أثارت العملية النوعية التي نفذتها مجموعات مسلحة في شمال
سيناء وأسفرت عن مقتل 30 جنديا وإصابة 31 آخرين، انتقادات عنيفة في
مصر بسبب فشل الجيش في منع تكرار استهداف الجنود في تلك المنطقة.
واستغرب كثير من المصريين من عدم تمكن قوات الجيش من قتل أو إصابة مسلح واحد على الأقل من المهاجمين الذين نفذو العملية بكل أريحية - فيما يبدو- دون مقاومة تذكر من الجنود في منطقة يسيطر عليها
الجيش المصري وينفذ فيها عملية واسعة منذ أكثر من عامين.
وكشف الهجوم على حواجز للجيش قرب مدينة العريش عن تطور هائل في قدرات الجماعات المسلحة، التي كبدت الجيش المصري أكبر خسائر بشرية في صفوفه منذ حرب 1973، بعد أن استخدمت في العملية أسلحة آلية وصواريخ وسيارات مفخخة.
كما تساءل كثير من النشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي عن سبب عدم محاسبة أي مسؤول في القوات المسلحة أو الشرطة عن تكرار هذه الهجمات التي تثبت أن قصورا شديدا وفشلا ذريعا يشوب أداء قوات الجيش والشرطة في مواجهة
الإرهاب.
اعتبرها جامعة يا سيسي
بدروها، انتقدت حركة شباب "6 أبريل" اهتمام
السيسي بمواجهة المظاهرات السلمية في الجامعات وتسخير أفضل القوات والآليات لمواجهتها في الوقت الذي يهمل فيه توفير الإمكانيات اللازمة لمواجهة الإرهابيين في سيناء.
وتحت شعار "اعتبرها جامعة يا سيسي" طالبت الحركة باستبدال قوات الجيش في سيناء من الجنود غير المدربين بعناصر من القوات الخاصة التي تقوم بتأمين المؤسسات والجامعات والتصدي للمظاهرات والإحتجاجات.
ونشرت صورة لأحد الجنود علي الحدود المصرية يبدو في حالة رثة وبدون تسليح جيد، وبجوارها صورة أخرى للقوات الخاصة أمام إحدى الجامعات، وطالبت السيسي بالتعامل مع سينا باعتبارها إحدى الجامعات التي يهتم بمواجهة طلابها.
كما طالب حزب التيار الشعبي المصري - تحت التأسيس - بتغيير الأساليب التي تواجه بها الأجهزة الأمنية التنظيمات الإرهابية، مؤكدا أنها طريقة غير ناجعة سمحت بتكرار حوادث متتالية بنفس الأسلوب على مدار شهور طويلة.
وشدد الحزب في بيان أصدره السبت - تلقت "عربي21" نسخة منه – على أن هناك حالة من الفشل الذريع في مواجهة التنظيمات الإرهابية، متسائلاً عن مدى فعالية المواجهات الأمنية المستمرة في سيناء منذ ما يقرب من 3 سنوات وحتى الآن.
وأضاف أن تلك المواجهات لم تخلف سوى مزيد من الضحايا والخسائر البشرية في صفوف الجنود الأبرياء، مطالبا السلطات بوضع إستراتيجية متكاملة لتنمية سيناء بالتوازي مع تطهيرها من البؤر الإرهابية.
أين التفويض؟
كما شن حزب الحركة الوطنية المصرية - الذي يترأسة المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق - هجوما حادا على الحكومة بسبب تكرار الحوادث الإرهابية بذات الطريقة وبنفس الأسلوب في سيناء، مشيرا إلى أن استهداف الجماعات الإرهابية لنقاط تابعة للجيش بهذه السهولة أمر يدعو للاندهاش.
ووجه الحزب رسالة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي - في بيان أصدره السبت تلقت "عربي21" نسخة منه - قائلا: "فوضناك في محاربة الإرهاب يا سيادة الرئيس، فلماذا لا تمحوه من الوجود؟! ولماذا تتكرر الأعمال الإرهابية بنفس الأسلوب والطريقة وفي نفس المكان؟! لماذا يموت جنودنا كل يوم بدم بارد؟! وكأننا لا نتعلم من أخطاء الماضي القريب التي تعيد نفسها كل يوم وكل لحظة".
من جانبها أدانت الدعوة السلفية الحادث وتساءلت عن التدابير الوقائية التي كان يجب اتخاذها لمواجهة هذه التفجيرات، محذرة من أن الأجهزة الأمنية أصبحت تعمل بطريقة رد الفعل بعد كل هجوم ثم بعد أيام ننسي الحادث".
وتساءل الشيخ رجب أبو بسيسة، عضو مجلس شورى الدعوة السلفية : "هل سنسمع عن محاسبة المسئولين المقصرين في الأجهزة الأمنية أم سنكتفي بوصف الحادث بأنه حادث جبان وخسيس، وهل سنتخذ أية إجراءات تمنع تكرار هذه الجريمة مرة أخرى؟.
وأعلنت مصر الحداد العام في أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أيام، كما أعلن مجلس الدفاع الوطني والمجلس الأعلى للقوات المسلحة عن سلسلة من الإجراءات للسيطرة على الأوضاع في سيناء، من بينها إخلاء المنطقة الحدودية بين غزة ومصر بعمق خمسة كيلومترات، وإعلان حالة الطوارئ في شمال سيناء لمدة ثلاثة أشهر وحظرا للتجول طوال فترة المساء وغلق معبر رفح.
نحتاج دعمكم
وفي كلمته للشعب المصري عقب اجتماعه بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة، استنكر السيسي موجة الإنتقادات الموجهة للقوات المسلحة.
وأضاف السيسي - وعلامات الضيق بادية بوضوح على قسمات وجهه - إن الجيش نجح خلال الشهور الماضية في قتل مئات الإرهابيين، مطالبا المصريين بأن يقدروا هذه الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية وأن يدعموها في معركتها ضد المتطرفين.
وفي مقابل هذه الانتقادات، نقلت صحيفة "اليوم السابع" عن مصدر عسكرى رفيع المستوى قوله إن القوات المسلحة تقود حربا شرسة فى سيناء ضد عناصر مسلحة مدعومة من دول عديدة، مؤكدا أن الجيش بذل جهودا مضنية خلال الفترة الماضية لدعم الاستقرار وعدم تفشى الفوضى فى مختلف المحافظات وليس سيناء فقط.
ودعا المصدر وسائل الإعلام إلى التعاون مع القوات المسلحة ودعمها في حربها ضد الإرهاب، وعدم التسرع فى توصيف بعض الأحداث الإرهابية بما يؤثر على معنويات رجال القوات المسلحة، مشيرا إلى أن الجيش يحتاج إلى الدعم المعنوي من الشعب ومن وسائل الإعلام انطلاقا من مسئوليتهم الوطنية والاجتماعية.