جدد الروائي والأديب
المصري الدكتور علاء
الأسواني تشكيكه في سلامة الانتخابات التي أصبح بها عبدالفتاح
السيسي رئيسا لمصر، قائلا: "ما زلت مُصرّا على أن الانتخابات الرئاسية التي أُجريت غير مطابقة للمعايير الديمقراطية دوليا".
وبالرغم من ذلك، لم يرد ذكر السيسي على لسان الأسواني -في غالبية حواره مع صحيفة "الشروق" الثلاثاء- إلا مقرونا بلقب الرئيس، مع أنه أطلق على الدكتور محمد مرسي من قبل لقب "الرئيس السابق"، بعد إصداره الإعلان الدستوري المثير للجدل في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، وقال الأسواني حينها إن مرسي صار بلا شرعية، بل وحرض على قتله.
غير أن الأسواني شدد في حواره مع "الشروق" على أنه لا كرامة لمعارض في مصر الآن، وأن هناك قمعا غير مبرر، واصفا قانون التظاهر بأنه قانون قمعي، وغير إنساني، وغير آدمي، ومخالف للدستور.
ويقيم الروائي المصري خارج البلاد حاليا بعد منعه من الكتابة في سائر الصحف المصرية، بعد مجاهرته بمعارضة السيسي.
واتهم الأسواني النظام الحالي في الحوار بأنه "يرغب فى التخلص من أي معارضة حقيقية"، مؤكدا أن كل من يعارض السيسي يتم اتهامه بالعمالة والخيانة، ويتم التشهير به في التلفزيون من مذيعين معينين.
واستطرد: "سؤالي الوحيد، الذى أراه معيارا، هل يمكن لأي شخص أن يختلف مع الرئيس السيسي، ويقول إنه أخطأ دون أن يتم التنكيل به إعلاميا، ويتهم بالعمالة والخيانة؟!".
وأشار إلى أن اتهامات العمالة والخيانة توزع في الإعلام المصري حاليا كأنها شوكولاتة، وأن "إعلام البط" أصبح شعار المرحلة الإعلامية، على حد تعبيره.
الممارسات الأمنية مرفوضة
وأبدى الأسواني -في الحوار- اعتراضه على ما عدّه "الممارسات الأمنية". وقال: "هناك أجهزة أمنية معينة لديها ثأر مع ثورة يناير، وبعضهم خرج وقال: "أي حد دخل أمن الدولة مش هنسيبه".
وأشار إلى اعتقاد صانع القرار الأمني أنه نتيجة للسماح بحرية الكلام، وليس حرية التعبير أيام مبارك قامت الثورة؛ فما كان مسموحا به وقتها لا يجب أن يكون مسموحا به الآن، وبالتالي لا أحد يتكلم، ومن يتكلم يُمنع من السفر، ويُتحفظ على أمواله مثل الاشتراكيين الثوريين باعتبارهم من الإخوان!
وأضاف: "صانع القرار الأمني يرى أن الريح معه، بعد أن أفلح خلال أرع سنوات فى تشويه الثورة تماما من خلال الإعلام الموجه، الذي يردد الأكاذيب ذاتها التي كانت تقال خلال الـ18 يوما"، على حد تعبيره.
واستطرد: "بالتالي صانع القرار الأمني يرى أن الناس منهكة وخائفة، وبين كل جملة والأخرى يقول: انظر لسوريا، وليبيا".
قانون الانتخابات يعيد النظام القديم
وحذر الأسواني من أن قانون الانتخابات الحالي سيعيد النظام القديم، معتبرا أن قائمة الجنزوري "قائمة حكومية مائة بالمائة، وبالرغم من أن الرئيس السيسي قال إنه لن يدعمها، هي في الحقيقة قائمة النظام القديم"، وفق وصفه.
وأشار إلى أنه "بدأ حديث بعض المعروفين بقربهم من صنع القرار الحديث عن أن أول أمر سيقوم به البرلمان أن يعطي للرئيس بعض الصلاحيات".. متسائلا: "هل كانت الدولة جادة فى وضع هذا الدستور، واحترامه؟".
