كتب روبرت فيسك في صحيفة "إندبندنت"، معلقا على أحداث
اليمن الأخيرة وسيطرة الحوثيين على القصر الرئاسي، قائلا: "كل شيء يتعلق بالسعودية، فإن الحرب الأهلية اليمنية معقدة، حيث أصبح
الحوثيون أقوياء في العاصمة صنعاء، ويحيطون بالقصر الرئاسي. فهم الطائفة الزيدية الشيعية التي تخشاها
السعودية الوهابية، وليس ذلك من فراغ".
ويضيف الكاتب: "لأكثر من خمس سنوات كان هناك صراع مسلح بين السعودية والحوثيين، الذين احتلوا في فترة ما سلسلة تلال داخل الحدود السعودية. وألقى المسؤولون السعوديون اللوم كالعادة على إيران وحزب الله اللبناني، فيما لام الحوثيون السنة في اليمن وحلفاءهم في السعودية والولايات المتحدة".
ويستدرك فيسك بأنه "مثل أي صراع في الشرق الأوسط فما يجري في اليمن أدق مما تعكسه نشرات الأخبار. وفي الحقيقة كان أول زعيم لليمن المستقلة زيديا وليس سنيا، وقد وسع من حدود اليمن نحو الشمال بين الحربين العالميتين. فقد كان الإمام يحيى، زعيم الطائفة الزيدية، التي تلتقي مع الإسلام السني بقدر ما تلتقي مع الإسلام الشيعي، ولكنه كان في صراع مع السعوديين عندما سيطروا على عسير ونجران، واللتين كان يحيى يعدهما جزءا من (اليمن التاريخية). ويصف أستاذ التاريخ يوجين روغان من جامعة أكسفورد مدى قسوة خليفة يحيى، ابنه أحمد".
ويذكر الكاتب أنه "عندما أطاح انقلاب عسكري ببدر، ابن أحمد، أيد عبدالناصر الجمهورية، وسعت السعودية لتدميرها، وأيدت الثوار الزيديين الشيعة. ثم تبعها تقسيم اليمن وتوحيدها بالقوة أخيرا. وعاشت صنعاء 33 عاما من الحكم الديكتاتوري تحت حكم علي عبدالله صالح، الذي هو من الطائفة الزيدية".
ويرى فيسك أن "شكوى الأقلية من الحرمان يعني أن يكون الربيع العربي في اليمن دمويا، وأن يفتح جروح الماضي المؤلمة. وذهاب صالح يعني دستورا جديدا لم يرض عنه الحوثيون، فيما أبدى السعوديون قلقا من وجود الحوثيين في شمال اليمن، ومن دعم إيران لهم. وأخذت السعودية بعين الاعتبار الأقلية الشيعية في السعودية نفسها، وشعرت بأن الحوثيين يشكلون خطرا على استقرار المملكة".
ويشير الكاتب إلى أن "السعودية ادعت كثيرا أن هناك دعما للحوثيين من إيران وحزب الله، فيما أنكرت إيران وحزب الله مرات عديدة تلك العلاقة، إلا أن نمو
القاعدة، التي تتبني الفكر السلفي الوهابي للسعودية ذاته، دعا أمريكا لشن حرب الطائرات بلا طيار على القاعدة في اليمن، لدعم الحكومة اليمنية التي تؤيدها السعودية نظريا. ولكن ومنذ عام 2009 بدأ المتحدثون باسم الحوثيين يتحدثون عن ضربات أمريكية استهدفتهم".
ويجد فيسك أن "زحف الحوثيين نحو صنعاء تسبب في تشتت قوة الجيش، حيث كان الجيش يحارب القاعدة بالنيابة عن أمريكا، ويحارب الحوثيين بالنيابة عن السعودية. وتحركت القاعدة في شبه الجزيرة العربية نحو الشمال لمحاربة الحوثيين، وحصلت على المزيد من الدعم في تحركها هذا".
ويخلص فيسك إلى أن "اليمن ليس سوريا، ولكن فهم أمريكا الأعوج للشرق الأوسط خلق سيناريو شبيها، وبدلا من أن تحاول تدمير نظام الأسد العلوي وعدوه تنظيم الدولة السني، فهي تحاول الآن القضاء على الحوثيين الشيعة وعدوهم تنظيم القاعدة السني في اليمن، وهو ما لا يرضي السعوديين".