في بيان رسمي، وبكلمات قوية، أعلنت وزارة الداخلية في
مصر ضبط خمسة إرهابيين بالقاهرة ينتمون لجماعة
الإخوان قبل تنفيذهم عمليات تخريبية في عدد من المنشآت الحيوية.
لكن المفاجأة الكبرى التي أعلنت عنها أجهزة الأمن وتناقلتها وسائل الإعلام المؤيدة للإنقلاب بكل جدية، هي أن المتهمين المقبوض عليهم ضالعين في التخابر مع حركة "حماس، وأن الدليل على ذلك هو ضبط "شهادات تخابر" صادرة من إدارة "متخابرون مع حماس" التابعة للحركة في قطاع غزة.
وجاء في بيان الداخلية أنه "استمراراً لمواصلة جهود الأجهزة الأمنية فى ملاحقة وضبط عناصر تنظيم الإخوان الإرهابي الصادر بشأنهم قرارات بالضبط والإحضار من قبل الجهات القضائية لتورطهم فى العديد من الأعمال الإرهابية، فقد تمكن قطاع الأمن الوطني بالاشتراك والتنسيق مع مديرية أمن القاهرة وقوات الأمن المركزي، الخميس، من ضبط خمسة متهمين بحوزتهم قنابل بدائية الصنع وأعلاما لتنظيم القاعدة ومطبوعات تحريضية وأجهزة كمبيوتر عليها بيانات عدد من قيادات تنظيم الإخوان".
شهادات تخابر بتوقيع مرسي
ونقلت صحيفة الوطن - المقربة من الأجهزة الأمنية - بكل جدية أن "الأحراز التي عثرت عليها الشرطة من الإرهابيين كشفت وجود صلة وثيقة بين المتهمين الذين ينتمون لجماعة الإخوان وحركة (حماس) من خلال حصولهم على شهادات خبرة في أعمال التجسس موثقة من الحركة وتحمل توقيع الرئيس المعزول محمد مرسي".
وأضافت الصحيفة - من عندها - بعدا جديدا للموضوع فقالت إن "الإرهابي يحصل على لقب (متخابر حمساوي) بناء على اجتيازه دورات تدريبية وأعمال تضامنية تؤهله في النهاية لحمل هذا اللقب".
لكن السؤال الأهم، منذ متى والجواسيس يحصلون على شهادات خبرة ويحتفظون بها وسط متعلقاتهم الشخصية؟ ولماذا تحمل تلك الشهادات توقيع الرئيس مرسي وليس توقيع أحد قيادات حماس مثل إسماعيل هنية أو خالد مشعل مثلا؟ بل كيف يوقع مرسي هذه الشهادات بالرغم من أنه معتقل منذ عام ونصف تقريبا.
وكان نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي قد دشنوا منذ عدة شهور حملة للسخرية من اتهامات أجهزة الأمن لعدد من مناهضي الانقلاب بأنهم جواسيس لصالح حركة حماس، وخلال تلك الحملة نشر الآلاف من النشطاء - على سبيل التهكم - صورا مفبركة لشهادات تقدير صادرة من إدارة المتخابرين في حركة حماس، بأن الناشط "فلان" أتم بنجاح مرحلة التدريب على التخابر وأنهم يعمل منذ الآن كجاسوس لصالح حماس.
وللإمعان في السخرية، فقد أظهرت الشهادات المفبركة، أن حركة حماس أرسلت تلك الشهادات للرئيس محمد مرسي لاعتمادها وتذييلها بتوقيعه حتى يمنح حاملها الصفة الرسمية كجاسوس معتمد.
بالأحراز يا بلدنا يا حلوة
وكتب حسام السكري مقالا في صحيفة المصري اليوم بعنوان " بالأحراز يا بلدنا يا حلوة"، تهكم فيه على الهوس الأمني الذي أصاب المجتمع والأحراز الساذجة التي تقدمها الشرطة كدليل على ضلوع شخص في جريمة إرهابية.
وقال في المقال: "على مدى شهور سمعنا عن أحراز فى قضايا كثيرة هزت الرأى العام، منها مثلا أحراز قضية خلية الماريوت، من مقاطع فيديو عن سائقى الحناطير بالأقصر، وأغنية أطفال أجنبية اسمها بولا بولا!
وفي قضية علاء عبدالفتاح، قامت النيابة بعرض مقطع فيديو شخصي وجدته على "لاب توب" المتهم وترقص فيه والدته في حفلة عيد ميلاد ابنها.
وأخيرا تم ضبط طالبين مريبين من أعداء الوطن "في محيط جامعة القاهرة" أحدهما يحمل رواية "1984" والآخر يحمل دبوس حريمي، وبالأحراز بالأحراز بالأحراز.. بالأحراز يا بلدنا يا حلوة بالأحراز.
وقال "هيثم محمدين" القيادي بحركة الاشتراكيين الثوريين، انه شاهد بحكم عمله كمحام وحضوره التحقيقات أمام النيابة في كثير من القضايا فقد شاهد أدلة اتهام - أو ما يعرف في مصر باسم أحراز القضية - غاية في الغرابة من بينها علم مصر وكراسة رسم".
وأضاف "محمدين" - عبر صفحته على "فيس بوك" - وبعد
الإنقلاب أضيفت قائمة جديدة بالأشياء التي يعد حيازتها جريمة في مصر، وتراجعها الحكومة دوريا، مثل البالونات والدبابيس والطبلة والصفارة والرواية بكل أنواعها والتليفون المحمول والخرائط حتى لو كانت الأطلس المدرسي".
ولم تعد هذه الهيستريا غريبة على الأجهزة الأمنية التي اتهمت ألقت القبض قبل ثلاثة أيام على الصحفي الفرنسي "آلان جريش" عندما أبلغ أحد المواطنين الشرطة عنه بعد أن سمعه يتحدث عن السياسة في مقهى بوسط القاهرة، ما جعل "جريش" رعب عن استغرابه من سهولة القبض على أي شخص في مصر دون ارتكاب أي مخالفة للقانون.
وفي نفس اليوم تم اعتقال طالبة بجامعة القاهرة، لأنها التقت صورا بهاتفها المحمول لمباني الجامعة التي تدرس فيها، وكأنها صورت منشأة عسكرية، وبعد أن حققت معها إدارة الجامعة، تم فصلها نهائيا!!
كما تم استبعاد معلمة من العمل بالتدريس بالرغم من حصولها على الشهادات اللازمة فقط لأن اسمها "رابعة"، ذلك الاسم الذي يذكر مؤيدي الإنقلاب بأكبر مذبحة في التاريخ المصري الحديث.