يقيم في
مخيم "
باب السلامة" على الحدود السورية التركية بالقرب من مدينة كلس ما يزيد عن عشرين ألف نسمة، يعيشون جميعاً في خيام لا تصلح للسكن، ويستعدون لاستقبال شتاء مرير، كان أول الغيث فيه قطرة أغرقت خيام
اللاجئين مع بدء هطول الأمطار.
ويرزح اللاجئون السوريون في مخيم "باب السلامة" في ظروف صحية سيئة للغاية، حيث يفتقر المخيم إلى وجود أي نوع من الخدمات، إذ لا مدارس ولا طرقات منتظمة ولا مياه صالحة للشرب، بينما يقوم اللاجئون أنفسهم باستجرار المياه من الآبار.
محمود حسن الناشط في مجال حقوق الإنسان وعضو مركز السلام لضحايا الاتجار بالبشر والعنف يقول لـ"عربي21": "يقيم الناس هنا في أماكن لا تصلح لسكن الدجاج، والآن بدأت تنتشر بين الأطفال العديد من الأمراض الجلدية، وذلك بسبب الحشرات والزواحف المنتشرة في المخيم، كما أن النظافة العامة في المخيم معدومة، إذا لا مكبات للنفايات، كما لا يوجد صرف صحي أيضاً، حيث ينتشر بين الخيام السكنية المياه الأسنة والملوثة، وهو ما ساهم بدوره في زيادة انتشار الأمراض والأوبئة بين اللاجئين، لا سيما فئة الأطفال".
ويضيف الحسن: "ننتشر أيضاً بالقرب من مخيم باب السلامة مخيمات عشوائية، لا تقل في سوئها عن المخيم الأول، وهي مخيم شمارين، مخيم أكدة، مخيم سجو، ومخيم أطمة، وجميع تلك المخيمات تقع في الشمال السوري في ريفي إدلب وحلب، وتضم بمجموعها ما يزيد عن تسعين ألف لاجئ سوري، حيث أن الجبهة الإسلامية هي الجهة المشرفة على تلك المخيمات عن طريق أشخاص محددين يتبعون لهم، بينما تنتشر المحسوبيات في المخيمات، حيث يقوم المشرفون على توزيع الكرفانات بإعطائها لذويهم والمقربين منهم، في حين يبقى من لا سند له تحت رحمة القدر".
يوضح حسن، أن نسبة من يقطن في كرفانات لا تتعدى 5% في مجموع تلك المخيمات، مضيفاً "منذ فترة ثلاثة أيام تقريباً أمطرت السماء على اللاجئين فطافت بهم الخيام السكنية، وبعض الأطفال كانوا سيغرقون في إحدى الخيام، ولا يوجد أغطية كافية لديهم، ولا وسائل تدفئة، وجميع أراضي مخيم باب السلامة والمخيمات الأخرى على الحدود السورية التركية ترابية، وشبكات كهرباء عشوائية قد تودي في لحظة من اللحظات لا قدر الله إلى مأساة إنسانية".
وتابع "لا تتعامل مفوضية اللاجئين السوريين مع معاناة الناس هنا، معاناة اللاجئين في باب السلامة كارثية، إنه منظر لا نشاهده في الأفلام السينمائية، فكيف أصبح واقعاً يعيشه السوريون على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي والحكومة السورية المؤقتة والائتلاف الوطني السوري".
ويحمل الناشط الميداني محمود حسن مسؤولية ما يجري للاجئين في مخيم باب السلامة وغيره لـ "المنظمات الإنسانية والتعليمية والإغاثية في شقيها الطبي والغذائي، كما الفصائل العسكرية أيضاً المشرفة على تلك المخيمات، حيث يقع على عاتقهم أن يدعوا أهل الاختصاص من نشطاء ومدنيين وذووا خبرة إدارية في إدارة المخيمات لأن يتولوا أمورها".
يوسف الحلبي، لاجئ سوري من محافظة إدلب في مخيم باب السلامة، وأب لخمسة أطفال أكبرهم سناً حنين عمرها تسعة أعوام، يقول: "لاشيء ننتظره هنا إلا رحمة الله بنا، هربت بأولادي وزوجتي من الموت ليلقوا الموت من جديد في مخيم يفترض أن تتوفر فيه أدنى مقومات الحياة، لا ماء هنا ولا شبكة كهرباء، بل مولدة توزع على المخيم".
يبين "أمطرت السماء علينا ونحن لم ندخل فصل الشتاء، فطافت الخيمة بي وبأولادي، أخرجنا فراشنا من الخيمة وبحثت عن ابنتي فوجدت قدميها قد غرقتا في وحل الخيمة، وبتنا تلك اللية في البرد، لا مكان آخر يؤوينا، فجميع الخيام قد فاضت المياه على من فيها، لا نشكو أمرنا إلا لله".
ويضيف اللاجئ الحلبي، "لا أحد يأتي هنا ليطلع على أمورنا، لا يوجد منظمات مسؤولة عنا، ولا أحد يطعمنا، ولا نملك مورداً للعيش، ألسنا نحن سويين؟ أليس لهؤلاء الأطفال أرواح قد تزهق في أي لحظة إذا ما طارت بنا الخيام أو غمرتنا مياه الأمطار.. والشتاء على الأبواب وفيما يبدو أنه شتاء قاس، لا حكومة مؤقتة ولا ائتلاف وطني ولا منظمات إغاثية، إذاً من هو المسؤول عن سلامة اللاجئين هنا ومصيرهم المهدد".
وحول متابعة الحكومة المؤقتة لتلك المخيمات، قال الناشط محمود حسن "قدمت للحكومة المؤقتة دراسة تفصيلية عن مشروع لبناء بيوت طينية في المخيمات، يتضمن المشروع تخديم تلك المخيمات بشكل عام، وتنفيذ خطط سكنية وهندسية وطرقات وصرف صحي متكامل، وتمت مطالبة الحكومة بذلك منذ شهرين تقريباً، قبل اقتراب فصل الشتاء لنحاول أن نتجاوز هذا الأمر حتى لا يقع اللاجئون في كارثة إنسانية، لكن للأسف لم يكن هناك أي اهتمام من الحكومة، حيث لا زال الموضوع لغاية الآن قيد الدراسة حسب ما قالوا".
ووجه حسن دعوة لكل النشطاء المدنيين ولكل من يستطيع عمل أي شيء قبل اقتراب البرد القارس على السوريين في تلك المخيمات، داعياً النشطاء لـ"العمل على حملة أو كتلة سورية مؤلفة من نشطاء مختصين في هذا العمل ومتطوعين لتدارك هذه الكارثة قبل فوات الأوان".