كتب الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إريك تريجر، أن التظاهرات التي دعت إليها الدعوة السلفية والتيار الإسلامي يوم الجمعة 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، قد تتحول إلى معركة دامية مع الأمن.
ويقول الكاتب "في الوقت الذي يستعيد فيه الأميركيون نشاطهم من سبات طعام (عيد الشكر)، ربما تواجه
مصر أكثر أيامها عنفاً منذ أكثر من عام".
ويشير تريجر في هذا السياق إلى دعوة الجبهة السلفية لما أسمته "انتفاضة الشباب المسلم" ضد حكومة الرئيس عبد الفتاح
السيسي، حيث وافقت جماعات أخرى على المشاركة في الانتفاضة، من بينها جماعة "
الإخوان المسلمين".
ويجد الباحث أنه من الصعب التنبؤ بحجم الاحتجاجات وما ستتركه من آثار، إلا أنها قد تؤدي لمواجهات حادة بين الشبان الإسلاميين وقوات الأمن الحكومية؛ لأن كلا الجانبين يرى في التظاهرات دفاعا عن وجوده. ولهذا السبب أطلق المنظمون على انتفاضتهم "معركة على الهوية"، حيث يطالبون علناً للإطاحة بالسيسي.
ويلفت الكاتب إلى مقطع فيديو نشر من على اليوتيوب بتاريخ 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، وشوهد من قبل أكثر من 177,000 واتهم فيه الناشطون الإسلاميون الرئيس السيسي بمنع تطبيق الشريعة الإسلامية، "على سبيل المثال من خلال (تعليم الرقص والشذوذ والزنا)، والسماح لوسائل الإعلام بـشتم النبي والإسلام ليل نهار، ومعارضة إقامة الخلافة".
ويبين تريجر أنه في مقطع فيديو موسيقي آخر عنوانه "الانتفاضة" من تاريخ 22 تشرين الثاني/ نوفمبر أطلق المغنون على السيسي لقب "الفرعون" ووزير الداخلية محمد إبراهيم بـ "هامان"، في إشارة للطواغيت الذين تحدث عنهم القرآن الكريم، ومنهما فرعون وهامان اللذان رفضا دعوة النبي موسى.
وفي رد على الحملة الإعلامية هذه استخدم أنصار السيسي، كما يقول الكاتب، لغة دينية من أجل تشويه سمعة الانتفاضة. فقد انتقد المفتي السابق المناهض لمرسي والإخوان علي جمعة، الإسلاميين بقوله إن "دعواتهم للنزول بالمصاحف، إهانة للقرآن الكريم، وللدين الإسلامي"، مضيفا أن "هذه الدعوات، تشبه دعوات الخوارج الذين قتلوا سيدنا عليّ، ومثل هؤلاء لهم جزاء شديد يوازي جزاء من أهان القرآن بالسَّبّ"، ما يعني أن التمرد ضد السيسي عمل غير إسلامي.
ويرى الباحث أن دعوات تعبئة جماهيرية مثل هذه التي تدعو للتظاهر ضد السيسي من الصعب التنبؤ بمدى الاستجابة لها، وقد تكون مخيبة لآمال الداعين لها، خاصة أن السلفيين المصريين أنفسهم منقسمون، وأكبر منظماتهم، "الدعوة السلفية" ومقرها الإسكندرية دعمت السيسي بقوة ورفضت الدعوات للانتفاضة. وفوق كل هذا نجحت قوات الأمن في قمع محاولات أخرى جرت في الآونة الأخيرة لحشد الإسلاميين وإن كان ذلك بطريقة وحشية. ولم تكن لأي من تلك المحاولات أي تأثير على المسار السياسي في مصر أو الأمن الداخلي.
ويشير تريجر إلى أن حكومة السيسي تتمتع بدعم عدد من القوى في أوساط الشعب، الذي يريد الاستقرار الذي تهدده الانتفاضة المخطط لها. ومن هنا قد ترحب كتلة أساسية من المصريين بحملة قمع تقوم بها الحكومة ضد المتظاهرين أيا كان شكلها.
ويذكر الكاتب أنه لتجنب سيناريوهات الفشل دعا المنظمون أنصارهم للخروج من المساجد بعد صلاة الفجر، وهو ما سيمكن المشاركين للتجمع في مجموعات مباشرة قبل اشتباكها مع قوات الأمن.
ويجري أيضاً إعطاء إرشادات وتعليمات للمشاركين للاحتشاد نحو ساحاتهم العامة المحلية، ما قد يؤدي إلى انتشار الاحتجاجات في جميع أنحاء المدن الكبرى في الوقت الذي لا يزال الظلام يخيم على مناطق الاحتشاد. وبالإضافة إلى ذلك، اجتمع نشطاء من "الإخوان المسلمين" وسلفيين مناهضين للنظام وراء الانتفاضة، الأمر الذي يمكن أن يعزز من الإقبال على المشاركة فيها. وسوف تشمل الاحتجاجات أيضاً مشجعي مباريات كرة القدم الموالين لمرسي والمعروفين باسم "الألتراس"، الذين يعرف عنهم بأنهم مقاتلون متحمسون ضد قوات الأمن.
ويتوقع الباحث أن ترد الحكومة بقوة؛ لأن التظاهرات تدعو بصراحة للإطاحة بالسيسي. وعليه فالصور التي ستخرج من مصر يوم الجمعة ستزعج على الأرجح صانعي السياسات في الولايات المتحدة، وتحفز لقيام دعوات جديدة لانتقاد القاهرة وربما معاقبتها.
ويحذر تريجر إدارة أوباما من اتخاذ إجراءات عقابية؛ لأن التظاهرات تدعو حسب نظره للعنف.
ويخلص الكاتب إلى أن أي موقف من الولايات المتحدة ناقد للقاهرة سيشجع المتظاهرين؛ لأن المعركة التي يخوضها الطرفان موجودة، وهذا لا يصب في مصلحة واشنطن.