ملفات وتقارير

دلالات وتداعيات إغلاق سفارات أجنبية في القاهرة

بريطانيا أول من أغلقت سفارتها بمصر بعد التدهور الأمني ـ أرشيفية
بريطانيا أول من أغلقت سفارتها بمصر بعد التدهور الأمني ـ أرشيفية
شهد الأسبوع الحالي إعلان كندا وبريطانيا؛ إغلاق سفارتيهما في القاهرة، فيما كانت السفارة الأمريكية قد حذرت في الرابع من الشهر الجاري موظفي سفارتها بألا يبتعدوا كثيراً عن منازلهم.

وتزامن ذلك مع إعلان السفارة الألمانية إغلاق قسم التأشيرات أبوابه الخميس، بينما حذرت أستراليا مواطنيها من السفر إلى مصر.

وفي الوقت الذي اهتمت فيه الأوساط السياسية والإعلامية بتحليل دواعي وآثار هذه الإجراءات؛ دعا التحالف الوطني لدعم الشرعية إلى عدم الاكتراث بمثل تلك القرارات، أو الانشغال بها عن الحراك الثوري.

انعدام الثقة بالنظام

وقال رئيس حزب الأصالة المهندس إيهاب شيحة، إن الحراك الثوري لا يُشغل نفسه بموضوع إغلاق السفارات، "فلن تنجح ثورتنا إلا بأيدينا واصطفاف الشعب المصري، وليس بإغلاق السفارات ولا بتصريحات هذا المسؤول الغربي أو ذاك".

وأضاف لـ"عربي21" أن هناك رسالة واضحة مفادها أن تلك الدول لا تثق في قدرة قادة "الانقلاب" على حماية سفاراتها، مشيراً إلى أنه "لم يحدث مثل هذه الإغلاقات المتتابعة للسفارات حتى في أحلك الأيام التي مرت بها البلاد في السنوات الأخيرة".

وأرجع شيحة تأييد تلك الدول للانقلاب في مصر رغم إغلاق سفاراتها، إلى وجود "تخوفات على الاستقرار في المنطقة، الأمر الذي قد يهدد أمن الكيان الصهيوني"، مؤكداً وجود علاقات لزعماء هذه الدول مع المنظومة العسكرية "وبالتالي لا بد من الحفاظ عليها لاعتبارات براجماتية ومصالح شخصية".

إجراءات "محيرة"

بيد أن رئيس المكتب التنفيذي لحزب البديل الحضاري، د.حسام عقل، يرى أن "ما حدث أمر محير يفتح الباب أمام أسئلة عديدة"، مشيراً إلى أن "النظام الحالي لا يصارح الناس في الحقيقة".

وأضاف لـ"عربي21": "لا يمكن أن تكون إزالة كتلة إسمنتية من أمام السفارة البريطانية بالقاهرة وراء تلك القرارات المتتالية بالإغلاق والتحذير والتعليق لعدد من السفارات".

وأشار عقل إلى عدة فرضيات لإجراءات السفارات، منها "الصراع الضخم بين أجنحة السلطة في مصر، ووجود مخاوف حقيقية لدى تلك الدول من خروج المشهد عن السيطرة، أو أنها تهدف إلى تشكيل ضغط دبلوماسي على النظام الحالي للتخفيف من قبضته الأمنية في البلاد، أو لعلم تلك الدول بإعداد النظام لأحكام قضائية قد تصل إلى الإعدام لقيادات في جماعة الإخوان المسلمين، على رأسهم الرئيس محمد مرسي، الأمر الذي قد يفجر الوضع الأمني في الشارع، ويهدد سفارات الدول الغربية".

وتابع: "إذا ضممنا لما سبق؛ التسريبات الأخيرة لقيادات في الدولة، فإنه يُخشى من وجود مخطط لدى النظام باستهداف السفارات، ثم نسبة ذلك للحراك الثوري، واستثماره أمنياً وسياسياً".

ومؤخراً، أذيعت تسريبات صوتية، لم يتسن التأكد من صحتها، تضمنت أصواتاً مفترضة لمسؤولين مصريين يتحدثون عن تبديل معالم مكان عسكري كان مرسي محتجزاً به بعد الانقلاب عليه في تموز/ يوليو 2013، بحيث يبدو وكأنه سجن تابع لوزارة الداخلية؛ حتى يكتسب الاحتجاز صفة قانونية.

دلالات سياسية

من جانبه؛ استبعد نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام، الدكتور وحيد عبدالمجيد، أن يكون لإجراءات السفارات أية دلالات سياسية.

وقال لـ"عربي21" إن إعلان بعض الدول تعليق أعمالها يأتي في سياقه الطبيعي، وضمن الإجراءات الأمنية المجردة التي تتخذها بلدان تلك السفارات في مصر وعدة دول، مؤكداً أنه "لا يمكن ربط ذلك بأية تغييرات سياسية؛ إلا عند بعض من يتعامل مع الأمر على أنه جزء من المؤامرات والخطط التي تستهدف البلاد".

على الجانب الآخر؛ يقف أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة، الذي يؤكد أن هناك دلالات سياسية مهمة وخطيرة لما جرى.

وقال لـ"عربي21" إن على الحكومة المصرية "أن تصارح الشعب بالأسباب التي دعت تلك الدول لإغلاق أو تعليق العمل بسفاراتها في القاهرة، وهل كان ذلك لرغبتها في إغلاق الطرق المؤدية إليها، أم لعدم كفاية الأمن.. لا شك أن الأمر يثير قلقاً في الداخل والخارج".

حرب سفارات

أما رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، الدكتور طارق فهمي؛ فقد وصف ما حدث بأنه "حرب سفارات على أرض مصر".

وقال في حديث لـ"عربي21" إن "لدى الدول الغربية تقارير أمنية دعتها لاتخاذ تلك القرارات، خاصة مع تنامي تهديدات تنظيم داعش"، مضيفاً أن "تلك الدول تهدف أيضاً إلى إحراج مصر بأنها غير آمنة".

وعلى الرغم من عودة العلاقات الدبلوماسية بين النظام المصري والدول الغربية، وتبادل الزيارات واللقاءات على مستوى رفيع؛ إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن تلك الدول تتحرك في الاتجاه الذي تريده مصر، بحسب القيادي في الجمعية الوطنية للتغيير، د.أحمد دراج.

ويضيف دراج لـ"عربي21": "هذه القرارات لسفارات تلك الدول تتسم بالبراجماتية، وتتعلق بالمصالح الذاتية لتلك الدول، بغض النظر عن اللقاءات الرسمية، ففي العادة ليس من السهل على الدول الكبرى أن تستسلم لرغبات الدول التي كانت تابعة لها في الماضي".

يشار إلى أن وتيرة الاحتجاجات الشعبية في مصر ازدادت مع قرار محكمة جنايات القاهرة بتبرئة الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه وعدد من رموز نظامه؛ من تهم متعلقة بالفساد وقتل المتظاهرين.
التعليقات (0)