تعقد غدا -الاثنين- جلسة الحوار الثانية بين كل من
حزب الله وتيار المستقبل، في مقر إقامة رئيس مجلس النواب
اللبناني نبيه بري في "عين التينة"، وقالت مصادر إعلامية إن الحوار لن يتناول ملفات أساسية في الخلاف بين الطرفين، فيما نقلت صحيفة "النهار" المحسوبة على فريق 14 آذار عن مصادر سياسية قولها إن "المتحاورين سيستهلون جلستهم بتقويم لنتائج الجلسة الأولى، وردود الفعل في الأوساط السياسية والشعبية التي واكبتها، التي أبرزت أن تلك الجلسة قد فعلت فعلها لجهة تنفيس الاحتقان والتشنج القائم في أوساط الفريقين على السواء".
الملفات الكبيرة والعالقة
وقلل مراقبون لبنانيون من أهمية جلسة الحوار الثانية، وقالوا إنهم لا يتوقعون جديدا فيها على صعيد الملفات الكبيرة والعالقة بين الجانبين، مشيرين الى أن المطلوب هو تحقيق خطوات عملية على الأرض، وأن تتمخض عن الجلسة الثانية نتائج يتحقق منها هدف تنفيس الاحتقان المذهبي والسياسي في البلاد، ويرى الإعلامي اللبناني إبراهيم هاشم أن الجلسة سيتمخض عنها "شيء تفصيلي يتعلق بخطوات عملية على الأرض أمنيا وإعلاميا، من قبيل تهيئة الأجواء لتفعيل الحملة الأمنية للجيش وقوى الأمن في الأراضي اللبنانية، بما فيها تلك التي تخضع لسيطرة حزب الله، كما جرى في الشمال وعرسال وغيرها".
فريق 14 آذار
ويضيف "هاشم" في حديثه لـ"عربي21" أن ثمة خطوات مطلوبة أيضا من الفريق الآخر -14 آذار- فيما يتعلق بتخفيف حدة الخطاب الإعلامي في وسائل الإعلام الموالية له، وهو ما لمسناه مؤخرا لدى بعضها"، مشيرًا الى أن ذلك قد يبتعه خطوات أخرى مثل المساعدة في عقد لقاءات فرعية بين طرفين كالبلديات واللجان المختلفة".
تهدئة الخطاب الإعلامي
أما الناشط السياسي يحيى خيرالدين فإنه يتفق مع "هاشم" في الخطوات المتوقعة، ولكن يرى "خير الدين" أن أقصى التوقعات من هذا الحوار "أن يؤدي إلى تهدئة الخطاب الإعلامي في المؤسسات التابعة للفريقين، ووقف الحملات المضادة"، وتابع قائلا إن هذه الخطوات بدأت تظهر فعليا "عبر إصدار الحزب تعميما على نوابه بوقف التصريح في هذه المرحلة لتخفيف الاحتقان، وقد يكون من نتائجه كذلك نزع بعض الأعلام الحزبية المنتشرة في بيروت، وإخفاء بعض المظاهر المسلحة التابعة لحركة أمل وسرايا المقاومة".
المرحلة الاستكشافية
وفيما يتعلق بالحديث عن جدوى الحوار إذا لم يتناول ملفات تأزيمية، أجمع المراقبون على أن هذه الملفات أكبر من "حزب الله" و"تيار المستقبل" في المرحلة الراهنة لارتباطاتها الإقليمية، ويرى "خير الدين" أن الجلسة الثانية "لا يتوقع منها أن تقدم جديدا، لأننا ما زلنا في المرحلة الاستكشافية، فلن يحصل مثلا خلالها اتفاق على التوجه إلى مجلس النواب يوم الأربعاء المقبل لانتخاب رئيس جديد للبلاد".
العلاقة مع المكون المسيحي
بينما يرى "هاشم" أن سقف الحوار من الأساس لم يكن مرتفعا، ومن ثم فان الجلسة "لن تتناول ملف حزب الله في سوريا أو أفق العلاقة مع المكون المسيحي، فهذه الملفات لا يستطيع "حزب الله" أو "تيار المستقبل" وضعها على طاولة الحوار في الوقت الراهن"، ولكنه يقول إن الجلسة "ربما سيكون أحد أهدافها "تهيئة أرضية للحوار بين الفريقين المسيحيين المتنافسين على ملف الرئاسة، ميشال عون وسمير جعجع".
قضية اغتيال الحريري
وحول المخاوف من التأثيرات السلبية لملف المحكمة الخاصة باغتيال رفيق الحريري، التي ستستأنف عملها الخميس المقبل، يتفق "خير الدين" و"هاشم" على أن هذا الملف لن يؤثر على سير جلسات الحوار لعدة اعتبارات مختلفة، ويرى "خير الدين" أن الحوار "انطلق أصلا في ظل عمل المحكمة، وبالتزامن مع الاتهامات العلنية لحزب الله في المحكمة من قبل النائب مروان حمادة، وهناك اتفاق بين الطرفين على ربط النزاع في هذا الموضوع"، أما "هاشم" فيري أن "المحاكمة أصبحت شيئا روتينيا، وحتى لو صدر قرار اتهام لشخصيات معينة بالتورط في اغتيال الحريري، فهذا لن يؤثر على الحوار، ولو كان ثمة تأثير لهذا الملف لرأيناه بعد الشهادة السياسية للنائب مروان حمادة، ورأينا كيف أن الشارع حينها لم يتأثر إطلاقا بما صدر عنه".
إيران والسعودية
أما عن الدور الإقليمي في الحوار فيرى "خير الدين" أن هناك دعما واضحا "عبر عنه وزير الخارجية الإيراني علي لاريجاني في بيروت، والسفير السعودي لدى لبنان عواض عسيري، وأكثر من ذلك هناك إرادة دولية لتجنيب لبنان تداعيات الحرب السورية"، ويضيف أن هذه الإرادة "تظهر هذا الأمر من خلال الزيارات الدبلوماسية الأخيرة التي شهدها لبنان، ومن خلال الدعم العسكري للجيش اللبناني من واشنطن والرياض"، وقال "خير الدين" إن الهدف الحفاظ على المسيحيين في هذا البلد، وأن يكون لبنان مستقبلا قاعدة مستقبلية لملف الإعمار في سوريا، وحتى في الحرب على التنظيمات المسلحة "المتشددة" في حال تمددها نحو لبنان".
تحييد الساحة اللبنانية
ويتفق "هاشم" مع "خير الدين" فيقول إن "هناك اتفاقا إقليميا على تحييد الساحة اللبنانية عما يجري في المنطقة، وتشجيع على الحوار الداخلي"، على الرغم من أن "طرفي المعادلة الإقليمية، (إيران والسعودية)، ما زالا بعيدين على صعيد العلاقة الثنائية وانعكاساتها على الساحة اللبنانية"، ويرى "هاشم" أنه إلى جانب ملفات البحرين واليمن والعراق هناك ثمة ملفات عالقة بين طهران والرياض، وهما ملفا النفط والنووي الإيراني "الذي لن يحسم قبل نهاية العام، وقبل ذلك لا حديث عن تسوية شاملة في لبنان".