أعلن الأمين العام لحزب الله اللبناني، حسن نصر الله، تأييده الدعوة لوضع استراتيجية وطنية لمكافحة "الإرهاب"، وهي الدعوة التي أطلقها زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري، في خطابه، الجمعة الماضي، في ذكرى اغتيال والده رفيق الحريري.
جاء ذلك في كلمة له ألقاها، الاثنين، في احتقال أقامه الحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت، في ذكرى "القادة الشهداء: الشيخ راغب حرب، السيد عباس الموسوي والحاج عماد مغنية".
ودعا نصر الله الحكومة اللبنانية ومجلس النواب إلى عقد حوار وطني لنقاش آلية هذه الاستراتيجية، مضيفا باستغراب: "قد نتفق على وضع استراتيجية لمكافحة الإرهاب، ونختلف على وضع أخرى ضد إسرائيل للأسف".
مواجهة النصرة وتنظيم الدولة
وخصص نصر الله في خطابه جزءا كبيرا من حديثه عن ما أسماها الجماعات الإرهابية، في إشارة إلى جبهة النصرة وتنظيم الدولة، داعيا الدولة اللبنانية إلى أن تتخذ قرارا.
وقال: "على السلسلة الشرقية في الجهة المقابلة هناك داعش والنصرة، عندما يذوب الثلج هناك استحقاق، وعلى الدولة أن تحزم أمرها، هذا الأمر يحتاج إلى قرار كيف ستتعامل مع هذا الخطر الموجود على التلال والجبال".
وجدد نصر الله دعوته شعوب وحكومات المنطقة إلى "مواجهة هذا الخطر الإرهابي الكبير"، مضيفا: "نحن نعدّ أنفسنا جزءا من هذه المعركة، ونحن ندافع عن إسلام نبينا محمد بن عبد الله، وندافع عن الشيعة أو السنة".
وتابع: "في السابق قلنا إن تهديد التيار التكفيري ليس تهديدا لبعض الأنظمة، بل لكل البلاد وكل الشعوب، واليوم نقول إن هذا تهديد للإسلام دينا ورسالة، وكل الوقائع التي حصلت تؤكد هذا الفهم"، خاصة "أن العالم اليوم سلّم أن هذا التيار التكفيري (داعش) يشكّل تهديدا للعالم والمنطقة. فقط إسرائيل لا تراه خطرا وتهديدا"، على حد قوله.
وأشار زعيم
حزب الله إلى أن "كل ما فعله داعش حتى اليوم من جرائم مخزية ومرعبة يخدم مصلحة إسرائيل مئة في المئة"، لافتا إلى أن "هدف التنظيم ليس فلسطين، وإنما مكة والمدينة"، على حد قوله.
الموساد والغرب يدعمان "داعش"
واتهم الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات الغربية بدعم تنظيم الدولة، قائلا: "فتشوا عن الموساد الإسرائيلي والمخابرات الأمريكية والبريطانية في أهداف داعش".
وهاجم "نصر الله" من قال إنها دول إقليمية تدعم تنظيم الدولة، بالقول: "يجب ألّا نخدع أنفسنا في التفريق بين داعش والنصرة، فهما جوهر واحد، وفكر واحد، وثقافة واحدة، والمحصلة هي محصلة واحدة، وخلافهما فقط على الزعامة، فالأردن مثلا لا يستطيع أن يواجه داعش في العراق ويدعم النصرة في سوريا".
لبنان والإقليم
ودون أن يذكره بالاسم، رد نصر الله على ما جاء في حديث الحريري بخصوص النأي بلبنان عن الأزمات الإقليمية والعالمية، وعدّ هذا الطرح غير واقعي.
وأوضح: "لا يمكن أن نقول إن لبنان لا يتأثر بما يحصل في المنطقة، لا يمكن أن نقول إننا لا نريد أن نتأثر بانعكاسات أحداث المنطقة، ومصير لبنان متأثر بما يجري في المنطقة أكثر من أي وقت مضى".
وركز نصر الله في هذا الملف على الانتقادات الموجهة لموقف الحزب من ملفات إقليمية كاليمن والبحرين وسوريا.
الموقف من البحرين
وتطرق نصر الله إلى الموضوع البحريني، قائلا: "من ينتقد موقفنا من البحرين ويرى أن هذا الموقف يسيء إلى علاقات لبنان مع دولة شقيقة، عليه عدم التدخل في سياسة بلد آخر، ولا سيما سوريا"، مضيفا: "لا يحق لمن يتدخل في سوريا عسكريا وسياسيا أن ينتقد موقفنا السلمي بشأن الحراك في البحرين".
أما بخصوص ما يجري في اليمن وسوريا، صعّد نصر الله من لهجته ضد دول الخليج، ودعاها إلى "مقاربة ملفات المنطقة بطريقة أخرى، لأن التهديد يطال الجميع"، على حد قوله.
