كشف تحقيق قامت به "عربي21" عن تقاضي موظف في مديرية
كهرباء البصرة في جنوب
العراق رشوة مالية بقيمة ربع مليون دولار من شركة تابعة للقطاع الخاص مقابل تقديم تسهيلات إدارية لصفقة قطع غيار خاصة بمحطات الطاقة الكهربائية.
وتسلط هذه الحادثة الضوء على حجم
الفساد المستشري في مؤسسات الدولة في العراق، وبينها شركة الكهرباء التي خصصت لها مبالغ كبيرة، ولكن العراقيين ما زالوا بلا كهرباء.
وتابع مراسل "عربي21" أحداث الصفقة التي جرت في مدينة السليمانية شمال العراق، حيث وصل "و.ف" الذي يعمل مديرا لقسم التجارية في كهرباء البصرة ليحل ضيفاً على شركة تتبع القطاع الخاص، وتعمل على توريد قطع غيار لحساب وزارة الكهرباء العراقية.
وتسلم الموظف الكبير شيكا قابلا للصرف بقيمة 310 مليون دينار عراقي، أي ما يعادل أكثر من 250 ألف دولار، من مدير الشركة، وذلك مقابل استخدام نفوذه لضمان صرف مبلغ صفقة صمامات كهربائية قامت الشركة صاحبة الرشوة باستيرادها لحساب دائرة كهرباء البصرة.
وأكد مصدر لــ"عربي21" أن الاتفاق يقضي ببقاء الشيك المستلم دون صرف وكضمانة للموظف الكبير لحين إتمام الصفقة، بحيث تتسلم الشركة مستحقاتها من وزارة الكهرباء، ومن ثم يتم تحويل مبلغ مماثل لقيمة الشيك إلى حساب مصرفي باسم أحد أقرباء الموظف الكبير.
وجرت عملية تسليم الشيك في مقر الشركة الواقع وسط شارع سالم المشهور في مدينة السليمانية، وأعقبت العملية مأدبة غداء حضرها مدير الشركة والموظف الكبير وأحد أصدقائه الذين قدموا معه من مدينة البصرة، فيما لفت مصدر من دائرة كهرباء البصرة إلى أن الموظف الكبير كان مؤشراً أمام سبب تغيبه أنه "يتمتع بإجازة لغرض زيارة العتبات المقدسة في كربلاء".
وتابع المصدر أن مواد الصفقة، وهي صمامات خاصة بالمحطات الكهربائية من منشأ أمريكي، وصلت في وقت سابق إلى ميناء مرسين التركي، وتم شحنها عبر منفذ "إبراهيم الخليل" في مدينة دهوك شمال العراق، ووصلت إلى محافظة البصرة.
وأوضح المصدر أن الموظف الكبير أكد خلال مأدبة الغداء أن المبلغ الذي تسلمة من الشركة لا يوازي الخطورة التي يتعرض لها، وأن هذه الصفقة تعد بسيطة مقارنة بما يطلبه زملاء له يشغلون ذات المنصب في بقية المحافظات العراقية.
ولفت المصدر إلى أن الموظف صاحب الرشوة كان قد تعرض إلى عقوبة الإبعاد من المنصب في وقت سابق على خلفية شكاوى ضده، ولكن انتسابة لأحد الاحزاب الدينية النافذة في محافظة البصرة ضمنت له العودة إلى المنصب مجدداً، مبيناً أن الأمر المؤكد أن جزءا غير قليل من أرباحه في صفقات الوزارة تذهب إلى هذا الحزب.
وكانت لجنة الطاقة في البرلمان العراقي قد أكدت في وقت سابق أن مجمل المبالغ المنفقة على قطاع الكهرباء في العراق منذ الاحتلال الأمريكي سنة 2003 يعادل ميزانيات دول مثل البحرين والكويت والإمارات.
وقالت البرلمانية عن محافظة البصرة سوزان السعد، في تقرير مقدم إلى البرلمان العراقي إن الحكومة العراقية صرفت على مشاريع الطاقة الكهربائية ما يقرب من 27 مليار دولار، فيما أنفق المواطنون أكثر من 80 مليار دولار على مدى السنوات العشر الماضية.
ورأت السعد أن وزارة الكهرباء صرفت أموالا هائلة تكفي لشراء أصول شركة جنرال التكريك بكل فروعها وخطوطها الإنتاجية، وكذلك شراء شركتي سيمنز إلكترونك وميتسوبيشي باور، حسب قولها.