؟، وعندها سنبدأ بالاستماع عن فرق الموت الشيعية والواجب الأخلاقي لتدميرها أيضا، مع أي مدني يجد نفسه في وسط الحرب. فالأهداف تتغيير ولكن السياسة لا. ليس مهما السؤال ولكن الجواب هو القصف. فباسم السلام وحماية الحياة تقوم حكوماتنا بشن حرب أبدية".
ويوضح "مع سقوط القنابل، تقوم دولنا بالدفاع عن شبكات موت أخرى، فما تزال حكومة الولايات المتحدة -رغم وعود أوباما- الإفراج عن 28 صفحة تم حجبها من التقرير الرسمي، الذي أعده الكونغرس حول هجمات 11/ سبتمبر، تتحدث عن تواطؤ السعودية في الهجمات. في بريطانيا وفي عام 2004 بدأ مكتب التحقيق في الجرائم الخطيرة في اتهامات برشاوى ضخمة، دفعتها شركة السلاح البريطانية "بي إي إي" للوزراء السعوديين والوسطاء. وعندما كان يريد المكتب نشر أدلة مهمة تدخل توني بلير وأوقف التحقيق. وكان أكبر مستفيد هو الأمير بندر. ويزعم مكتب التحقيق في الرشاوى الخطيرة أن الأمير بندر، وبموافقة من الحكومة البريطانية، حصل على مليار جنيه استرليني في دفعات سرية من شركة بي إي إي".
وينوه مونبيوت أن "القضية ما تزال مستمرة، ففي الأسبوع الماضي نشرت المجلة الساخرة "برايفت آي"، وبناء على ملف يضم وثائق ورسائل إلكترونية، أن الشركة البريطانية دفعت 300 مليون جنيه إسترليني رشوة لتسهيل عمليات بيع أسلحة للحرس الوطني السعودي".
ويختم الكاتب بالقول: "لا توجد حلول عسكرية جيدة، يمكن للتدخلات العسكرية الأميركية والبريطانية هندستها، ولكن هناك حلول سياسة يمكن لحكوماتنا لعب دور ثانوي فيها: مثل دعم تطوير دول فاعلة لا تعتمد على القتل والميليشيات، بناء مؤسسات مدنية لا تعتمد على الإرهاب، المساعدة في بناء ممرات آمنة، ومساعدات للناس الذين يتعرضون للخطر، وهذا هو المهم التوقف عن دعم ورعاية شبكات السلاح والموت. ففي أي مكان قامت فيه قواتنا المسلحة بقصف أو غزو دولة مسلمة، فقد جعلوا الحياة جحيما للناس الذين يعيشون فيها. فالمناطق التي تدخلت فيها حكوماتنا، هي التي تعاني أكثر من الإرهاب والحرب، وهذا ليس مفاجئا أو مصادفة. ولكن ساستنا لم يتعلموا شيئا، فهم يشددون على أن القتل سيحل وبطريقة سحرية النزاعات المتجذرة، ولهذا يرمون القنابل على الناس مثل الغبار السحري".