كيف قامت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (
CIA) بـ"تضليل"
البيت الأبيض والكونغرس حول تعذيب المعتقلين أثناء استجوابهم؟
هذا السؤال قائم على فرضية أن البيت الأبيض والكونغرس تعرضا للتضليل بالفعل، وهو أمر غير معقول أبداً.
إن عدم فعالية عمليات
التعذيب قد قُتلت بحثاً وتم إثباتها بما لا يدع مجالاً للشك، وهذا أمر يعلمه جيداً الجيش الأمريكي ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، وتعلمه على الأقل وزارة الخارجية خلال الأربعين سنة الماضية، حتى إن النازيين أدركوا أنه لا يمكن تقديم معلومات موثوقة من خلال أساليب التعذيب.
وفي الإسلام؛ نعلم أن التعذيب لا يمنح معلومات استخبارية سليمة على الأقل، منذ قصة الفتية المسؤولين عن جمع المياه لقريش، الذين غيّروا أجوبتهم عندما تعرّضوا للضرب من قبل بعض الصحابة قبيل معركة بدر، حيث أخبروا الصحابة ما يريدون سماعه بهدف تجنب المزيد من العقاب، لا أكثر.
إن جميع الأبحاث الحديثة حول هذا الموضوع؛ تتمسك بفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الأسرى سيكذبون من أجل استيعاب معذِّبيهم، وأن هناك طرقاً أفضل لانتزاع المعلومات منهم.
وإن دليل الاستجواب عام 1963 لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية؛ ينص صراحة على أن "أرجح تقدير ممكن للاعترافات الكاذبة والملفقة، يكون ناتجا عن الآلام الشديدة كوسيلة للهروب من القسوة"، وعليه؛ فإن عدم فعالية التعذيب ليس اكتشافاً مفاجئاً.
طالما أن الغالبية العظمى من خبراء الاستخبارات الدوليين يؤمنون بعدم فاعلية التعذيب، فكيف يكون من الأفضل أن نصدق اثنين من علماء النفس، دُفع لهما 81 بليون دولار أمريكي مقابل الإشراف على برنامج التعذيب؟ ومن الواضح جداً أن لهما مصلحة في ادعاء فاعلية هذا البرنامج، وأن هناك اتفاقاً متعمداً جداً على ممارسة التضليل.
وفي الحقيقة؛ لم يكن لبرنامج التعذيب أي صلة على الإطلاق بجمع المعلومات الاستخبارية، بل كان الهدف منه فقط غرس الخوف والكراهية.. وهذا هو سبب استخدام وكالة الاستخبارات المركزية للتعذيب في أمريكا اللاتينية في الثمانينيات، حيث إنه لم يكن لجمع المعلومات من أعداء الولايات المتحدة، وإنما لإيصال رسائل لهم، إذ إن وسيلة تواصل الاستخبارات مع الأعداء الذين لم يقعوا في قبضتهم، كانت من خلال الذين قد تم أسرهم.
ويتلخص ذلك في ممارسة التعذيب الجسدي على المعتقل لإلحاق العذاب النفسي بالمتمردين بشكل عام، بهدف ترويعهم واستفزازهم، فإما أن يتم إطلاق سراح المعتقل لإيصال ما تعرض له من تعذيب، وإما أن يتم إطلاق سراح جثته لتخبر هي عن قصتها المروعة.
أضف إلى ما سبق؛ أن أصحاب الخبرة لدى الاستخبارات المركزية يخبرون قياداتها بأن التعذيب يخلق التطرف، وكان هذا هدفاً جيداً بالنسبة لهم، وقد تم تحقيقه بالوسائل التي كانوا يعلمون أنها تعمل جيداً.
ولكن؛ هل ستشوه عمليات التعذيب صورة الإدارة الأمريكية في جميع أنحاء العالم؟ لست متأكداً حقاً أنها ستفعل ذلك.
أما في العالم الإسلامي؛ فإن رأي المجني عليه نحو مهاجمه لا يتغير فعلياً فقط بسبب تعرضه لتعذيب المهاجم، وبالتالي فلا جديد حول هذا الموضوع.
أما بالنسبة للعالم غير الإسلامي، والغربي.. وما إلى ذلك؛ فمرة أخرى، أنا لا أعتقد أنه سيكون هناك أي ردة فعل مؤثرة.
فإذا كان الرأي العام العالمي يقصد وجهات نظر الحكومات، فإن الحكومات في جميع أنحاء العالم تقوم بممارسة التعذيب، وجميع الجلادين الذين نعرفهم لا يمارسون التعذيب من أجل جمع المعلومات، بل يمارسونه من أجل الانتقام والترويع.
وإذا كان الرأي العام العالمي يعني آراء المواطنين؛ إذن، مرة أخرى - ونحن المُعذَّبون – فإن تقرير الكونغرس الأمريكي حول التعذيب ليس خبراً جديداً بالنسبة لنا!