مكافحة الإرهاب بالعدالة
وحول الحرب على الإرهاب، قال: "نريد الاستفادة من دروس التاريخ، يستحيل القضاء على الإرهاب بالقمع، لكن بالعدالة مع وجود دفاع أمني".
وتابع: "لا يجوز أن تُؤجل الحريات العامة بدعوى أنه ليس وقتها، لن نستطيع أن ننجز أي شيء إلا في إطار من الحريات العامة، وهذا درس التاريخ."
أهمية العدالة الانتقالية
وحاول الأسواني في حواره مع "الشروق" أن يطرح بعض الحلول لمشكلات مصر، فقال: "إن مصر لن تهدأ إلا بالعدالة الانتقالية، وكل محاولات تأجيلها أو إلغائها ستؤدي لمزيد من التوتر، وتعريف العدالة الانتقالية هو نظام قضائي مواز للنظام المعترف، تلجأ إليه السلطة للتوصل إلى صيغة وطنية عندما تقوم ثورة وتفشل فى خلع النظام بالكامل، وهو ما حدث عندنا بالضبط".
وتابع: "العدالة الانتقالية أساسية، وليست المصالحة؛ لأن مفهوم المصالحة يدل على أنه لا يوجد قانون أصلا، على ماذا أتصالح! لو أن هناك قانونا لن يكون هناك مصالحة ولا معاتبة.. العدالة الانتقالية ستكون نقطة الانطلاق لهذا المجتمع؛ فلديك شهداء أسرهم ترى أنه ليس فقط الضابط الذي قتل حصل على براءة، وإنما من أصدر له الأوامر ووزير الداخلية، وكذلك رئيس الجمهورية نفسه حصل على براءة".
وتساءل: "كيف تستطيع أن تبني مجتمعا جديدا صاعدا بمثل هؤلاء الناس الذين يشعرون بهذه المرارة؟".
ومضى إلى القول إن "العدالة الانتقالية ليست حائط مبكى، أقول هيا اذهبوا فأنتم الطلقاء، وإنما تشكل لجنة قضائية لها ذات صلاحيات القاضي، وهذه اللجنة تتوصل إلى أن فلان قتل علانا، فتذهب إلى أهل المقتول، وتسأله: ماذا يرضيك؟ هل نكمل الدعوى، أم تقبل بنوع من الترضية؟ ولو طلب الاستمرار فى الدعوى نكملها، فينتج عن ذلك التئام لجروح المجتمع، أما ما يحدث الآن أنك توسع تلك الجروح."، وفق قوله.
إعادة نظام مبارك قرار كارثى
وشدد الأسواني على ضرورة ألا تكتفى الدولة بالحلول الأمنية.
وحذر من أن يكون "قرار الرئيس السيسي إعادة نظام مبارك وقيادته، وهذا أمر كارثي".
وقال: "إذا كان الرئيس السيسي يرغب في البداية في أن ينهض بهذا البلد، فلا بد أن يعلن قطيعة حقيقية مع نظام مبارك، وتبدأ هذه القطيعة بأن يقول لنا عبر التليفزيون بمنتهى الوضوح والتفصيل كيف يرى نظام مبارك".
واختتم الأسواني حواره بالقول: "لدي إشارات من قراءاتي أن عبدالناصر أدرك الخطأ الجسيم لدولة الرجل الواحد، وإذا ما تخيلت حوارا بينه وبين السيسي الآن، فسيشكره على ما فعله فى 30 يونيو، ولكن سيحذره من تكرار خطئه، وسيدعوه لأن يفسح المجال لآراء محترمة معارضة له، وألا يحاول الاستئثار بالحكم، وألا يحاول إيجاد برلمان شكلي، وأن يبحث عن وظيفة أخرى للموجهين السياسيين"، حسبما قال.