نظم زهاء ألفين، من رجال
الشرطة الجزائريين، الثلاثاء، تجمعا احتجاجيا، الثلاثاء، بمحافظة غرداية، 600 كيلومتر، جنوب الجزائر، بالتوازي مع تجدد المواجهات
المذهبية بين العرب أتباع المذهب المالكي و
الأمازيغ أتباع المذهب الإباضي.
وتعد الحركة
الاحتجاجية التي قام بها أعوان الشرطة، سابقة في الجزائر، إذ لم يسبق أن قامت الأجهزة الأمنية النظامية بحركة احتجاجية، حتى في خضم الأزمة الدموية التي تخندقت فيها البلاد خلال تسعينيات القرن الماضي.
وكان رجال الشرطة، نظموا الإثنين، كذلك، مسيرة جابت أرجاء محافظة غرداية.
وطالب أعوان الشرطة بنقابة تحميهم، ورفعوا تظلمات عدة للقيادة المركزية بالعاصمة، بعد أشهر من تواجدهم في معترك أحداث متكررة وصدامات مذهبية بين سكان المحافظة أرهقتهم كثيرا . كما طالب المحتجون أيضا برحيل المدير العام الأمن الوطني بالجزائر، عبد الغني هامل.
ذلك ما جاء على لسان، عدد من أعوان الشرطة لـ"عربي21"، الثلاثاء، وقال أحد المحتجين" سئمنا من هذا الوضع، نريد نقابة تحمينا ،إننا نعيش ظروفا اجتماعية قاسية".
وأضاف" طيلة فترة تواجدنا هنا، تعرضنا لضغوط شديدة، بين مواطنين يحتجون ويحرقون ويخربون وبين قيادة الشرطة التي دأبت على فتح تحقيقات ضدنا على ما تسميه تجاوزات، هذه الأمور ترهقنا بالتأكيد".
وقالت تقارير أمنية إن جهاز الشرطة المركزي أوقف ما لا يقل عن 40 رجل شرطة منذ اندلاع المواجهات، كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي.
وأفاد جيلالي سفيان، رئيس حزب "جيل جديد"، الحداثي، في تصريح لـ"عربي21"، الثلاثاء "هذه المرة الأولى التي يتظاهر فيها رجال شرطة منذ 1962، تاريخ إستقلال البلاد، إن الرئيس غائب عن الأنظار وسبق وقلنا قبل انتخابات الرئاسة أن الرئيس بوتفليقة سوف يعود إلى بيته ويترك البلاد في دوامة من الفوضى، وها قد وصلنا إلى هذا الوضع".
وأفاد جيلالي" يفترض أن لا تتم معاقبة أعوان الشرطة المحتجين، ومن يفترض أن يعاقب هم كبار المسؤولين".
وتجددت المواجهات، الاثنين، بين سكان محافظة غرداية، بعد قرابة أشهر من الهدوء، عملت خلالها الحكومة على تلطيف الأجواء، إثر مواجهات مذهبية بين العرب أتباع المذهب المالكي والأمازيغ أتباع المذهب الإباضي.
وشهدت المحافظة حالة من الفوضى، بعد إنسحاب العشرات من أعوان الشرطة من مسرح الأحداث، حيث قام هؤلاء، بمسيرة جابت أرجاء المدينة.
وتسبب انسحاب أعوان الشرطة من مشهد الفوضى، في تصاعد أعمال العنف، حيث قتل، الاثنين، شاب في صدامات بين السكان، ببلدة بريان التي تبعد عن مدينة غرداية بأربعة كيلومتر، كما أصيب ثمانية من رجال الشرطة و عدد من المواطنين بجروح خلال المواجهات.
وقال فيصل مطاوي، المحلل السياسي الجزائري، في تصريح لـ"عربي21"، الثلاثاء، إن " تصاعد العنف في غرداية دليل وجود مناورات سياسية "، وتساءل" وإلا كيف نفسر دوافع المواجهات بين العرب و الأمازيغ، وهم الذين يعيشون مع بعضهم البعض منذ قرون".
وأضاف مطاوي" لا العدالة الجزائرية ولا مصالح الأمن فتحت تحقيقا جديا لمحاولة معرفة ما يحدث فعلا"، وقال "أعتقد أن المواجهات الصامتة بين عصب السلطة بسبب غياب الرئيس بوتفليقة قد وجدت صداها بمحافظة غرداية".
ويرى مطاوي أنه" يحتمل أن أطرافا تريد إيصال الوضع للانسداد من أجل فرض التغيير السياسي بالقوة، وأعتقد أيضا أنه يمكن أن يكون الوضع في غرداية، هو نتيجة لوضع جيو سياسي معقد، وبعبارة أخرى، يتم تطبيق أجندة خارجية من خلال التبديلات الداخلية لتكريس الانقسام على أساس عرقي أو جهوي كما هو الحال في بعض الدول العربية مثل العراق أو ليبيا أو سوريا".
لكن سمير لعرابي، القيادي في "حزب العمال الاشتراكي" له قراءة ثانية للموضع، ويقول في تصريح لـ"عربي21" الثلاثاء، " إن ما يحدث بغرداية يعكس حقيقة وجود وضعية متعفنة في أعلى هرم الدولة، في ظل غياب بديل سياسي مستقر قادر على فرض التغيير وتلبية التطلعات الديمقراطية".
واعترف الطيب بلعيز، وزير الداخلية الجزائري، في تصريح له بالبرلمان ، شهر آب/ أغسطس، أن "ما يجري بغرداية موضوع حساس والأمور المتعلقة به معقدة لأن الأمر يتعلق بنزاع بين الأخوة".