سويف: "الحقوق" في الدول العربية هي الأسوأ عالمياً

- للمرأة دور جوهري في إنجاح الثورات وسيشهد هذا الدور مزيداً من الزخم

- الحقوق والحريات تنتزع بالنضال المستمر وعدم التنازل مهما كانت المعاناة

- الشباب العربي يتمتع بحرية التعبير عبر الإنترنت رغم كل محاولات القمع

- ضعف القيادات الحزبية والثورية أضعف دور المرأة وأبعدها عن القيادة

الأستاذة الجامعية د. ليلى سويف ناشطة سياسية مصرية في مجال حقوق الإنسان والحريات في المجتمع المدني، وعضو مؤسس في حركة 9 مارس من أجل استقلال الجامعات، وهي زوجة الناشط الحقوقي المتوفى أحمد سيف الإسلام، المدير السابق لمركز هشام مبارك للمساعدة القانونية.

ابنها علاء عبدالفتاح ناشط سياسي محبوس على ذمة قضية تظاهر، وابنتها منى ناشطة سياسية أنشأت مجموعة لا للمحاكمات، أما ابنتها الصغرى سناء فهي محبوسة على ذمة قضية تظاهر.

"عربي21" التقت د. ليلى سويف، التي تحدثت عن أوضاع الحقوق والحريات في العالم العربي، وكيفية انتزاعها في ظل القبضة الأمنية القمعية، معرجة على دور الإنترنت في قيام الثورات، وما قدمته المرأة في سبيل إنجاح "الربيع العربي".

وتالياً نص الحوار..

* ما تقييمك لأوضاع الحقوق والحريات في العالم العربي؟

- أوضاع الحقوق والحريات في العالم العربي هي الأسوأ على مستوى العالم، فبالمقياس الطبيعي تُعد الدول العربية بعيدة جداً عن تلك الدول التي تتمتع بقدر يسير من الحرية.

* ألا يوجد تفاوت في أوضاع الحقوق والحريات من دولة عربية إلى أخرى؟

- نعم هناك تفاوت من بلد عربي لآخر، باختلاف الظروف السياسية التي يمر بها هذا البلد أو ذاك، فوضع الحريات في مصر قبل سنتين كان أفضل بكثير من دول عربية، أما الآن فالحقوق والحريات متردية جداً، وتشهد انتكاسة كبيرة، وانظر على سبيل المثال إلى عمليات الاعتقال التي تمارسها السلطة الحالية على معارضيها، سواء من تيار 25 يناير، أو من جماعة الإخوان المسلمين، أضف إلى ذلك الانتهاكات الكثيرة التي يعاني منها هؤلاء المعتقلون.

فبالمجمل؛ الوضع متردٍّ للغاية، والمذهل أنه لا يوجد مبادلة، بمعنى أن هناك دولاً تهدر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لمواطنيها ولكنها في المقابل تمنحهم حقوقهم في الحرية والتعبير.. والعكس، ولكن هنا في مصر نجد أن كل الأمور متردية.

* كيف يمكن أن تنتزع الحقوق والحريات في ظل القمع والاستبداد والقبضة الأمنية؟

- الحقوق والحريات تُنتزع بالنضال الدؤوب المستمر، وليس من خلال العمل القصير، فعند النظر إلى تجربة جنوب إفريقيا، أو إلى السود في أمريكا، أو أي تجربة أخرى؛ نجد أن الذين كانوا يطالبون بحقوقهم توفرت لديهم نواة صلبة، وعمل مستمر لا يتوقف أبداً، وكانوا مستمرين في نضالهم سواء أقبلت الجماهير إليهم أو ابتعدت عنهم.

لذلك؛ فإن من العوامل الرئيسة لانتزاع الحقوق والحريات؛ وجود نواة صلبة قوية لا تتنازل عن حقوقها مهما كانت المعاناة، وهذا ما نفتقده في العالم العربي، إلا أنني أرى أن تلك النواة تتشكل حالياً في الشارع المصري بفضل الشباب الذين قاموا بثورات الربيع، وآمل أن يكون نضالهم المستمر أحد أهم الأسباب لوصولهم إلى ما يريدون.

الثورة والإنترنت

* كيف تنظرين إلى دور وسائل الاتصال الحديثة في التواصل الثوري؟

- ثورة التكنولوجيا دخلت العالم العربي منذ نهاية تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة، وأصبح من الصعب الآن التحكم في تدفق المعلومات عبر شبكات التواصل الاجتماعية، وبات الشباب قادراً اليوم على التعبير والتواصل عند امتلاك أقل أدوات المعرفة في عالم الكمبيوتر.

