قبل سقوط نظام
حسني شرم الشيخ زوج
سوزان ثابت، تم إشهار ما يسمى "
المجلس القومي للرجال"، وبعد التكاثر الفطري للأحزاب والجمعيات في مصر بعد ثورة 25 يناير، حسبت أن هذا المجلس سيختفي، ولكنني اكتشفت أنه ما زال "حية تسعى"، وشعاره المجلس "فلتسقط الستات".
يسقطن من ماذا؟ لا تسلني!! فالمجلس لديه برنامجا يتألف من 18 بندا، وأولها ان يكف الرجال عن الممارسات الغبية – وهذا ليس كلامي – والامتناع عن مساعدة أي امرأة تتعرض لموقف سيء او حرج، يعني إذا وجدت فتاة تتعرض للتحرش، فهذا أمر لا يخصك.
وتسأل أعضاء الجمعية: ولكن أليست الشهامة والمروءة من مقتضيات الرجولة الحقَّة، ويأتيك الرد: عمرك شفت راجل بينضرب في الشارع وجات ست تدافع عنه؟ وترد بدورك: شفت ستات بيصرخوا ويصوتوا لما يشوفوا راجل بينضرب عشان يلفتوا انتباه أهل المروءة، فيأتيك الرد: زي بعضه، وانت كمان كراجل صوّت واصرخ لما تشوف ست بتنضرب او تتبهدل. بس مفيش نخوة وكلام فارغ.
هناك بند في برنامج المجلس الرجالي استطيع التقيد به: على الرجال الامتناع عن شراء السلع التي تقدم إعلاناتها الترويجية نساء! هذا مطلب معقول وسألتزم به شخصيا ولن اشتري كريم تفتيح البشرة ولا المسكارا او الرموش الاصطناعية ولا أحمر الشفاه ولا الكحل، وسأقاطع البلوزات والتنانير، ولا أمانع أيضا في التقيد بالبند الذي ينص على عدم شراء الرجال لأي سلعة في متجر تكون فيه البائعات من
النساء، ولكن التجارة في بلداننا ستنهار لو حدث رد فعل نسائي وامتنعن عن شراء السلع في المتاجر التي يعمل فيها الرجال، فاسحبوا هذا البند لأنني لم أر في أي بلد عربي امرأة تبيع الملابس الداخلية للرجال، بينما.... خلوها مستورة!
والأدهى من كل ذلك ان هذا المجلس يدعو بطريقة أو بأخرى الى مقاطعة النساء حتى في
الزواج. وكي لا تحسب أنه يدعو الرجال إلى الإنجاب بنظام الاكتفاء الذاتي، لابد من الاستشهاد بنصوص من برنامج المجلس: إذا كان لابد من الزواج فلتكن العروس - على أحسن الفروض - حاصلة على مؤهل ابتدائي، وفي حالات استثنائية يجوز للرجل الزواج بواحدة أكملت المرحلة المتوسطة.
طب ليه يا جماعة؟ قالوا: لأن البنت اللي تعليمها بسيط تكون قطة مغمضة، ولا تتفلسف وتعمل راسها برأس زوجها!! كلام لا يخلو من وجاهة خاصة في زماننا هذا حيث صارت البنات وبكل وقاحة يكتسحن قوائم التفوق في الامتحانات الأكاديمية المصيرية، وتركن لنا حق التسكع في الأسواق والسهر.
ولم يكتف مجلس الفحول هذا بالنهي عن الزواج بحاملات الشهادات الثانوية والجامعية، بل زودها حبتين، ونصح بتفادي الزواج بمصريات، فهل صاغ هذا البند رجل ذو عقلية تجارية يريد بوار الفتيات المصريات، ليتسنى له توريد عرائس يابان وتايوان حسب طلب الراغب في الزواج؟ كل شيء جائز!! والأدهى من كل ذلك ان المجلس القومي للرجال في مصر لا ينهى فقط عن الزواج بمصريات، بل يحث شريحة من المصريين المتزوجين بمصريات على تطليقهن بالجملة طلبا للنجاة!! نجاة من ماذا يا رجالة؟ قالوا إنه في حال الطلاق بعد الإنجاب، فإن قانون الأحوال الشخصية في مصر يعطي البيت للزوجة.
وهناك درر أخرى صدرت عن المجلس: مخ الرجل أكبر من مخ المرأة، ونسبة الهيموغلوبين في الدم أعلى عند الرجال، والغريب في الأمر ان المجلس يفسر سبب ذلك: لكون المرأة تتعرض لأمور فسيولوجية شهرية تسبب لها نقصا في الهيموغلوبين، وتستنتج أدبيات (بالأحرى قِلة أدب) المجلس من كل ذلك، أن جسم الرجل يعمل بكفاءة أكثر من جسم المرأة، ورغم ضعف معرفتي بشؤون الطب ووظائف أعضاء الجسم البشري فإنني أتساءل: كيف يكون جسم الرجل أعلى كفاءة، بينما جسم المرأة على صغره يحتضن الحياة وتستطيع المرأة ان تحمل كائنا آدميا في بطنها يأكل مما تأكل؟
ونفس الجسم الصغير (الناقص في تقدير المجلس الذكوري) يتحمل السهر لسنوات متصلة لرعاية العيال بل سي السيد نفسه؟ أما أطرف ما في دعاوى مجلس الرجال هذا، فهو اننا معشر الرجال نتفوق على النساء لأن أجسامنا تحمل كروموزومات إكس - واي بينما تحمل النساء فقط كروموزومات إكس- إكس، طيب عندنا كروموزوم واي فما القيمة المضافة التي نجنيها من كون أجسامنا تحمله؟ قالوا ان ذلك الكروموزوم يجعل الرجل أكثر حيوية! جائز، ولكن من حولي من النساء ومنهن زوجتي وأخواتي وقريباتي وجاراتي وزميلاتي يعملن ساعات أطول من رجال العائلة ولم اسمع أياً منهن تزعم أن ذلك يعني تفوقها على الرجال.
وليس من العسف استنتاج أن المجلس هذا يتألف من أشخاص تافهين، ناقصي العقل والدين، وأتمنى أن يسمعوا برأيي فيهم فيقاضوني، لأطالب بأن تكون جلسة المحكمة متلفزة وامسح بهم الأرض أمام الملايين ثم أغسل الأرض سبع مرات إحداهن بالتراب