تباينت ردود الأفعال حول القرار الأخير للحكومة
اللبنانية بفرض تأشيرة دخول على السوريين الراغبين في دخول البلاد، فهناك من وصفوا القرار بأنه "مجحف" و"يزيد معاناة السوريين"، وأن له "انعكاسات سلبية على وضع
اللاجئين في لبنان"، وأن نظام الكفيل الذي تضمنه القرار فتح المجال أمام ما وصفوه ب "سوق نخاسة جديدة من خلال تحصيل الاموال من اللاجئين "، فيما دافع عنه عدد من المسئولين اللبنانيين وقالوا أنه "ضرورة لتنظيم الأوضاع"، وأن "الظروف الأمنية استدعت صدوره".
ورسميا..قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، في رد على الجدل المتعلق بالقرار انه " تضخيم رد الفعل على الإجراءات أكثر مما تحتمل، لانها تنفذ منذ مدة بطريقة غير معلنة"، وأضاف وفي حديثه لإذاعة صوت لبنان بأن القرار دخل حيز التنفيذ بدءا من اليوم -الاثنين- على المعابر الحدودية، موضحا "أن القرار لا يتطلب تأشيرة دخول إلى الأراضي اللبنانية من السفارة اللبنانية في دمشق، بل ستمنح على المعابر الشرعية اللبنانية".
عبء كبير على الأمن العام
فيما وصف المدير العام الأسبق للأمن العام جميل السيد قرار فرض التأشيرة على السوريين بأنه "قرار سياسي وليس قانوني"، مضيفا "ينبغي بحسب القوانين أن يصدر عن مجلس الوزراء مجتمعا بعد استشارة الأمن العام، لا أن يصدر عن وزير الداخلية أو عن رئيس الحكومة منفردا"، وقال "السيد" إن مصدر قرار تعديل نظام تأشيرات الدخول للسوريين الى لبنان ليس الأمن العام، "وأن الأمر لو تُرك لمدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم لوجد حلولاً أفضل"، وأضاف "السيد" ان القرار غير قابل للتطبيق عمليا "ويرتّب أعباء كبيرة على الأمن العام في المراكز الحدودية، نظراً لصعوبة الفرز بين نوعية الداخلين إلى لبنان، وتمييز النازح عن غير النازح، وفي ظل عدم وجود عناصر أمنية كافية".
الوضع القانوني للاجئين
وقانونياً.. يرى حقوقيون أن القرار من الناحية القانونية لا مشكلة عليه، على اعتبار أنه معتمد لدى العديد من الدول، غير أن المخاوف تكمن في انعكاس القانون على اوضاع اللاجئين، وتحديدا فيما يتعلق بمن يضطر للخروج منهم، فيما يبدي آخرون تفهمهم للقرار من ناحية أنه تنظيمي لا أكثر، ويقول رئيس المؤسسة اللبنانية للديموقراطية وحقوق الإنسان المحامي نبيل الحلبي إن موقفه من هذا القانون يقوم على اعتباره "قانونيا صادر عن مرجع صالح، ولا يستهدف الوضع القانوني الثابت للاجئين السوريين في لبنان، طالما لم يغادروا الأراضي اللبنانية، ولكنه يستهدف السوريين القادمين الى لبنان"، مضيفا أن أنه ونظراً للأوضاع الاستثنائية التي تمر بها
سوريا فانه "يجوز للحكومة اللبنانية ان تتخذ قرارات منفردة بهذا الشأن، إذا كانت تستهدف المصلحة العامة العليا للدولة".
ويرى الحلبي في حديثه لـ"عربي21" أن هذا القرار موجود في العديد من الدول، وأن للقرار - بحسب رأيه- "مردود ايجابي على حالة اللاجئين السوريين في لبنان باعتباره يغربل من هو لاجئ حقيقي، و من هو لاجئ منتفع"، وأوضح ان اللاجئ الذي سيغادر لبنان الى سوريا لن يستطيع العودة، على اعتبار ان اللاجئ -لا سيما اللاجئ السياسي لا يمكنه- العودة الى سوريا"، مستدركا "لكن سنراقب تطبيق هذا القرار و نرفض ان يمتد هذا القرار، وهذه الشروط على أي لاجئ مقيم في لبنان عند تجديده للإقامة.
الوقوف المذل على المعابر
وعلى مستوى اللاجئين .. التقت "عربي21" مع إحدى الناشطات السوريات في مجال الإغاثة الإنسانية، التي قالت إن "الحكومة اللبنانية كانت مطالبة بأن تنظّم عملية دخول السوريين قبل هذا القرار"، وأوضحت الناشطة أن "الأمن اللبناني كان يوقّف السوريين لساعات على المعابر الحدودية بطريقة مذلة، تترك اللاجئ السوري لا يعرف إن كان سيسمح له لدخول البلاد أم لا، لعدم وجود قرار واضح بهذا الخصوص ولاعتماد دخوله من عدمه في حالات كثيرة على مزاجية الضابط المسئول".
سوق نخاسة جديدة
أما على الصعيد الاغاثي.. تؤكد الجمعيات والهيئات العاملة في هذا المجال أن القانون له سلبيات كثيرة، فقد أعرب رئيس اتحاد الجمعيات الاغاثية الشيخ حسام الغالي عن تخوفاته من انعكاسات سلبية لهذا القرار على وضع اللاجئين في لبنان، معتبرا أن أوضاع اللاجئين الحاليين في لبنان "خط أحمر لا يسمح المساس به"، وأشار "الغالي" في حديث لـ"عربي21" إلى أن نظام الكفيل الذي تضمنه القرار سيفتح المجال أمام ما سماها "سوق نخاسة جديدة من خلال تحصيل الأموال من اللاجئين الذين سيكونون بحاجة لتصويب أوضاعهم في البلاد".
أزمة إنسانية كبيرة
وحذر "الغالي" من أزمة إنسانية كبيرة في حال استمر العمل بهذا القرار، لا سيما فيما يتعلق باللاجئ المضطر لزيارة جزء من أهله في الجانب السوري أو العكس، وقال إن هذا القرار " منفرد لا نحبذه وليس في مكانه الصحيح، وكان الأولى بالحكومة الإقدام على هذه الخطوة بعد إجراء دراسة محايدة، بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني، خاصة وأن بعض الأجهزة الرسمية في الدولة لا تتعاطي مع ملف اللاجئين السوريين بشكل أنساني".