لا تبدي مريم (44 عاماً) استغرابها من إصابة ابنتها الصغيرة ليلى بهامة الجرب، فهي تدرك تماماً أن داء الجرب يتربص أفراد عائلتها، بسبب نقص المياه الشديد التي تعاني منه كامل مدينة
حلب، لكن بالمقابل تعرب عن أسفها من عدم توفر الأدوية والشروط الصحية المناسب،ة التي تساعد ليلى على الشفاء.
تقول مريم التي تقطن حي "طريق الباب" لـ"عربي21": "قال لي الطبيب عليك بغسل الثياب والأغطية يومياً، ومن ثم كيها حتى تتعقم"، وتابعت بحسرة: "هنا المفارقة.. لا كهرباء، ولا مياه تتوفر في المدينة، والطبيب يطالبني بالغسيل والكي، وهذا ما يزيد الأمر تعقيداً".
ولا يبدو أن داء الجرب هو الداء الوحيد الذي بات يتفشى بالمدينة، فالحديث يدور عن انتشار القمل الذي يشهد انتشاراً واسعاً في المدينة، خصوصاً بين الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس، في الوقت الذي حذرت فيه جمعيات معنية بالمجال الصحي في المدينة، من تحول هذه
الأمراض إلى
أوبئة في حال عدم التصدي لها.
إلى ذلك، أعربت "مديرية الصحة الحرة" عن أسفها الشديد لما آلت إليه الأوضاع الصحية في المدينة، وأبدت عجزها التام عن تأمين الأدوية المجانية بسبب نقص الدعم وارتفاع تكلفة توفير العلاج.
وجاء ذلك على لسان مديرها الطبيب ياسر الدرويش في حديثه لـ"عربي21"، حيث عزا سبب تفشي الأمراض في المدينة إلى التماس المباشر بين الأشخاص في المدارس والمعسكرات أيضاً.
وعلى الرغم من العجز الرسمي، إلا أن بعض الجمعيات أعلنت عن حملات لتوزيع الأدوية مجاناً، ومنها جمعية "فسحة أمل" التي أعطت بارقة أمل للأهالي في حلب، بأنه لا زال هناك أحد يقف إلى جانبهم.
عيادات لغير المؤهلين:
من جهة أخرى، ونظراً لغياب الرقابة الصحية في المناطق التي يسيطر عليها الثوار، فقد استفاد البعض من هذا الواقع، حيث بدأت تنتشر في المدينة عيادات وصيدليات لأشخاص قد يكونون غير مؤهلين للقيام على هذه المرافق الصحية.
ويأتي ذلك وسط رفض البعض وترحيب البعض بهذه المرافق، لكن بحذر، بحسب الطبيب "عمر فروح" الذي أبدى ترحيبه بفتح عيادات سنية لطلاب لم يتخرجوا بعد، مشيراً إلى أن نقص
الأطباء يستدعي التسهيلات أمام الطلبة الذين لم تسعفهم الظروف حتى يكملوا مشوارهم الجامعي. وشدد بالمقابل، على ضرورة متابعة هذه العيادات، والنظر في أمر القائمين عليها، ومدى مناسبتهم لهذا العمل.
بدوره، أفاد مدير الصحة أن المديرية تقوم بجولات ميدانية بالتعاون مع الهيئة الشرعية، التي تمثل السلطة القضائية في المدينة، للكشف عن هذه المخالفات.
وعن الإجراءات التي تتخذها المديرية بحق المخالفين، قال: "إذا كان الطبيب أو الصيدلي غير متخرج فالمديرية تقوم بفحص خبرته الطبية، وإذا كان مؤهلاًً تقوم المديرية بتزويده برخصة مزاولة المهنة، أما إن كان غير مؤهل فيتم إخضاعه لدورات مناسبة تقوم المديرية بتقديمها".