كان حال
التيار الإسلامي ممثلاً بحزب التجمع
اليمني للإصلاح في اليمن أفضل بكثير من حال التيار الإسلامي في
مصر خاصة بعد إعلان
الوحدة اليمنية.
فقد كان التيارالإسلامي قبل الوحدة اليمنية التي قامت بين شطري اليمن الشمالي والجنوبي عام 1990م، يعمل بشكل سري حاله كحال بقية التيارات الليبرالية والقومية.
لقد اصطدم بالقوى الإقليمية والدولية مبكرا، عندما ظهر بشكل علني عام 1963م على يد الشهيد محمد محمود الزبيري عقب ثورة عام 1962م، عندما أسس حزب الله، الذي كان من أهدافه الدعوة لقيام دولة يمنية إسلامية، والسعي لإنهاء الحرب الطاحنة في اليمن بين الجمهوريين والملكيين.
وكان نتيجة الصدام بين القوى الإقليمية، ممثلةً بالمؤسسة العسكرية والتيار الإسلامي ممثلاً بحزب الله اليمني، اغتيال الكاتب محمد محمود الزبيري مؤسس حزب الله في شهر إبريل عام 1965م، وبذلك يكون وأد أول ظهور علني للتيار الإسلامي في اليمن، ليظهر مرة أخرى عام 1979م تحت مسمى "الجبهة الإسلامية".
لقد استغل التيارالإسلامي الظروف الراهنة في تلك الفترة، وحاجة النظام الملحة لتيار قوي يحشده ضدالمعارضين له"خاصة الجبهة الوطنية الديمقراطية "، التي كانت تحظى بدعم قوي ومساندة مستمرة من نظام عبد الفتاح إسماعيل في الجنوب اليمني.
كان النظام في الشمال اليمني عام 1979م يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة على يد طلائع الجبهة الوطنية الديمقراطية التي احكمت قبضتها على المناطق الوسطى في الشمال اليمني، وبثت الرعب والذعر في قلوب الناس ونظام صنعاء آنذاك، الذي لم يكن يحكم سيطرته إلا على العاصمة صنعاء فقط، وكان سقوطها مرهونا بقرار أخير يتخذه عبد الفتاح إسماعيل ورفاقه.
لقد سال لعاب التيار الإسلامي في اليمن عندما طلب منه النظام التحرك لإيقاف تمدد الجبهة، في مقابل أن يُسمح له بتأسيس جمعيات خيرية لخدمة الناس، وإنشاء مراكز دعوية وإرشادية ودور لتحفيظ القران الكريم وعلومه.
بمعنى آخر، طُلب منه النظام الآيل للسقوط القضاء على الجبهة الوطنية، في مقابل السماح له بالدعوة إلى الله عزوجل، وكان أمرا عجيبا أن يحدث ذلك في دولة تعلن أنها دولة إسلامية، وتحكم بما أنزل الله.
إن هذه المفارقة المشينة حدثت في اليمن في عام 1979م، لتبين لنا أن حكم العسكر ما هو إلا حكم علماني منفعي ومصلحي يتاجر بآمال الأمة وآلامها وطموحاتها من أجل مشاريعه الذاتية الصغيرة، وما هو إلا وجه آخر للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
إن هذه المفارقة المشينة حدثت في مصر، كما أوردها الكاتب ثروت الخرباوي المنشق عن جماعة الإخوان المسلمين، (أوكما نعتهُ أحد قيادات الإخوان بأنه كان مخبرا للنظام داخل الجماعة) في كتابه "سرالمعبد".
فقد كتب أن عمر سليمان مديرالمخابرات المصرية عرض على قيادات الجماعة التي كانت تقبع خلف أسوار السجن، ومنهم مرشد الجماعة السابق مهدي عاكف بأن يطلق سراحهم ويسمح لهم بممارسة الدعوة إلى الله عزوجل داخل المساجد وفي مقرات الجماعة والجمعيات التابعة لها، في مقابل عدم خوضهم الانتخابات في النقابات الطلابية والمهنية داخل مصر.
لقد قبل التيار الإسلامي عام 1979 بهذه المقايضة في سبيل الدعوة الى الله عز وجل، وشارك بشكل رئيسي في القضاء على "الجبهة "، وتثبيت دعائم نظام صنعاء بتمويل سعودي سخي، استطاع نظام صنعاء أن يجلبه آنذاك، بذريعة القضاء على التوغل الماركسي الذي يحركه نظام عدن عن طريق "الجبهة".
ومازال النظام السابق في اليمن "نظام ما قبل ثورة 2011م"، يتلاعب بالموقف السعودي منذ تلك الفترة، فمرة يستخدم فزاعة الماركسية، ومرة أخرى يستخدم فزاعة الرافضة "الشيعة في اليمن"، وحاليا يستخدم فزاعة "الإخوان" لجلب أموال آل سعود، ولتحقيق مصالحه الآنية ومشاريعه الضيقة.
بعد قيام الوحدة اليمنية حصل التيار الإسلامي على ترخيص ممارسة نشاطه بشكل رسمي ومعلن، شأنه شأن بقية الأحزاب التي حصلت على ترخيص ممارسة نشاطها الحزبي والخدمي، وحل في المركز الثاني بعد الحزب الحاكم في أول انتخابات برلمانية حرة ومباشرة بعد الوحدة.
وشارك الحزب الحاكم والحزب الاشتراكي اليمني في حكومة ائتلافية عام 1993م.