دعت مؤسسة
الجيش بالجزائر،
المعارضة السياسية بالبلاد إلى "اقتراح الحلول المناسبة لحل المشاكل التي تواجه
الجزائر بدل اعتماد الإثارة و المغالطة والمبالغة في اختلاق الأزمات وتزييف الحقائق على مختلف الأصعدة".
جاء ذلك، في افتتاحية مجلة "الجيش"، الصادرة اليوم الاثنين 15 كانون الأول/ ديسمبر، حيث وجهت المؤسسة العسكرية بالجزائر، انتقادات لاذعة للمعارضة السياسية، بعد أن اتهم قادتها، نهاية الأسبوع الماضي، رئيس أركان الجيش،
الفريق قايد صالح بـ"التدخل بالشأن السياسي".
وكان قادة معارضون، ينتمون لـ"
تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي"، انتقدوا تصريحا للفريق قايد صالح، خلال محاضرة ألقاها أمام الوحدات العسكرية بمحافظة ورقلة (800 كلم جنوبي الجزائر) يوم السابع من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أكد فيها أن "شرعية انتخابات الرئاسة التي جرت يوم 17 نيسان/ أبريل الماضي، لا غبار عليها".
وقال قايد أيضا: "لا أسمح بزرع الفوضى بالبلاد".
وفهم قادة المعارضة، ومن بينهم رئيس حزب "جيل جديد" الحداثي، جيلالي سفيان، أن تصريح القائد الأول بالجيش الجزائري، بمثابة "تزكية للرئيس بوتفليقة"، ما اعتبره "تدخلا في الشأن السياسي".
وجاء موقف المعارضة، بالتوازي مع بيان مشترك لأحزاب "تنسيقية الحريات و الانتقال الديمقراطي"، دعت فيه إلى إعلان حالة الشغور بمنصب رئيس الجمهورية وتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة، كون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة "عاجزا عن أداء مهامه الدستورية بسبب المرض".
ونفت مؤسسة الجيش بالجزائر اليوم، أن تكون طرفا في اللعبة السياسية، وأكدت بمجلتها، التي أفردت بها صفحة "خاصة" ضرورة " الالتزام واحترام مؤسسات الدولة وعلى رأسها مؤسسة الجيش الوطني الشعبي و المحافظة على استقراره وتماسكه ووحدته، وعدم الزج به في الشأن السياسي".
لكن، محمد حديبي، القيادي في حركة "النهضة" المنتمية لتحالف المعارضة، يؤكد لـ"عربي21"، الاثنين أن" المعارضة لا تقبل أن تتهم بالتخوين، وبمحاولات زرع الفوضى والبلبلة"، وقال إن "الجزائريين أصبحوا واعين بالمخاطر التي تحدق بهم".
وقال حديبي: "نحن لا نقبل أن يستعمل الجيش الجزائري الذي هو سليل جيش التحرير الذي حارب الإستعمار الفرنسي كغطاء لفشل النظام في تسيير الدولة، وتوقيف مسار النقلة الديمقراطية التي نطالب بها".
ولم تذكر مؤسسة الجيش أيا من أطراف المعارضة مقصودا في موقفها المعبر عنه بالمجلة، لكنها أشارت إلى تصريحات أدلى بها معارضون سياسيون، من بينهم رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" محسن بلعباس، الذي أكد لصحيفة "عربي21"، السبت 13 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، أن "توريط الجيش في شؤون انتخابية، يمثل خطرا جسيما على البلاد".
ونبه محمد خلفاوي، العقيد المتقاعد من الجيش، إلى أن "الوضع في البلاد ينذر بالخطر"، وقال لصحيفة "عربي21"، الاثنين: "يجب أن نأخذ المخاطر التي تحوم بالبلاد مأخذ الجد، فهناك خطر الدولة الإسلامية وخطر تراجع أسعار النفط"، داعيا كل طرف بما في ذلك مؤسسة الجيش إلى الاضطلاع بالدور المنوط بها لتجنيب البلاد "مخاطر الانزلاق".
وجاء بمجلة الجيش: "في ظل التوتر وعدم الاستقرار الذي تشهده المنطقة، تبقى الجزائر أمام تحديات ورهانات عسكرية وأمنية، تتطلب التكاتف ولم الشمل والوحدة واقتراح الحلول المناسبة لحل المشاكل التي تواجه الجزائر، بدل اعتماد الإثارة والمغالطة و المبالغة في اختلاق الأزمات وتزييف الحقائق على مختلف الأصعدة".
واعتبرت المجلة، أن ما بدر من تصريحات أطراف سياسية، يعتبر "تحريضا ودعوة للتمرد بعبارات واضحة وصريحة"، وتضمنت تساؤلا مفاده: "أليس ذلك مخالفا للقوانين والأعراف السياسية؟".
بينما رأت أنه "حري بهؤلاء الالتزام واحترام مؤسسات الدولة، وعلى رأسها الجيش الوطني الشعبي، وعدم الزج به في الشأن السياسي الذي هو ليس من مهامه على الإطلاق، وعدم استغلال تمسكه بمهامه الدستورية للطعن في شرعية مؤسسات الدولة".
ودان الجيش الجزائري ما أسماه "المحاولات اليائسة لبعض الأطراف التي تعبر عن طموحات شخصية نابعة من أفكار بعيدة كل البعد عن تاريخ وجغرافيا وواقع الجزائر، تسوق لأفكار وتمنيات تحولت مع الوقت إلى أوهام، وهم يسعون لتجسيدها وتنفيذها بالوكالة".