فيما يبدو أنه عودة لعصر الحزب الواحد، الذي عرفته
مصر في أعقاب ثورة 1952 ولأكثر من ثلاثة عقود، دعا الرئيس عبد الفتاح
السيسي الأحزاب المصرية إلى التوحد وخوض
الانتخابات البرلمانية المقبلة عبر "قائمة وطنية جامعة" تضم كل الأحزاب والقوى السياسية.
وخلال اللقاءات التي يعقدها السيسي منذ يوم الاثنين الماضي مع رؤساء الأحزاب، أعلن أنه لن يدعم أي قائمة في الإنتخابات المقبلة إلا في حالة اتفاق الأحزاب السياسية على قائمة واحدة.
ترحيب حزبي
وعلى الرغم من عدم منطقية هذه الفكرة، إلا أن عدة أحزاب أعلنت ترحيبها بها، حيث أكد السيد البدوي رئيس حزب الوفد عقد اجتماع للأحزاب المدنية السبت المقبل، لإجراءات مباحثات حول إعداد قائمة تضم كل الأحزاب في مصر استجابة لدعوة السيسي، من أجل توحيد القوى السياسية لخوض الإنتخابات دون محاصصة!.
ووجه البدوي الدعوة لكل رؤساء الأحزاب المصرية لحضور هذا الإجتماع، مشيرا - في تصريحات صحفية – إلى أنه سيتم الاحتكام في اختيار المرشحين المنضمين لهذه القائمة الموحدة إلى معيار الكفاءة والقدرة عن تمثيل الأمة في الرقابة والتشريع.
وقال قدري أبو حسين نائب رئيس حزب مصر بلدي: "إن الجبهة المصرية على استعداد للاجتماع بكافة القوى السياسية والأحزاب المدنية من أجل التوحد استجابة لدعوة السيسي".
أما حزب المؤتمر فقد أكد دعمه لتوحيد الصف السياسي المصري ولم شمل الأحزاب قبل الإنتخابات المقبلة إعلاء لمصلحة الوطن على المصالح الحزبية الضيقة.
وأضاف الحزب في بيان له تلقت "عربي21" نسخة منه أن "هذه الخطوة ستغلق الباب أمام كل التيارات الأخرى التي تسعى للوصول للبرلمان مستغلة الخلافات بين الأحزاب، كما ستؤدي إلى انتخاب برلمان قوي قادر على التشريع والرقابة الجيدة".
لكن مصطفى بكري، المتحدث باسم تحالف الجبهة المصرية استبعد إمكانية تحالف الأحزاب معا بسبب اختلافاتها الأيديولوجية ومطالبة كل منها بحصة أكبر من المقاعد.
وتوقع بكري وجود أكثر من قائمة تتنافس في الانتخابات، على الرغم من أن هذا الوضع سيفتح الطريق أمام التيارات الدينية التي ستشكل قائمة موحدة للفوز بأغلبية المقاعد بسبب تفتت أصوات القوى المدنية في تكرار لما حدث في الإنتخابات الرئاسية عام 2012.
انتخابات صورية
وتعليقا على هذه التطورات، قال الدكتور جمال حشمت القيادي الإخواني وعضو مجلس الشعب السابق: "إن هذا التوجه يظهر بوضوح رغبة السيسي في تفريغ البرلمان المقبل من مضمونه، بحيث تصبح الإنتخابات المقبلة مجرد انتخابات صورية وغير حقيقية".
وتساءل حشمت في مقابلة تلفزيونية مساء الثلاثاء "كيف يمكن إجراء انتخابات تنافسية حقيقية إذا كانت جميع الأحزاب مندمجة في قائمة واحدة؟ هل حدث هذا في أي مكان آخر في العالم من قبل؟ كيف تندمج عشرات الأحزاب ذات التوجهات المتعارضة في كيان واحد بدلا من أن تحاول كل منها إقناع الناخبين ببرامجها؟"
وأضاف حشمت "السيسي واقع في ورطة، فهو مضطر لإجراء الإنتخابات كما حدد الدستور، لكنه في الوقت نفسه يخشى من انتخاب نواب خارجون عن سيطرته، لذلك فهو يريد إجراء انتخابات أقرب إلى التزكية بدلا من المنافسة التي قد تسبب له المتاعب".
ومن المقرر أن تعقد الإنتخابات في شهر أبريل المقبل وسط مقاطعة متوقعة من القوى المناهضة للإنقلاب وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، فيما تتصارع عشرات الأحزاب التي لا تحظى بأي ظهير شعبي على مقاعد البرلمان المقبل.
النور منبوذ من الجميع
وعلى الرغم من ترحيب معظم الأحزاب بإزالة الفروق فيما بينها، وخوض الإنتخابات على قائمة واحدة، إلا أنها جميعا اتفقت على عدم ترحيبها بعقد أي إتفاق مع حزب النور السلفي.
وأكد شعبان عبد العليم، مساعد رئيس حزب، أن الأحزاب المدنية ترفض التحالف مع النور في الانتخابات المقبلة، مشيرا إلى أن الحزب سيضطر إلى المنافسة منفردا.
وأوضح عبد العليم أن حزب النور سيعتمد بدلا من ذلك على مرشحين من الشخصيات العامة أو المستقلين ذوو الشعبية في دوائرهم، مشيرا إلى أن المجلس الرئاسي للحزب سيحسم أسماء مرسحيه خلال اجتماع يعقد الأسبوع المقبل.
ويقول مراقبون إن النواب السابقون والسياسيون المنتمون لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك هم الأوفر حظا في حصد أغلبية مقاعد البرلمان في ظل مقاطعة الإخوان وضعف الأحزاب المدنية.