لذلك؛ فقد أصبحت وسائل الاتصال الحديثة أحد أهم الروافد التي أدت إلى ثورات الربيع العربي، وهذا ليس غريباً؛ فكل تغيير كبيير في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات كان يصاحبه تغيير سياسي، أو يفيد التغيير السياسي منه، بحيث كان مؤثراً في شكل الثورات والتغيرات السياسية المصاحبة  لها.

وأذكر أن صناعة التلفزيون غيّرت كل الحملات الانتخابية في أمريكا والعالم، وتوفير الكاسيت وسهولة توزيعه ورخصه أثر كثيراً في الثورة الإيرانية، وأصبح من السهل أن يصل الخطاب الثوري إلى الملايين بدلاً من المنشورات والخطابات المكتوبة.

* لكن مع تزايد الرقابة الأمنية على الإنترنت، والتي يتبعها اعتقال وتنكيل، كيف يمكن للشباب العربي أن يعبّر عن رأيه؟

- الشاب العربي الذي يملك معرفة بالقراءة والكتابة؛ يدخل دوماً إلى الإنترنت، وهو مصدره الأساسي في التواصل والمعلومات، وبالتالي هو لديه القدرة على إيصال صوته، ويتمتع بحرية التعبير رغم كل محاولات القمع الموجودة أكثر من أي زمن سابق.

وباعتقادي أن القيود المتعلقة بحرية التعبير لن تقلل من عزيمة الشباب، ولن تحبط قدرتهم العالية على التغلب عليها، فهم قادرون على كسر تلك القيود، وثقتي بهم كبيرة، وأنا مقتنعة بأن فضاء حرية التعبير موجود وقائم عبر وسائل الاتصال المختلفة؛ على الرغم الثمن الغالي الذي ندفعه كل يوم من حريتنا ودمائنا.

المرأة والثورات

* ما رأيك بدور المرأة العربية في ثورات الربيع العربي؟

- المرأة العربية كان دورها محورياً في هذه الثورات، وعلى سبيل المثال في اليمن حيث كان وضع المرأة متأخراً بالمقارنة مع الكثير من البلدان العربية؛ رأينا كيف ظهرت السيدات في صدارة المشهد الثوري لسنوات، وأبلت بلاءً حسناً.

كما لعبت المرأة دوراً مهماً في تونس مكّنها من المشاركة بفاعلية في المشهد السياسي الذي تبلور سريعاً عقب انتهاء الثورة، في حين أربك الصراع المسلح في سوريا المشهد السياسي أمام المرأة التي اضطرت عندئذ للاختفاء وربما العمل من خلال طرق ووسائل لا نعلمها في ظل ندرة المعلومات.

* ماذا عن دور المرأة المصرية في ثورة يناير؟

- تبلور دور المرأة المصرية في ثورة 25 يناير ووصل إلى ذروته، ولكنه بدأ منذ بداية الألفية الماضية عندما رأيناها في صدارة المشهد السياسي والحقوقي، ولكن يغفل بعضهم دورها لعدم وجود المرأة في القيادة الرسمية للأحزاب والحركات الثورية، وهذا ليس ضعفاً في المرأة، وإنما هو ضعف في قيادات تلك الحركات.

* هل تتوقعين ظهور قيادات ثورية نسوية بعد غياب أكثر الرجال في السجون؟

- المرأة اليوم في الشارع والميدان والسجون والمعتقلات رغم القمع المستمر، فهي في نصب وكد وعناء في سعيها لإخراج المعتقلين، ومواجهة جهاز الدولة القمعي، فنراهن على أبواب السجون، وفي ساحات المحاكم، وفي أروقة النيابات؛ من أجل أزواجهن وأبنائهن، كما يحدث معي في السعي وراء ابني وبنتي، فالمشهد لا يخلو منهن أبداً.

وأستعير جملة قالها ابني علاء عبدالفتاح قبل إلقاء القبض عليه في المرة الأخيرة أثناء حضوره ندوة في مركز هشام مبارك عن حالات المختفين قسرياً، حيث قال: "مَن رزقه الله البنات؛ فقد ضمن من يركض خلفه ويبحث عنه عندما يختفي أو يتم حبسه، وسيجد من يقف إلى جواره وهو مريض أو مصاب".

والمرأة تعي دورها الجوهري، وما هي الأدوار المنوطة بها في ظل الثورة المضادة، ولن يتراجع هذا الدور، بل سوف يشهد المزيد من الزخم.