قوبل "
الإعلان الدستوري" الذي أصدرته جماعة أنصار الله (الحوثي)، لإدارة المرحلة المقبلة في
اليمن، برفض مكونات ثورية واجتماعية، فيما عقدت مختلف القوى السياسية في البلاد، اجتماعات طارئة، لاتخاذ رد على الإعلان.
عاصمة محتلة
ورفض مجلس "شباب الثورة اليمنية" "الإعلان الدستوري الحوثي"، على حد وصفه، وقال إنه اغتصاب للسلطة ومصادرة لإرادة اليمنيين". داعياً الشعب لمقاومة سلطة هيمنة ميليشيات الحوثي".
وقال بيان صادر عن المجلس الذي ترأسه الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، مساء الجمعة، إن "إعلان الحوثيين، يعتبر خطوة هيستيرية تجسد مدى استهتارهم بتاريخ الشعب اليمني، ونضالاته، وطموحاته"، وما فعله
الحوثيون "لم يكن سوى إعلان للاستيلاء على الدولة اليمنية، وتعريض وحدة وسلامة البلاد للخطر".
واعتبر مجلس شباب الثورة اليمنية أن "
صنعاء، باتت عاصمة محتلة من مليشيات مسلحة طائفية، قامت باغتصاب السلطة، وأي إجراءات في هذا الخصوص، تعد باطلة وغير مشروعة وغير ملزمة لبقية المحافظات والأقاليم خارج العاصمة المحتلة".
ودعا المجلس الشبابي "اليمنيين لمقاومة هذا الانقلاب بكل السبل، لكونه يرى في الديمقراطية والجمهورية والوحدة وثورة 11 فبراير أعداء يسعى للانقضاض عليها في مقامرة غير محسوبة العواقب".
مأرب متأهبة لتحرير صنعاء
من ناحيته، قال قائد قبائل مطارح نخلا والسحيل في مأرب، الشيخ أحمد بن وهيط إن "قبائل مأرب، لاتعترف بالإعلان الحوثي، وترفض كل ما جاء فيه جملة وتفصيلاً".
وأكد الشيخ بن وهيط لــ"عربي21" أن "رجال القبائل مستعدون لخوض أي معركة عسكرية مع جماعة الحوثي".
وأضاف أن "مسلحي قبائل مأرب، عززت وجودها المسلح على مداخل المدينة النفطية، عقب صدور ما سمّي بالإعلان الدستوري من الحوثيين في صنعاء". مشدداً على أن مسلحي الحوثي، لن يدخلوا مأرب مهما كلف أبناءها من تضحيات".
وذكر بن وهيط أن قبائل مأرب متعطشة لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء، التي وصفها بأنها "محتلة" من ميليشيات الحوثي". محذراً من "أي اعتراف إقليمي ودولي بالخطوة التي أقدم عليها الحوثيون في صنعاء".
وتعيش محافظة مأرب النفطية التي تمد صنعاء ومدن يمنية أخرى بالطاقة الكهربائية، حالة من الاستنفار في صفوف قبائلها، بعد تهديد زعيم الحوثيين باجتياح المدينة عسكرياً. و سبق أن أعلنت سلطات مأرب رفضها تلقي أي أوامر من العاصمة صنعاء، بعد الانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة الشرعية.
خطة للتدخل السريع
وفي سياق متصل، قال مصدر مقرب من جماعة أنصار الله (الحوثيين) إن "الجماعة أعدت خطة للتدخل السريع لصد أي تحرك من الرئيس السابق
علي صالح، الذي ظهرت ملامح خلافه مع الحوثيين، خلال الثلاثة الأيام السابقة"، على خلفية تمسك حزب صالح باللجوء إلى البرلمان الذي حله الحوثيون اليوم الجمعة، لحل أزمة الفراغ في السلطة".
وأضاف المصدر الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه لــ"عربي21" أن "خطة الحوثيين، لن تقف عند صالح، بل ستطال قادة سياسيين مناوئين لإجراءات الحوثي الأخيرة".
عقوبات اقتصادية
في غضون ذلك، علمت صحيفة "عربي21" من مصدر يمني خاص أن "أحد سفراء دول الاتحاد الأوروبي في اليمن (لم يفصح عن اسمه،أو الدولة التي يمثلها)، أمس الخميس، هدد جماعة أنصار الله (الحوثيين) بردة فعل قاسية، في حال اتخذوا أي خطوات أحادية قادمة من شأنها تتجاوز مسارات العملية السياسية في البلاد".
وقال المصدر الخاص اشترط عدم ذكر اسمه إن السفير الأوروبي أبلغ الحوثيين بأن "إجراءات المجتمع الدولي ضدهم لن تكون عسكرية، بل ستكون عقوبات اقتصادية وخطوات إعلامية".
