قال الأمين العام لجماعة العدل والإحسان
المغربية محمد عبادي، إن الراحل
عبد السلام ياسين "عاش لله وللأمة وليس لنفسه"، وأن "المغرب يعرف أنواعا من الظلم لن تستمر ولا ينبغي السكوت عنها"، وذلك مساء الأحد بمدينة سلا قرب العاصمة الرباط، في كلمة افتتح بها حفل تأبين الشيخ عبد السلام ياسين في الذكرى الثانية لرحيله.
وقال عبادي، المسؤول الأول في العدل والإحسان، "إن قليلا من الناس في المغرب يملكون كل شيء، وإنه من المفارقات أن نشاهد القصور وعشرات الفقراء أمام المساجد مشردين، كما أن آلاف المواطنين يسكنون في أحياء لا تصلح حتى لإيواء الحيوانات، مؤكدا، في كلمة أمام عشرات من محبي الشيخ وعائلته وقيادات من حركات إسلامية شتى، أن العدل أساس الملك، وأنه "لا يمكنك رفع شعار العدل إن لم يكن الله يسكن قلبك، لأنك ستخاف إما من السجن وإما على مصالحك"، على حد تعبيره.
وحول بعض التوجسات والأسئلة التي تطرح على الجماعة، قال عبادي "إننا لسنا دعاة نقمة، بل نحن دعاة رحمة، وعلاقتنا بعباد الله هي علاقة دعوة ورحمة وصبر وتحمل"، مؤكدا أن "العدالة الاجتماعية، التي هي جوهر الاشتراكية، من صميم ديننا"، وداعيا الجميع بقوله "تعالوا جميعا نتعاون على إقامة العدل وإزهاق الباطل، فمن أجل هذا تعالوا لنتعاون".
وفي جوابه حول الغاية من تخليد ذكرى الراحل عبد السلام ياسين، قال أمين عام الجماعة، إن الغاية "نفض الغبار عن هذا الرجل الرباني، لنريه للناس كما كان، ولن نستطيع لأن معرفتنا به أيضا معرفتا سطحية، فلا يعرف أولياء الله إلا الله أو من كان مثلهم"، معتبرا "أن محبته تسكن قلوبنا، فلا نحتاج إلى يوم في السنة لكي نستحضر مواقفه وشمائله، لما خلّفه بيننا من كتب قيمة وفيما دعانا إليه وأوصانا به".
واختتم عبادي كلمته بقوله إن عبد السلام ياسين "وجهت له في حياته سهام عدة شوهت سمعته ونالت من عرضه، ووصف بالخرف والتجهيل وكل النعوت القبيحة، فحرمت الأمة والمغاربة من الاستفادة من أخلاقه ومما قام به من تجديد في الدين".
التوحيد والإصلاح: الشيخ ساهم في استقرار الوطن
وضمن الكلمات التي شهدها حفل التأبين، قال رئيس حركة التوحيد والإصلاح عبد الرحيم شيخي إن "الراحل الشيخ عبد السلام ياسين، كان من الأوائل الذين دعوا لنبذ العنف والسرية قولا وفعلا، وأنه بمنهج الوضوح في الفعل والمواقف ساهم بشكل كبير في استقرار البلاد، وأن النهج ذاته ما تزال عليه جماعة العدل والإحسان إلى اليوم"، معتبرا أن السرية أدت بالعديد من البلدان والتنظيمات والحركات "إلى ما لا تحمد عقباه"، على حد قوله.
وقال المسؤول عن التوحيد والإصلاح إن ياسين "رحل جسدا، لكن روحه وأفكاره وآثاره باقية، سواء من خلال إنتاجاته الغزيرة، أو آثاره التربوية من خلال أعضاء الجماعة، أو من خلال كل من تأثر بكتاباته، فذاك هو الخير الذي يبقى لهذا الشيخ ولهذا المربي الذي أسهم من خلال تلك الجهود والآثار في استقرار هذا الوطن".
وعن فكر الراحل ياسين، قال شيخي "بالإضافة إلى كتاب "الإحسان" فإن أهم ما يؤطر كتابات الشيخ هو حديثه عن الدار الآخرة، وربط كل الأعمال بالله تعالى، عكس ما قد يظن من أن العدل عنده هو الأول، بالنظر لاسم الجماعة أو لتأليفه لكتاب العدل قبل كتاب الإحسان".
الإخوان المسلمون: الهجمة اليوم على الإسلام لا علينا
بدوره، بدأ القيادي بجماعة الإخوان المسلمين أشرف عبد الغفار، حديثه بحفل التأبين، بعتاب لجماعة العدل والإحسان، لكون فكر الراحل عبد السلام ياسين ظل حبيس المغرب، ولم يمتد لمساحات أرحب، كما لام الآخرين أيضاً، ومنهم جماعته، كونهم لم يبذلوا جهودا حقيقية في التعرف على فكر الراحل.
وقال عبد الغفار القادم من مصر "الجريحة" كما سماها، "إننا نعيش أياما صعبة، لكنها قدر الله، ولو أراد الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض" مشددا على أن كل صاحب حق سيسترده، سواء طال الزمن أو قصر.
واعتبر عبد الغفار أن "الحرب الجارية اليوم ليست ضد الإخوان المسلمين في العمق، وإنما هي حرب ضد الإسلام والمسلمين ككل"، مضيفا "أن مجرد هيئتك أو صلاتك أصبح مدعاة لاتهامات بالإرهاب"، إلا أنه اعتبر أن "ما تمر به الأمة اليوم هو اختبار لها ولإيمانها، وهي إشارات تؤكد أن المسلمين على أعتاب الخلافة الإسلامية الراشدة كما وعد بها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام"، على حد قوله.
هذا وقد شهد تخليد ذكرى الراحل عبد السلام ياسين على امتداد يومي السبت والأحد الماضيين، كلمات عدة من شخصيات وطنية إسلامية وغير إسلامية من داخل المغرب كما من خارجه، بالإضافة إلى كلمة رثاء مؤثرة أبكت عددا من الحاضرين لحفيدة الشيخ ياسين فاطمة الزهراء شيباني، بالإضافة لتلاوة لسورة الفاتحة عن روح القيادي في الحركة عبد الله بها الذي توفي الأسبوع الماضي.
وشهد حفل الذكرى كذلك تنظيم ندوتين حول التغيير في فكر الراحل عبد السلام ياسين، ألقاهما عدد من الأكاديميين من المغرب وخارجه، كما شهدت الذكرى قصائد شعرية وفنية لرثاء الراحل منها مساهمة للفنان رشيد غلام وللشعار منير الركراكي.
وفي مثل هذا الشهر من العام 2012، توفي مؤسس جماعة العدل والإحسان المغربية عبد السلام ياسين، في موكب جنائزي غير مسبوق لرجل من رجالات الدعوة المعروفين في المغرب والعالم العربي والإسلامي.