كتب هشام ملحم: مرة أخرى يتهرب الرئيس الأميركي باراك
أوباما من تحمل مسؤوليته عن الإخفاق الأميركي في التصدي لخطر "الدولة الاسلامية" (
داعش)، ومنع الوضع في العراق من الانهيار. الأحد ادعى أوباما أن الاستخبارات الأميركية أخفقت في تقويم
خطر "داعش" بشكل سليم، كما بالغت في قدرات الجيش العراقي. هناك فعلاً إخفاق أميركي، لكنه إخفاق سياسي وليس استخباريا نابع من موقف الرئيس أوباما الرافض أصلاً للتدخل الفعال في سوريا الى جانب المعارضة، أو التورط العسكري مرة أخرى في العراق على نحو مباشر. حتى سقوط مدينتي الفلوجة والرمادي في يد "داعش" في 2013، والذي كان له وقع مؤلم على الجيش الأميركي الذي دفع ثمنا غاليا للسيطرة على المدينتين قبل 10 سنين، لم يدفع البيت الأبيض إلى إعادة النظر في مسلماته.
التحذيرات الاستخبارية العلنية في شهادات المسؤولين في الكونغرس وفي المؤتمرات خلال 2013 و2014، إضافة إلى تقارير السفارة الأميركية في بغداد عن الخطر المتنامي لـ "داعش"، وتوصية السفارة باستخدام الطائرات من دون طيار، لم ترق إلى مستوى الأولويات الملحة للبيت الأبيض. وجاء أوضح تحذير علني مطلع السنة على لسان مدير استخبارات وزارة الدفاع الجنرال مايكل فلين الذي قال إن "من المحتمل أن تقوم داعش بمحاولة للسيطرة على أراض في العراق وسوريا لتؤكد قوتها في 2014"، وأضاف إن قدرة التنظيم على "مواصلة سيطرته تعتمد على توافر الموارد والدعم المحلي، وطريقة رد القوات العراقية وفصائل المعارضة السورية".
مسؤولو الاستخبارات أشاروا عبر التسريبات إلى وجود خط طويل من الوثائق الخطية التي تحذر المسؤولين من خطر "داعش". أحد هؤلاء أعرب عن إحباطه قائلاً لأحد الصحافيين: "إما أن الرئيس لا يقرأ ما تكتبه الاستخبارات وإما أنه يكذب".
مواقف أوباما هذه عرّضته لانتقادات قاسية من الجمهوريين في الكونغرس ومن المعلقين، ويأمل الجمهوريون في استخدام مواقفه المتناقضة والمتذبذبة ضده وضد الديموقراطيين في الانتخابات النصفية في الرابع من تشرين الثاني المقبل. وثمة إدراك متزايد في الأوساط السياسية أن أوباما بتردده في التدخل في سوريا، وتلكئه في التصدي للسياسات المذهبية لنوري المالكي، قد ساهم في إيجاد المناخ الذي سهّل على "داعش" أن تنمو وتتحول الوحش الإرهابي الذي تجسده الآن. أوباما لا يستطيع إلا أن يعمق تدخله العسكري في سوريا والعراق. هذا لا يعني نشر قوات برية نظامية، لكنه قد يضطر إلى استخدام القوات الخاصة أو إلى الضغط على دول إقليمية لمشاركة الأميركيين في عمليات خاصة، أو فرض حظر طيران محدود يسهّل على المعارضة السورية أن تنشط في مناطق حدودية تتمتع بغطاء جوي أميركي وإقليمي.