ووفقاً للمصدر فإن "السفارة الأمريكية في صنعاء، نقلت أمس الخميس، أثاثاً يخص السفارة؛ وأجلت عدداً من موظفيها عبر مطار صنعاء الدولي" .
مكافآت مالية
وقال مصدر مطلع طلب عدم الإفصاح عن اسمه لــ"عربي21" إن "زعيم جماعة أنصار الله عبدالملك الحوثي، أمر بصرف مبالغ مالية (كمكافآت) لشخصيات موالية نحجت في تنظيم مسيرة مناصرة للحوثيين في مدينة تعز عاصمة إقليم الجند جنوب اليمن، ووصلت المبالغ المالية مابين ( 15 ألف دولار إلى أكثر من 25 ألف دولار أمريكي).
إعلان أجهز على النظام الجمهوري
من جهة أخرى، قال المحلل السياسي ياسين التميمي إن: "إعلان جماعة الحوثي الانقلاب، وضع اليمن أمام منعطف خطير للغاية". مؤكداً بأن "الإعلان الحوثي أجهز على النظام الجمهوري، عندما أقام الاحتفال به في القصر الجمهوري، الذي انعقد فيه مؤتمر الإطاحة بآخر الأئمة الزيدية الذين فقدوا الحكم في 26 سبتمبر/ أيلول 1962، مما يدل بأن جماعة الحوثي المسلحة تقود البلد إلى المجهول، وتسعى جاهدة لاستعادة النظام الإمامي المقبور الذي ثار الشعب اليمني ضده في مطلع الستينيات".
وأضاف التميمي لــ"عربي21" أنه "لا يمكن الجزم بأن الرئيس المخلوع غائب عن المشهد الانقلابي، فهناك بعض رجاله المقربين كانوا جزءاً من هذا المشهد". مشيراً إلى أن "إعلان الانقلاب جرد الرئيس المخلوع من أحد أسلحته القوية، وهو البرلمان الذي يمتلك فيه أغلبية مريحة، لكنه على ما يبدو أراد أن يضع الحوثيين في مأزق صعب، لا يستطيعون الخروج منه وإن خرجوا، فسوف يخرجون من المشهد السياسي".
وبحسب الكاتب التميمي فإن "المخلوع صالح يبحث عن ثمن سياسي مناسب، يتمثل في رفع العقوبات المفروضة عليه من مجلس الأمن، وتمكين أقاربه من مواقع القرار في السلطة المقبلة". على حسب قوله.
وأوضح أن "هناك مشهد ثوري في اليمن، يتأجج الآن في أكثر من منطقة على امتداد البلاد". متوقعاً أن "يتسع هذا المشهد ويلتحم بصورة أوثق ليشكل قوة ردع لهذه القوة المليشاوية الغاشمة، خصوصاً بعدما ضاقت الخيارات أمام القوى الوطنية والفعاليات السياسية وفئات المجتمع المختلفة، مما قد يدفعها إلى الالتحام بالشارع، والبدء بثورة لها قوة التأثير بالإرادة الوطنية الجامعة".
ورأى التميمي أن "الفعل الثوري سيمضي في مسارات متوازية، من بينها المواجهة المسلحة مع الانقلابيين، وهذا يتوقف على مدى الدور المستقبلي للجيش اليمني، هل سيتحول إلى سند للانقلابيين، أم سيدافع عن المكتسبات الجمهورية؟" وفقاً لتساؤلاته.
مظاهرات ليلية في تعز والحديدة
وفي سياق الردود الشعبية، خرجت مظاهرة ليلية في كل من مدينتي "تعز والحديدة جنوب وغرب اليمن، رفضاً للإعلان الحوثي الأخير، الذي وصفوه بأنه انقلاب مكتمل الأركان. في حين دعت حركة رفض الشبابية "أبناء محافظة إب وسط البلاد، إلى الاحتشاد غداً السبت، لرفض البيان الانقلابي لجماعة الحوثي في العاصمة صنعاء".
وكان الحوثيون، أصدروا عصر الجمعة، إعلاناً لإنهاء الفراغ السياسي في البلاد منذ استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته أواخر الشهر الماضي، حيث نص الإعلان على حل مجلس النواب اليمني، وتشكيل مجلس وطني انتقالي مكون من 511 عضواً، يحق لأعضاء البرلمان الانضمام إليه.كما قضى أيضاً، بأن يتولى رئاسة الجمهورية مجلس رئاسي مكون من خمسة أعضاء ينتخبهم المجلس الوطني، وتصادق على انتخابهم اللجنة الثورية التابعة لجماعة الحوثي.