فرضت العاصفة
الثلجية "هدى"، التي هبت رياحها الباردة على الأردن منذ الأربعاء الماضي، ومازالت تأثيراتها مستمرة، ما يشبه
الإقامة الجبرية على الأردنيين في منازلهم.
وبدا واضحا في بعض شوارع العاصمة عمان، الجمعة، أنها مهجورة من المارة والباعة، ولا يقطع حبل سكونها سوى بعض آليات الجيش أو الدفاع المدني، وهي تتحرك محدثة الجلبة بمجنزراتها التي تشق الثلوج المتراكمة صوب طريق مغلق أو بلاغ من أحد المواطنين.
السبب في حالة الاستنفار المذكورة واضح جدا، فالنشرات التي أطلقها بعض المتنبئين الجويين أشعرت المواطنين وكأن كارثة طبيعية في طريقها إلى البلاد، وهنا كان لزاما على السلطات المحلية أن تصدر ما يشبه المنع والتحذير للمواطنين بعدم مغادرة المنزل إلا للضرورة القصوى، وتحت طائلة المساءلة القانونية والغرامات الباهظة، لكل من تعلق سيارته في الطريق، وتعيق عمل فرق الإنقاذ.
واستمرت حالة الطوارئ هذه الجمعة عبر بلاغ لرئيس الوزراء الأردني، عبدالله النسور، أعلن فيه تمديد العطلة المستمرة منذ يوم الأربعاء الماضي، لتشمل يوم السبت، فيما تقرر أيضا تأجيل امتحانات الثانوية العامة لمدة أسبوع، واستمرار الصحف اليومية في الاحتجاب.
وفي معرض تفسيره لأسباب الاستنفار التي أحدثتها العاصفة "هدى"، قال عضو مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان)، بسام البطوش، إن بلاده تعاني بالأساس من ضعف الإمكانات وشح الموارد، وهي تعاني الأمرين في ظل استقبالها مزيداً من اللاجئين تجاوز عددهم مليون ونصف المليون سوري.
وعدّ البطوش أن هذه الأمور سببت المزيد من الضغط على البنية التحتية، وعلى كفاية عدد الآليات اللازمة في المملكة ومرافقها المختلفة، وتسببت كذلك في تآكلها، وأثّرت على قدرتها بالصمود في ظل الظروف الجوية الطارئة.
وأضاف أنه "على الرغم من شعور الأردنيين بالتعاطف الشديد مع معاناة الأشقاء السوريين، إلا أننا نلوم المنظمات الدولية والمجتمع الدولي بسبب إحجامه عن تقديم الدعم اللازم للاجئين وللمجتمعات المستضيفة لهم".
من جهته، قال رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور في تصريحات نقلها التلفزيون الرسمي، الجمعة، إن بعض المقاولين (قاصدا القطاع الخاص) استجابوا في هذه العاصفة، وقاموا بإسناد الجهات المعنية بما يملكون من آليات، فيما تلكأ آخرون ولم يتعاونوا مع الجهات المعنية، وسيتم وضعهم على القائمة السوداء، ولن يحصلوا على عمل مع الحكومة أو البلديات في المشاريع الرسمية.
وأكد رئيس الوزراء الأردني ضرورة إعطاء اللاجئين السوريين اهتماما خاصا، باعتبارهم ضيوفا على أشقائهم في الأردن، ومنحهم الخدمات التي يحتاجونها كافة.
وأرجعت دائرة الأرصاد الجوية (حكومية) حالة الإرباك التي تعرض لها الأهالي إلى تباين توقعات الرصد الجوية التي أطلقتها مراكز رصد محلية مستقلة (لم يسمها)، عبر تحذيراتها من سرعة شديدة للرياح قد تصل لـ100 كلم في الساعة، في حين أن سرعة الرياح لم تتعد خلال الأيام الثلاثة الماضية 50 كلم.
وقالت الدائرة في بيان لمديرها محمد سماوي، الجمعة، إن إصدار توقعات جوية من أناس غير متخصصين علمياً، زاد من حالة التشويش والإرباك لدى المواطنين، مؤكداً أن دقة التنبؤات الجوية تقل كلما زادت فترة التوقعات عن أسبوع.
وقال سماوي: "نحن مؤسسة رسمية انضمت كعضو في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية وجامعة الدول العربية منذ سنة 1955، وهي معنية بمراقبة الطقس والمناخ، وبالتالي لا يحق لأحد إرباك المواطن، إذ نقوم نحن بصنع نشرة ولا نقتبسها، ونعطي الجهات المعنية والمختصة النشرة المناسبة لأخذ الاحتياطات والإجراءات اللازمة".
وكان النسور أعلن الجمعة عن تعطيل الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية أعمالها السبت، باستثناء محافظة العقبة (350 كم جنوب العاصمة) والدوائر والمؤسسات التي يتطلب عملها غير ذلك، نظرا للظروف الجوية السائدة، ليبلغ بذلك عدد أيام العطلة التي شهدتها البلاد أربعة أيام منذ الأربعاء وحتى السبت.
وقرر وزير التربية والتعليم محمد الذنيبات تأجيل امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي) مدة أسبوع، كذلك علّقت الصحف اليومية الأردنية صدورها منذ الخميس وحتى السبت، في بيان مشترك لها نتيجة عدم تمكن موظفيها من الالتحاق بأعمالهم، وكذلك صعوبة تأمين الأعداد الورقية للقراء، نتيجة تراكم الثلوج في أغلب مناطق البلاد.
ودعت وزارة الداخلية الأردنية في بيان لها الجمعة الأهالي وكافة الموجودين على أراضي المملكة إلى عدم الخروج من منازلهم إلا للضرورة القصوى.
وتوفي مواطنان وأصيب آخرون، إثر تصادم العديد من المركبات في مناطق مختلفة في العاصمة عمّان، بسبب تشكل
الانجماد، وفق مصدر أمني.
وشهدت العاصمة عمان وفق المصدر ذاته، أكثر من 100 حادث تصادم بين سيارات المواطنين نتيجة التجمد خلال ساعتين فقط، مؤكداً أن الآلاف من السيارات عالقة في الوقت الحالي في شوارع المملكة.
بدوره، قال أحمد النابلسي، وهو مسؤول في وزارة الأشغال، إن الوزارة بدأت الآن برش كميات من الملح على الشوارع الرئيسية في المملكة لفتحها أمام حركة السير.
ولفت النابلسي إلى أن الملح يعمل مباشرة على إذابة الجليد، وإزالة الخطر أمام مركبات المواطنين.
وتأثرت البلاد منذ الثلاثاء، بالعاصفة الجوية التي أطلق راصدون جويون عليها اسم "هدى"، حيث شهدت معظم أنحاء البلاد رياحاً شديدة ودرجات حرارة منخفضة، قبل أن تتساقط الثلوج على مناطق في شمال ووسط وجنوبي البلاد.
وتسببت الثلوج التي تساقطت بشكل متواصل على بعض المناطق بإغلاق الطرق، خصوصا في محافظات عمان وجرش وعجلون وإربد، شمال البلاد، فيما شرعت الأجهزة الحكومية والمحلية بالعمل على إزاحة الثلوج وفتح الطرق.