سعت طهران وواشنطن الأحد إلى إحراز تقدم في الملف
النووي الإيراني، إلا أن الرئيس الأميركي باراك أوباما حذر من أن "الفجوة ما زالت كبيرة" في المفاوضات الجارية، مشككا في إمكانية سدها قبل انتهاء المهلة في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي.
وتساءل أوباما في مقابلة مع شبكة "سي بي أس" الأحد: "هل سنتمكن من سد هذه الفجوة الأخيرة، بحيث تعود إيران إلى المجتمع الدولي، وترفع عنها العقوبات تدريجيا، ونحصل على تطمينات قوية وأكيدة، يمكن التحقق منها بأنهم غير قادرين على تطوير سلاح نووي؟".
وأضاف أن "الفجوة لا تزال كبيرة، وقد لا نتمكن من التوصل إلى ذلك".
وتأتي تصريحات الرئيس الأميركي في الوقت الذي بدأ فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الإيراني محمد جواد
ظريف محادثات الأحد في سلطنة عمان.
وتسعى إيران والدول الخمس الكبرى (بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة) إضافة إلى ألمانيا، للتوصل إلى اتفاق بشأن خفض نشاطات إيران النووية، مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها، مع اقتراب موعد انتهاء الاتفاق المؤقت السابق في 24 تشرين الثاني/ نوفمبر.
من جانبه، اعتبر ظريف، في تصريحات بثتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، أنه "ما زال هناك تباعد" في مواقف الجانبين بشأن "حجم برنامج التخصيب وآلية رفع العقوبات". وأضاف أنه "إذا برهن الجانب الآخر على إرادة سياسية حسنة يمكننا التوصل إلى اتفاق".
وأضاف في تصريحات، نقلها التلفزيون الحكومي الإيراني، أنه "منذ نيويورك قررنا التركيز على الحلول بدلا من التركيز على الخلافات".
ويعقد الاجتماع، الذي يستمر يومين، في سلطنة عمان التي استضافت من قبل محادثات سرية حول الملف النووي الإيراني بين البلدين، قبل انتخاب الرئيس المعتدل حسن روحاني في حزيران/ يونيو 2013.
وتأتي هذه المحادثات بعد معلومات عن رسالة وجهها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي، الذي يملك السلطة العليا في هذا الملف. وتدعو الرسالة إلى التوصل إلى اتفاق نووي، مشددة على أن لإيران والغربيين مصالح مشتركة في المنطقة.
ولم يؤكد أوباما اليوم توجيه هذه الرسالة، مشددا مع ذلك على أن الأميركيين "لا يقيمون أي رابط بين المفاوضات النووية ومشكلة تنظيم الدولة الإسلامية" الذي تقود الولايات المتحدة تحالفا دوليا ضده في سوريا والعراق لا تشارك فيه إيران.
وأوضح الرئيس الأميركي أن تنظيم "الدولة الإسلامية عدونا المشترك لكننا لا نجري أي تنسيق مع إيران بشأنه".
وقد سبق أن نفى كيري أن تكون مسألة مكافحة تنظيم الدولة في سوريا والعراق مطروحة خلال المناقشات. وقال في بكين، على هامش منتدى للتعاون الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادئ، "ليس هناك أي ارتباط بين المفاوضات بشأن البرنامج النووي ومسائل أخرى منفصلة".
وتشارك إيران
واشنطن هذا الموقف رسميا، وإن كان رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني أكد السبت أن إبرام هذا الاتفاق يمكن أن يكون له انعكاسات إيجابية في المنطقة.
وقد أكد عباس عراقجي نائب وزير الخارجية، في مقابلة مع شبكة "العالم" التلفزيونية الإيرانية، أن التوصل إلى "اتفاق نووي يصب في صالح الطرفين والمنطقة (...)، ولا يريد أحد العودة إلى الوضع الذي كان سائدا قبل اتفاق جنيف، لأنه سيكون سيناريو خطرا للجميع".
لكن السياسة الداخلية في كل من الولايات المتحدة وإيران يمكن أن تؤثر على المفاوضات.
ففي واشنطن واجه الرئيس الديموقراطي هزيمة انتخابية قاسية، بفقدان حزبه السيطرة على مجلس الشيوخ الذي انتزع الأغلبية فيه الجمهوريون الذين ينتقدون بحدة المفاوضات مع إيران.
وفي حال تعثرت المفاوضات، يمكن أن يقرر الكونغرس فرض عقوبات جديدة جاهزة على إيران، وإن كان أوباما يستطيع تعطيلها.
ويخضع ظريف أيضا لضغوط، إذ إن بعض أعضاء مجلس الشورى الذي يهيمن عليه المحافظون أكدوا أن الاتفاق الشامل يجب أن يصادق عليه النواب ليصبح ساريا.
والأحد طالب 200 من هؤلاء بأن "يدافع المفاوضون بقوة" عن حقوق إيران النووية، وأن يضمنوا "الرفع الكامل للعقوبات".
وحذر الأكثر تشددا منهم حكومة حسن روحاني من تنازلات قد يقدمها فريق التفاوض الإيراني.
وبعد هذا اللقاء الثلاثي في سلطنة عمان، سيعقد اجتماع لمسؤولين سياسيين كبار في إيران ودول مجموعة 5+1 بعد غد الثلاثاء.
وستدخل المفاوضات بعد ذلك مرحلتها الأخيرة في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر، للتوصل خلال ستة أيام إلى اتفاق نهائي يمكن أن يشكل انتصارا دبلوماسيا لحسن روحاني وباراك أوباما.