يحتفل
الجزائريون، السبت، في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر، بالذكرى الستين، لاندلاع
الثورة ضد الاحتلال الفرنسي عام 1954، وسط تساؤلات حول مستقبل البلاد، في ظل تجاذبات سياسية داخلية ممثلة في صراع بين السلطة والمعارضة، حول التغيير، وخارجية تتمثل في التهديدات الإقليمية واشتعال النار على الحدود الشرقية والجنوبية والغربية.
ويستحضر الجزائريون، في كل عام يحتفلون باندلاع الثورة، واقعهم، ويعقدون مقارنات بين ماكان يبتغيه المجاهدون الذين طردوا المستعمر الفرنسي، قبل 53 عاما، من أجل
الاستقلال والسيادة، وبين واقع يقول، في نظرهم، أن أحلام الثورة "لم تتحقق".
وتنتقد دوائر سياسية، ما تسميه "تمسك جيل الثورة بالحكم"، وعدم منح الشباب الفرصة بالانخراط في دواليب السلطة.
وفي شهر أيار/ مايو، 2012، ألقى الرئيس الجزائري، عبد العزيز
بوتفليقة، خطابا قال فيه: "حان الوقت لتسليم المشعل للشباب، أما نحن فجيلنا قد هرم".
لكن بوتفليقة وبعد عامان ترشح لانتخابات الرئاسة في 17 نيسان/ إبريل وفاز بولاية رابعة وهو على كرسي متحرك.
وقال علي يحي عبد النور، وهو المجاهد ومن الرعيل الأول الذي حمل السلاح في وجه المستعمر، والحقوقي المعارض للنظام بالجزائر، لـ"عربي21" إنه " من غير المعقول أن يبقى جيل الثورة مسيطر على الحكم، لا لشيء سوى لأنه حارب
الاستعمار"، ودعا جيل الثورة إلى "تسليم المشعل للشباب".
واستغرب عبد النور البالغ من العمر 96 عاما، كيف أن " الرئيس بوتفليقة نصب رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني، وزيرا للدفاع الوطني"، وقال " هذا لا يحدث إلا في الجزائر، إذ لا يجوز لأي مسؤول عسكري أن يتقلد منصبا مدنيا".
ويتجدد الخلاف، بين معارضة سياسية تعتبر أن السلطة في الجزائر حادت عن مبادئ الثورة، التي صيغت ببيان الفاتح تشرين الأول/ نوفمبر العام 1954، وبين سلطة تتهم المعارضة بمحاولة الزج بالبلاد، في فوضى وتحيل الجزائريين، إلى تتبع الحاصل في سوريا والعراق ومصر.
لكن قطاعا من الجزائريين، يرفضون، إحالتهم إلى مقارنة الجزائر بما يحصل داخل بلدان بعد ثورات الربيع العربي، ويقولون إن "السلطة ترفع فزاعة الفوضى لثني الشعب عن المطالبة برحيل النظام".
وترى حركة"بركات" المعارضة، و التي نظمت مظاهرات بمحافظات الجزائر لرفض الولاية الرابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أن "الجزائريين يعيشون تحت سلطتهم في ظل إستعمار من نوع جديد"، وقالت عضو الحركة أميرة بوراوي لـ"عربي21"، أنه "بعد ستين عاما من انطلاق الثورة المجيدة بالجزائر، لا يزال استقلالنا غير مكتمل".
ودانت بوراوي ما أسمته "استمرار أذناب الاستعمار الفرنسي بالجزائر في البلاد، في تقديمهم تنازلات لفرنسا من أجل التغطية على فشلهم ولشراء بقائهم بالحكم".
وأضافت" لا يزال الجزائريون يعيشون ويلات الاستعمار، من خلال ألغام ما زالت تحصد أرواحا بريئة بعد عقود من زرعها، ومواطنون يموتون يوميا بسبب التجارب النووية التي كان يقوم بها الاحتلال في صحراء الجزائر"، وتابعت "إن دعم الرئاسة الفرنسية للولاية الرابعة للرئيس بوتفليقة وهو على كرسي متحرك، خيانة واضحة لروح الثورة ومبادئها".
ودعا الأمين العام لحزب "التحالف الوطني الجمهوري"، بلقاسم ساحلي، بالجزائر العاصمة، الجمعة، إلى "إعادة بعث قيم أول نوفمبر في الممارسة السياسية من أجل الوصول إلى تحقيق التوافق الوطني".
وخلال افتتاحه لندوة نظمها التحالف بمناسبة إحياء الذكرى الـ60 لاندلاع الثورة المسلحة، بالجزائر، شدد ساحلي على ضرورة أن يتحلى السياسيون بالمبادئ التي نص عليها بيان أول نوفمبر وهي القيم التي "يتعين إعادة بعثها من خلال تبنيها في الممارسة السياسية".
وشجب علي بن فليس، الخصم السياسي للرئيس الجزائري، ومرشح انتخابات الرئاسة 17 نيسان/ ابريل الماضي، ما أسماه " اتخاذ مما يسمونه فشل مسارات الديمقراطية في بلدان الربيع العربي، ذريعة من أجل منع التغيير في الجزائر"، وقال بن فليس في بيان له، الثلاثاء، 28 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أن "حكام الجزائر ضيعوا فرصة التحول الديمقراطي"، داعيا السلطة الحاكمة "للاقتداء بتجربة الديمقراطية في تونس الشقيقة".