أصدرت الحكومة
العراقية قرار بحجب 35 موقعا الكترونيا تمثل العمود الفقري للإعلام الالكتروني "السني" في العراق، وذلك بحجة تهديدها للسلم الأهلي والنسيج الاجتماعي وقيم المجتمع، بحسب نص القرار الحكومي.
وجاء في القرار الذي أصدرته هيئة الاعلام والاتصالات وحصل "عربي 21" على نسخة منه؛ أن "قرار حجب هذه المواقع الالكترونية يأتي منسجماً مع المحافظة على قيم المجتمع والتعايش السلمي، واستجابةً لشكاوى مقدمة من المواطنين بشأن محتوى المواقع التي صدر القرار بشأنها".
من جهته، أوضح مصدر في الهيئة أن توجيهات سابقة صدرت إلى المختصين برصد كل المواقع التي تتناول قائمة من المواضيع التي حددها رئيس الهيئة، حيث طالب بوضع قائمة بأسماء المواقع والنطاقات التي تعمل عليها تمهيداً لحجبها ومنع متابعة أو الاطلاع على محتواها في العراق.
وأضاف المصدر في تصريح لــ"عربي 21" أن المراقبة بدأت في نهاية سنة 2012، وتحديداً مع انطلاق الاعتصامات ضد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي في عدد من المحافظات، وذكر أن عملية المراقبة كانت بالأساس مخصصة لرصد توسع الحركات الاحتجاجية وصلوات الجمعة الموحدة والخطب التي تلقى في ساحات الاعتصام.
وأشار المصدر إلى أن القرار الأول للهيئة كان بسحب رخصة بث قنوات معروفة بنقل وقائع الحركات الاحتجاجية، وهي بغداد والبابلية والرافدين وصلاح الدين والغربية والفلوجة، نهائياً، مضيفاً أن تنسيقا حكوميا مع الجانب المصري أثمر عن توقيف بث بعض هذه القنوات على قمر "نايل سات"، ما اضطر أصحابها إلى نقل بثها لأقمار أخرى.
أإلى ذلك، قالت شبكة "حراك" المشمولة بقرار الحجب؛ أن "عدوى مصادرة الحريات وتكميم الأفواة قد انتقلت لرئيس الوزراء حيدر العبادي من سلفه المالكي بالرغم من كل الوعود التي أطلقها (العبادي) عن إفساح المجال الواسع أمام الإعلام ومنحة الحرية الكاملة في نقل الآراء والأفكار".
وبيّن مصدر من قسم التحرير في الشبكة التي تعتمد على العمل التطوعي؛ أن "طائفية الحكومة العراقية أعمتها عن مواقع الكترونية شيعية لا حصر لها تعمل على تبني منهج التحريض على العنف وارتكاب الجرائم بحق أبناء المكون السني، فضلاً عن عشرات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي التي تعمل وفق ذات الهدف".
من جانبه، رأى المحلل السياسي عدنان الحاج أن جميع المواقع التي شملها قرار الحجب تشترك في أنها ذات مضمون مناصر لقضية المكون السني، ويعمل على تقديم المظالم التي تلحق بهم، مضيفاً أن "القاسم المشترك الآخر بينها أن أغلبها يعتمد الجهود والخبرات الشبابية وتعمل وفق طريقة التطوع ولا تتقاضي أي مقابل مادي، وإنما تعتمد على رغبة الشخص في العمل من منطلق المسؤولية بشأن هذه القضية التي يريد العمل من أجلها".
وتابع الحاج في تصريح لــ"عربي 21"؛ أن بعض المواقع المشمولة بالحجب شكلت مصدراً أساسياً للأخبار، واكتسبت شهرة كبيرة "من خلال تكذيبها بالصور والأفلام والمتابعات لبعض التصريحات الرسمية العراقية، ومن أشهرها كشف قضية المجزرة الحاصلة في معسكر الحويجة الاعتصامي، بالإضافة إلى نقل الخسائر البشرية للغارات التي تنفذها الحكومة العراقية ضد المدن السنية".
ونوه إلى أن حالة من الحرج الشديد باتت تسود الأوساط الحكومية العراقية؛ حين يقوم إعلام بسيط في الإمكانيات والخبرات بمنافسة "والتغلب أحياناً" على الماكينة الإعلامية الحكومية التي تستهلك مبالغ مالية ضخمة جداً، وتوظف أكثر من أربعة آلاف موظف في "شبكة الإعلام العراقي" الناطقة باسم الحكومة والممولة من الموازنة العامة.
وفي السياق ذاته، قلل خبير أنظمة المعلومات سيف الدين العبدلي من أهمية الإجراء الحكومي بشأن حجب المواقع الالكترونية، مشيراً إلى أن الحجب أو المنع التام على محتويات الشبكة العنكبوتية أصبح شيئا من الماضي، ولا قيمة له مع تطور البرامج والأنظمة التي تكسر عملية الحجب والمنع.
ولفت العبدلي في تصريح لـ"عربي 21"؛ إلى أن عملية الحجب أثبتت فشلها بشكل كبير حين قامت الحكومة بمحاولة منع موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وبعض التطبيقات الأخرى أثناء الفترة التي تلت هجوم المسلحين على الموصل في حزيران/ يونيو الماضي، منوهاً إلى أن السبيل الوحيد لمنع المواقع الالكترونية بشكل نهائي هي خاصية تمتلكها الشركات المضيفة لهذه المواقع باستثناء مواقع التواصل التي تعتمد الحجب بواسطة التبليغات والشكاوى، وهو أمر غير مجد مع الصفحات الجماهيرية ذات التأييد القوي.
قائمة طويلة من المواقع السنية التي اتخذ قرار بحجبها في العراق (عربي21)