ورأى أنه "يجب على حكومات المنطقة أن تعمل على تجميد الصراعات القائمة في المنطقة"، لافتا إلى أن ما سمّاها الثورة في اليمن "هي التي تقف في وجه القاعدة التي تخطط للسيطرة على سوريا، وصولا إلى السعودية".
"الحل السياسي" في سوريا
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، قال نصرالله إنه "يجب فتح باب الحل السياسي في سوريا، فالنظام جاهز لأن يدخل في تسوية مع المعارضة المعتدلة وليس الإرهابية"، مجددا موقفه رفض دعوات الخروج من سوريا.
وقال: "أدعوكم لنذهب سوية إلى سوريا، وتعالوا لنذهب إلى العراق، وتعالوا لنذهب إلى أي مكان نواجه فيه هذا التهديد الذي يتهدد أمتنا"، مطالبا في الوقت ذاته "بالتنسيق بين الجيش اللبناني والجيش السوري لمواجهة الإرهابيين في الجرود، وإلى التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية في ملف النازحين السوريين، وفي الملف الأمني".
وقال نصرالله في اول اعلان رسمي من قبل حزب الله عن تواجده العسكري في العراق "من الممكن الا نكون قد تحدثنا عن العراق سابقا، لدينا حضور متواضع" بسبب "المرحلة الحساسة في العراق".
الملفات الداخلية
وفيما يتعلق بالملفات الداخلية، أكد أمين الحزب على تحالفه مع الفريق المسيحي من فريق الثامن من آذار، ممثلا بالتيار الوطني الحر الذي يتزعمه المرشح لمنصب الرئاسة العماد ميشال عون،.
وقال: "ندعو إلى تعميق العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وندعو لعقد تفاهمات متشابهة على مستوى الوطن".
وفي رد على ما جاء في خطاب زعيم تيار المستقبل سعد الحريري بخصوص الحوار، قال نصر الله: "سنواصل الحوار مع تيار المستقبل الذي أنتج بعض الأمور الإيجابية التي كانت ضمن توقعاتنا، ونأمل أن نتوصل إلى نهاية إيجابية".
وقال: "نشجع ونؤيد أي حوار بين المكونات اللبنانية كافة"، في إشارة إلى الحوار بين التيار الوطني الحر بزعامة عون، وحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، بخصوص ملف الرئاسة.
وبخصوص الخطة الأمنية التي أعلنتها السلطات اللبنانية في منطقة البقاع، التي تعدّ إحدى مناطق نفوذه، أعلن نصر الله دعمه للخطة، ودعا إلى مواصلتها وتفعيلها.
وقال: "منطقة البقاع عانت من اللصوص والمجرمين، ومن الذين يخطفون الناس، ونأمل أن تكون هذه المرحلة انتهت، ونحن نجدد تأييدنا لهذه الخطة الأمنية، ويجب جميعا أن ندعم ونساند ونقف وراء الجيش والقوى الأمينة، وهذه الخطة الأمنية بحاجة إلى مواصلة".
غير أن نصر الله استدرك بهذا الخصوص، ودعا إلى مزامنة الخطة الأمنية في البقاع بـ"خطة إنمائية فيه، وحل مشكلة عشرات الآلاف من المطلوبين باستنابات قضائية تافهة، ولأسباب بسيطة جدا"، وفق تعبيره.
أزمات المنطقة.. والمواجهات
وحول ملف الأزمات التي تشهدها المنطقة والموجهات دعا نصر الله إلى ما أسماه "معاودة الجهد الداخلي"، موجها حديثه لكل "الحريصين على منع الفراغ"، بالقول: "لا تنتظروا المتغيرات في المنطقة والخارج، لأن المنطقة متجهة إلى مزيد من المواجهات والأزمات".
البغدادي عيّن أمير لمكة وأميرا للمدينة
وفي مستهل خطابه، أدان نصر الله حادثة إعدام المصريين الأقباط في ليبيا، عادّا ما حصل "جريمة نكراء، ووحشية، ارتكبها تنظيم داعش في ليبيا، بحق عمّال مظلومين، لا يمكن أن يتحمّلها عقل أو قلب أو ضمير أو دين أو أخلاق أو إنسانية".
وأضاف أن "الطريقة التي أحرق بها الطيار الأردني معاذ الكساسبة أمر مرعب والطريقة التي ذبح بها المصريون في ليبيا أمر مخزٍ ومرعب"، محذراً من أن "داعش ستقوم بفتح جبهات جديدة".
وأشار نصر الله إلى أن "أبو بكر البغدادي (زعيم داعش) عيّن أميرا لمكة وأميرا للمدينة؛ لأن خلافة داعش لا تقوم بدون الحرمين الشريفين"، لافتاً إلى أن "هدف داعش الحقيقي ليس بيت، المقدس بل مكة والمدينة".