خطفت العاصفة "هدى" التي هبت على الأردن ومنطقة
بلاد الشام منذ الثلاثاء الماضي، الأضواء عن الضابط في سلاح الجو الملكي الأردني الطيار
معاذ الكساسبة، الذي أسره تنظيم "داعش" (الدولة الإسلامية) في الرقة (شمال سوريا) عقب تحطم طائرته من طراز "إف 16" نهاية العام الماضي.
ومنذ الثلاثاء الماضي، ضربت عاصفة ثلجية منطقة الشرق الأوسط، أطلقت عليها دوائر
الأرصاد الجوية ووسائل إعلام في الأردن وفلسطين والعراق اسم "هدى"، أما في لبنان فأطلق عليها تسمية "زينة"، ولا تزال متواصلة في بعض الدول مثل الأردن ولبنان وسوريا والعراق ومصر، وتسببت بشل الحركة في الشوارع وتعطيل العمل في المؤسسات الحكومية ببعض تلك الدول.
وفي الوقت الذي اعتبر فيه مراقبون أن انشغال الرأي العام الأردني عن قضية الطيار الأسير بتداعيات العاصفة "هدى" جاء في صالح المساعي والمفاوضات المفترضة لتحريره، أكد مصدر حكومي رفيع أنها "تعمل بصمت للإفراج عن ابنها المحتجز لدى التنظيم، وبعيدا عن الصخب الإعلامي".
وفي تصريح خاص للأناضول، أضاف المصدر الحكومي: "خيرا فعلت هدى بأن دفعت الإعلام إلى الكف عن بث التحليلات والتكهنات في هذه القضية الحساسة"، متمنيا أن "يستمر الإعلام في عدم النشر ضمن هذه القضية حفاظا على حياة معاذ (الكساسبة)، باستثناء ما يصدر رسميا عبر القوات المسلحة والحكومة".
ويرى عضو مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) مصطفى الرواشدة أن "الشارع الأردني كان منشغلاً طيلة الأيام القليلة الماضية بالعاصفة الثلجية، ما صرف الأنظار عن الاهتمام الإعلامي بقضية الكساسبة".
وأضاف الرواشدة، أن "القضية لم تغب عن باله ولن يدخر جهدا في مواصلة أي جهد يمكن أن يساعد به في إطلاق سراح الكساسبة، بالتعاون مع الجهات المختصة كقضية تشكل أولوية وطنية"، لافتا إلى أن "العديد من الشباب الأردني وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب ممثلي العديد من الجهات الحقوقية الناشطة، كانوا يبرقون برسائل عدم نسيان قضيته، وهو أمر لا بد من التنويه له بين الحين والآخر".
وقال الرواشدة: "مع إيماني بأهمية سرية إجراءات الدولة لإطلاق سراح الطيار، إلا أنني أرى في ضرورة بقائها في ضمير ووجدان الشعب الأردني، أمرا لا يقل أهمية".
من جهته، رأى الكاتب المختص بشؤون الجماعات والحركات الإسلامية مروان شحادة أن "العاصفة الثلجية التي اجتاحت البلاد مؤخرا ربما أسهمت في تقليل الزخم والتناول والتحليل الإعلامي لقضية الطيار الكساسبة، وهو أمر أرادته الدولة منذ البداية"، لافتا إلى أنه "أمر ضروري أن تناول التحليل وتناقل الصور والأخبار ربما يضر بالقضية، بخاصة إذا ما صاحبه استفزاز وتعليقات صاخبة".
وأضاف شحادة أن "العاصفة بطبيعة الحال لن تؤثر على سير المفاوضات لإطلاق سراح الطيار"، مشيرا إلى أن "من يريد بقاء الأخبار ويتحكم بها أحيانا هو تنظيم داعش، لأنه يريد إشغال الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي بقضية الطيار حتى يمارس أقصى درجات ضغوطاته على الحكومة الأردنية والتحالف الدولي، لكف الضربات الجوية على معاقل التنظيم في سوريا والعراق".
وكانت نقابة الصحفيين الأردنيين دعت وسائل الإعلام المختلفة إلى توخي الدقة وتحري الحقيقة، في ما ينشر حول قضية الطيار الكساسبة.
وقال نقيب الصحفيين طارق المومني، في بيان عقب انتشار تحاليل وأخبار متعلقة بالكساسبة في الصحافة المحلية، إن "مجلس النقابة يؤكد ضرورة عدم نشر ما من شأنه التأثير على سير الجهود المبذولة للإفراج عن الكساسبة".
ولفت حينها إلى أن "الكثير من المعلومات التي تبث وتنشر في مثل هذه الحالات تفتقر إلى الدقة، ومن شأنها أن تترك أثرا سلبيا على جهود الإفراج عنه، فضلاً عن الإساءة لمشاعر ذوي الطيار والأردنيين".
وسبق للنائب العام الأردني زياد الضمور أن قرر أيضا عدم نشر أي صور أو أخبار يبثها تنظيم "داعش" تسيء للطيار الكساسبة، كما أنه حظر نشر أي تحليلات عسكرية تخص القوات المسلحة الأردنية بهذا الشأن.
ودعا المتحدث باسم الجيش الأردني العقيد ممدوح العامري مختلف وسائل الإعلام، إلى عدم نشر أي معلومات تمس بالأمن الوطني، وأن تقف في خندق الوطن، وأن تتعامل بكل مسؤولية مع حادث سقوط الطائرة العسكرية الأردنية، وأن تراعي مشاعر ذوي الطيار.
وكانت الدولة الإسلامية، أعلنت في 24 كانون الأول/ ديسمبر الماضي إسقاط طائرة تابعة للتحالف الدولي قرب مدينة الرقة (شمال سوريا)، وأسر قائدها الأردني معاذ الكساسبة، ونشر موالون للتنظيم صورا له على مواقع التواصل الاجتماعي.