أغلقت
مصر إلى أجل غير مسمى المدارس في بلدتين حدوديتين في شمال
سيناء، فيما يستعد الجيش لتكثيف معركة مع المسلحين، حولت الرحلة اليومية لطلب العلم إلى "رحلة موت".
ويقول السكان المحليون إن تعليم الأطفال سقط ضحية المعركة، فيما يشن الجيش غارات جوية ضد الذين يستهدفون المجندين وأفراد الشرطة وبدأوا بذبح المخبرين المتعاونين مع الجيش.
وقال محمد وهو مدرس يعيش في بلدة الشيخ زويد: "نضع حياتنا في خطر كل يوم. في بعض الأحيان يتبادل المسلحون إطلاق النار وفي بعض الاحيان تطيش الرصاصات وتصيب بعضنا".
وزادت أنشطة المسلحين في شبه جزيرة سيناء التي تحدها "إسرائيل" وقطاع غزة وقناة السويس منذ عزل الجيش الرئيس المنتخب محمد مرسي الصيف الماضي.
وقتل 33 على الأقل من أفراد الأمن الشهر الماضي، كما أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس والتي تتمركز في سيناء مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية الذي سيطر على مناطق واسعة من سوريا والعراق.
وتنتشر نقاط التفتيش العسكرية على الطرق الرئيسية في شمال سيناء التي يخشى السكان من تحولها إلى ساحة حرب مفتوحة. ولهذا السبب أصبح الذهاب للمدرسة محفوفا بالمشقة والخطر إذا استهدف المسلحون الجنود الذين يحرسونها.
وقال مدرس آخر طلب عدم نشر اسمه "بدأنا نصف الرحلة من وإلى المدرسة برحلة الموت".
ومنذ هجمات المسلحين في 24 تشرين الأول/ أكتوبر فرضت مصر حالة الطوارئ في مناطق بسيناء وقامت بتهجير مئات الأسر وهدمت بيوتهم لإنشاء منطقة عازلة على طول حدود غزة على بعد نحو 350 كيلومترا شمال شرقي القاهرة.
وتأمل الحكومة أن يحد إخلاء منطقة عمقها كيلومتر من السكان والمباني والأشجار من تدفق الأسلحة عبر الأنفاق من غزة إلى المسلحين في سيناء.
وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مقابلة مع شبكة فرانس 24 التلفزيونية الإخبارية الخميس "المنطقة العازلة جزء من الحل".
وتابع "المنطقة العازلة أمر كان المفروض يتعمل من سنين طويلة فاتت لأن هي كان ليها تأثير كبير على الأمن في سيناء ويمكن الأمن في مصر كمان مش عايز أقول إن القرار ده إتأخر ولا حاجة لكن احنا بنعمله بمنتهي التفاهم مع سكان مصر في سيناء".
ولا يتفق الجميع مع هذا الرأي ويثير التعامل الأمني الصارم استياء السكان المحليين الذين طالما اشتكوا من إهمال القاهرة لهم.
شبه شلل
وتسبب حظر للتجوال خلال الليل في إصابة الحياة بشبه شلل بينما سبب التشويش على الإنترنت والهواتف بهدف قطع اتصالات المسلحين.
ويقول سكان محليون إنهم لا يستطيعون الاتصال بالإسعاف لنقل قتلى أو مصابين أو حتى إبلاغ الشرطة إذا رصدوا مسلحين في منطقة قريبة.
وقتل عشرة مدنيين في منزلهم هذا الأسبوع خلال اشتباكات بين الجيش والمسلحين. وقالت مصادر أمنية إن قذائف مورتر أطلقها المسلحون أصابت المنزل، لكنها كانت في وقت سابق أثارت احتمال أن تكون غارة جوية عسكرية أخطأت هدفها.
ويقول مسؤولون مصريون إن الإجراءات الاستثنائية مثل
إغلاق المدارس ضرورية للأمن القومي ولسلامة السكان.
وقال محافظ شمال سيناء اللواء عبد الفتاح حرحور لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية الخميس إن المدارس في الشيخ زويد ورفح ستظل مغلقة بينما يؤمن الجيش المناطق المجاورة.
ورفض متحدث باسم الجيش التعقيب على خطط الجيش أو القول إن كانت ذات صلة بإغلاق المدارس لكن مصادر أمنية قالت إن الجيش يخطط لعمليات كبيرة في الأيام المقبلة ولا يرغب في أن يكون الأطفال في مرمى النيران.
مدينة أشباح وثكنة عسكرية
تحرص مصر على استعادة السيطرة الكاملة على سيناء. لكن معركتها تزداد تعقيدا.
وخلال الأسبوع الماضي أصيب خمسة من أفراد البحرية وأعلن فقد ثمانية بعد ما وصفه الجيش بحادثة "إرهابية" في البحر. ووقع هذا على بعد نحو 50 كيلومترا من بورسعيد مدخل البحر المتوسط إلى قناة السويس.
وقالت مصادر أمنية إن قنبلة انفجرت في ضاحية بالقاهرة أصابت ستة أشخاص قرب نقطة تفتيش للشرطة الخميس. وكان هذا هو أحدث هجوم ضمن سلسلة من الهجمات في العاصمة كان من بين أهدافها دار القضاء العالي ووزارة الخارجية وجامعة القاهرة.
وأعلن تنظيم أنصار بيت المقدس، وهو أنشط جماعة جهادية في مصر، مسؤوليته عن ذبح عدد من المصريين في الشهور الأخيرة بتهمة التخابر مع المخابرات الإسرائيلية. وبمبايعتها لتنظيم الدولة، فقد تتمكن الجماعة الآن من زيادة تمويلها وأنشطتها لتجنيد أعضاء وزيادة قدراتها القتالية.
ونشرت الجماعة تسجيل فيديو يشبه ما يبثه
تنظيم الدولة يعلنون فيه فيما يبدو المسؤولية عن هجمات انتحارية في 24 تشرين الأول/ أكتوبر، التي أدت لبدء العملية العسكرية في سيناء، وحولت بعض المنازل في رفح إلى أطلال.
وقال سالم العرايشي أحد السكان: "رفح أصبحت مدينة أشباح خلال الليل وثكنة عسكرية في النهار. ذكرياتنا ضاعت مع منازلنا".