"سيكون انتقاما بحجم مصيبة الأردنيين جميعا"، بهذه الكلمات ختمت القوات المسلحة الأردنية بيانها في ردها على إعدام الدولة الإسلامية الطيار الأردني
معاذ الكساسبة.
الانتقام الذي ظهرت أولى بوادره حين شنّت الأردن غارات جوية مباشرة بالتعاون مع قوات
التحالف الدولي، استهدفت مواقع الدولة الإسلامية في الرقة السورية، ردا على إعدام الكساسبة، كما أن السلطات الأردنية أقدمت على إعدام العراقية ساجدة الريشاوي، فجر الأربعاء، وهي التي طالبت الدولة الإسلامية بالإفراج عنها مقابل الإبقاء على حياة الكساسبة.
وعن الرد الأردني المتوقع، قال الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد المصري صفوت الزيات، إن النظام سيبحث عن عمل عسكري مشهدي يريح به الأردنيين، حيث توفر له الولايات المتحدة عملية نوعية، وأهدافا مهمة قد تكون معاقل للدولة الإسلامية أو شخصيات مهمة، وبعدها يقوم الأردن بتقليص مشاركته في التحالف الدولي.
ولفت الزيات في حديث لـ"عربي21" الثلاثاء، إلى أن إعدام الكساسبة جاء في لحظة مجنونة تلف العالم، بدءا من غزو العراق، وظلم السنة في المنطقة، مرورا بثورات الربيع العربي التي واجهتها الأنظمة بالدم، واستمرار الحالة السورية.
وأشار إلى أن إعدام الكساسبة أثار الرأي العام العربي، حيث بدأ المصريون يذكرون الشعوب العربية التي تحركت للكساسبة بمحرقة رابعة، وبدأ العراقيون يذكرونهم بالإعدام على الهوية من قبل قوات الحشد الشعبي، وراح السوريون يذكرونهم عن القتل بالكيماوي.
وعن خيار الحرب البرية، قال الزيات إن النظام الأردني لا يريد التورط بحرب برية إلا إذا كانت على شكل عملية نوعية خاصة، لأن الحسابات على الأرض مختلفة، على حد قوله.
في السياق ذاته، قالت وكالة الأنباء السورية إن سوريا "حثّت" الأردن على العمل معها لمواجهة الدولة الإسلامية، وجناح تنظيم القاعدة في سوريا، وإنها أدانت قتل الكساسبة، ووصفته بأنه "جريمة إرهابية بشعة".
من جانبه، عدّ المحلل السياسي الأردني، فهد الخيطان، دعوة النظام السوري للأردن بالتعاون في محاربة "الإرهاب" استغلالا للجريمة، ومحاولة لفك الطوق عن النظام السوري، مشيرا إلى أن "النظام سيتجاهل الدعوة لأنه جزء من تحالف دولي، وسوريا ليست جزءا منه".
وعن الرد الأردني، قال الخيطان في حديث لـ"عربي21" إن الأردن بدأ في الرد فعلا بإعدام سجناء محسوبين على الدولة الإسلامية، مشيرا إلى عمليات نوعية ربما ينفّذها الأردن مستقبلا.
واستبعد الخيطان أن يخفف الأردن من مشاركته في التحالف الدولي لكونه دخل في الحلف ضد الإرهاب في 2001، ولم يتراجع رغم الهجمات المباشرة على الفنادق الأردنية في 2005 بتفجيرات "إرهابية"، بل كثّف دوره في الحلف.
وختم الخيطان بأن الأردن الآن يملك غطاء شعبيا لدوره في التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية، رغم رفع البعض الشعارات من مثل "ليست حربنا".
التورط بحرب برية
وحول إمكانية تورّط الأردن في حرب برية ضد الدولة الإسلامية بعد إعدامها الكساسبة، يرى المحلل العسكري، اللواء الأردني المتقاعد فايز الدويري، أيضا أن الأردن لا يملك الإمكانات التي تمكّنه من خوض حرب برية، فطبيعة الرد مرتبطة بالإمكانات التي تملكها الدولة.
ورغم كل التصريحات الرسمية التي تركز على البعد العاطفي فإن الأردن ليس له مصلحة في حرب برية، إضافة إلى أن المسافة بينه وبين مناطق نفوذ التنظيم تشكل عائقا أمامه، فالإمكانات المتاحة قليلة، والمشاركة لن تكون إلا تحت مظلة عربية أو دولية، وفق الدويري.
لكنه يعتقد أن الأردن سيكون له دور فاعل في الغارات ضد مواقع التنظيم، وإذا ما توفرت له معلومات جيدة سيقوم بعمليات انتقائية باستهداف بعض القيادات في التنظيم أو المتورطين في إعدام الكساسبة.
وحول الخيارات المتاحة أمام الأردن في الرد، قال الدويري إذا قام اتحاد إقليمي عربي ضد الدولة فإن الأردن لن يتردد في الانضمام، لكن الحالة الإقليمية الحالية لا تسمح أبدا بقيام هكذا حلف، وهذا يعني أن الأردن سيعود للتحالف ويزيد من الطلعات الجوية لتنفيذ الغارات ضد التنظيم.
ويرى الخبير العسكري أن الأردن سيلتزم باستراتيجية أوباما، وأن الاستراتيجية التي يتبعها التحالف في حربه لا تتأثر بمقتل شخص، مضيفا أن الأردن سيلجأ إلى توفير بنك معلومات يمكنه من استهداف الدولة الإسلامية، وربما إرسال كوماندوز بهدف القيام بعمليات نوعية خاصة.
وكانت حسابات مؤيدة للدولة الإسلامية نشرت الاثنين مقطع فيديو للتنظيم يظهر حرق الطيار الأردني الأسير، معاذ الكساسبة، بعد أن أعدمت قبله بأيام الرهينة الياباني، كينجي غوتو.
ويظهر مقطع "شفاء الصدور" الذي نشرته مؤسسة الفرقان التابعة للدولة الإسلامية، الطيار الأردني الكساسبة وهو يسير نحو القفص الذي احترق فيه، واعتذرت "عربي21" عن نشر الفيديو.
من جهتها، أعلنت السلطات الأردنية الاثنين أن الطيار الأردني قتل منذ الشهر الماضي، فيما بث التلفزيون الرسمي الأردني خبرا عاجلا حينها أعلن فيه "استشهاد الطيار البطل معاذ الكساسبة منذ الثالث من الشهر الماضي".
وتوعّد الجيش الأردني بالانتقام من قتلة الطيار، وأكد أن "دمه لن يذهب هدرا، وأن القصاص سيكون بحجم المصيبة".
وكان الكساسبة محتجزا لدى الدولة الإسلامية منذ 24 كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، بعد سقوط طائرته في مدينة الرقة السورية.