يشد
الجزائريون على بطونهم، بسبب التدهور الكبير في أسعار
النفط بالأسواق الدولية، بينما تتنامى مطالبات من قبل الطبقة السياسية، تدعو الحكومة إلى "مصارحة" الشعب بحقيقة الأوضاع بعيدا عن خطاب رسمي يتجاهل آثار تراجع إيرادات البلاد من النفط.
وتعتمد الجزائر على إيرادات النفط في تغطية ما نسبته 98% تقريبا من حاجاتها من مواد غذائية وتجهيزات، في موازناتها السنوية منذ عشر سنوات، فيما لا تتعدى صادراتها الأخرى 3%.
وحذر الوزير الأسبق لقطاع النفط بالجزائر، سيد أحمد غزالي، من عواقب اجتماعية وخيمة، في المستقبل القريب إن استمر تدهور أسعار النفط، وما ينجم عنه من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وخاصة منها الأساسية بالنسبة للجزائريين.
وقال غزالي في تصريح لـ"عربي21"، الأربعاء: "إذا استمرت الأوضاع على ماهي عليه، أتوقع أن تجد الحكومة بالجزائر، نفسها عاجزة حتى على تسديد رواتب الموظفين والعمال بعد عامين من الآن".
وتابع غزالي الذي شغل منصب رئيس الحكومة بالجزائر العام 1991: "المعضلة تكمن في أن المشاريع التي باشرتها الحكومة في عدة قطاعات ستتوقف". وقال: "طيلة 15 سنة لم تتمكن الحكومة من بناء
اقتصاد مستقل وإيجاد بديل للنفط وهذه مشكلة كبيرة، ستدفع ثمنها الأجيال القادمة".
وحذر غزالي من "ثورة" بالجزائر "جراء تراجع مرتقب في التنمية بسبب تدني أسعار النفط".
وتعتمد الجزائر في موازناتها السنوية منذ عقد من الزمن، سعرا مرجعيا للبرميل الواحد من النفط، يساوى 37 دولار، حتى عندما بلغت أسعار النفط 140 دولارا للبرميل الواحد عام 2011.
وازدادت المخاوف في الجزائر بعد تراجع سعر النفط في الأسواق الدولية، خاصة بعد أن ضاعفت الحكومة الجزائرية أجور للموظفين والعمال، معتمدة في ذلك على أسعار النفط المرتفعة.
ويتخوف الموظفون بالجزائر من تخفيض رواتبهم الشهرية بسبب تراجع سعر النفط، حيث سبق للجزائر أن شهدت هذا الوضع، بداية التسعينيات، وحينها اضطرت الحكومة إلى غلق الآلاف من الشركات العمومية وتسريح عشرات الآلاف من العمال.
وقال حفيظ صواليلي، الخبير في قطاع النفط، لـ"عربي21" إن الجزائر "تواجه تحديا حقيقيا، على خلفية تراجع أسعار النفط، حيث بلغ معدل سعر النفط الجزائري "صحارى بلند"، لتسليمات شهر يناير العام الماضي 70 دولارا للبرميل".
ويعتقد صواليلي أن الجزائر "تأثرت بتقلبات أسعار النفط ولكن أيضا بانخفاض مستوى الإنتاج، حيث يقدر معدل إنتاج النفط في الجزائر هذه السنة بحوالي 1.160 مليون برميل يوميا، فيما عرفت صادرات الغاز انخفاضا إلى مستوى 55 مليار متر مكعب، بعد أن كانت تقدر في حدود 62 مليار متر مكعب".
ويرى خبير النفط أن هذه العوامل "ساهمت في تراجع إيرادات الجزائر، حيث قدرتها المديرية العامة لمجمع سوناطراك البترولي "الشركة العمومية لإنتاج وتصدير المحروقات" بحوالي 60 مليار دولار، وهو ما يعني تسجيل الجزائر لعجز في ميزان نفقاتها، نتيجة المستوى الكبير للواردات من سلع وخدمات والتي تقارب 65 مليار دولار هذه السنة".
كما نبه إلى أن "هذه الوضعية ستدفع السلطات الجزائرية إلى تأخير بعض المشاريع المتصلة بالبنية التحتية والهياكل القاعدية، يضاف إلى ذلك شروع الحكومة الجزائرية في إشعار المؤسسات العمومية التابعة للدولة بضرورة اللجوء إلى آليات تمويل عبر المصارف والبنوك لتجسيد بعض المشاريع الكبرى مثل مطار الجزائر الدولي الجديد وميناء العاصمة الجديد".
وفي الثاني من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، دق تحالف "قطب التغيير" المكون من ستة أحزاب معارضة، ناقوس الخطر، وقال علي بن فليس، الناطق الرسمي للقطب، ببيان له، الثلاثاء: "نحن منشغلون تجاه التدهور المستمر لأسعار المحروقات الذي لم يحسب له حساب من طرف السلطات الحكومية التي تتمادى في التقليل من آثاره".
وقال بن فليس، رئيس الحكومة الأسبق ومرشح انتخابات الرئاسة الماضية، إن الوضعية التي تمر بها البلاد "تنبئ بشبح أزمة مالية خانقة تلوح في الأفق"، منتقدا ما وصفه "السياسات الاقتصادية المنتهجة التي أثبتت فشلها".