كتب مراسل صحيفة "إندبندنت" البريطانية، باتريك كوكبيرن، تقريرا عن المليشيات التي شكلت لمواجهة
تنظيم الدولة، ومنها مليشيا آشورية قريبة من
الموصل، وهي مثل
البيشمركة تشكو من قلة التسليح والعتاد.
ويقول قائد المجموعة المسيحية، التي تعمل من قرية بافوكا المهجورة، قريبا من الخطوط الأمامية مع تنظيم الدولة، سرجون: "لدينا 90 طلقة للكلاشينكوفات، وليس لدينا المال لنشتري الذخيرة".
ويشير التقرير إلى أن سكان القرية، البالغ عددهم 1500 نسمة، هربوا بعد سيطرة تنظيم الدولة على الموصل والمناطق المحيطة بها، ولكن التنظيم تراجع، وهي الآن مقر القوة المسيحية الصغيرة، حيث لا تبعد الخطوط الأمامية للتنظيم عنها سوى ميل واحد.
ويقول كوكبيرن: "نسمع عبر اللاسلكي صوت أحدهم يتحدث بالعربية طالبا الماء". ويقول سرجون: "نسمعهم أيضا يتحدثون بالتركية والإنجليزية، و(بعضهم) من الشيشان والأفغان.. ولا لغة مشتركة بينهم".
ويبين التقرير أن المسيحيين من سكان محافظة نينوى، الذين عاشوا هناك لسنين طويلة، تحولوا إلى لاجئين في كردستان العراق وتركيا ولبنان ومناطق أخرى. وينقل عن عسكري في البيشمركة قوله: "أتمنى لو عادوا إلى هنا".
وتنقل الصحيفة عن الجنرال وحيد مجيد محمد، الذي يقود 420 مقاتلا كرديا على الخطوط الأمامية، قوله: "هنا أمان بنسبة 70%".
ويستدرك الكاتب بأن تصريحاته لا تبعث على الطمأنينة، خاصة في ظل عدم توافر الماء والكهرباء. وقد أرسل الجنرال عددا من الجنود لتقييم الأضرار التي أحدثتها الغارات الأمريكية، ليس بعيدا عن المكان.
ويتابع كوكبيرن بأنه "ليس بعيدا عن المكان الذي كان يجلس فيه سرجون مع المقاتلين ببنادقهم العتيقة، كان هناك علم (آشوري). وقال أحد المقاتلين: (قبل ذلك كنا آشوريين وكنا إمبراطورية عظيمة). ويعتمد المقاتلون
المسيحيون، الذين ينقصهم العتاد في طعامهم على البيشمركة، ولا يملكون سوى عربة واحدة. والمقاتلون هم جزء من مليشيا (دويخ نوشا)، التي شكلت في آب/ أغسطس الماضي، من أجل إظهار أن المسيحيين يستطيعون الدفاع عن أنفسهم".
ويضيف الجنرال محمد، الذي قضى 23 عاما في البيشمركة، أن المقاتلين التابعين لتنظيم الدولة، ممن يتحصنون في بلدة قريبة، وهي باتانيا، هم مزيج من المقاتلين الأجانب والعراقيين. ويبلغ عدد المقاتلين الأجانب 60 مقاتلا، أما العراقيون فعددهم يتراوح ما بين 40 و50 مقاتلا. وقال إن معظم المقاتلين الأجانب جاءوا من دول عربية، أما العراقيون فهم من أبناء العشائر السنية التي تعيش قريبا من الموصل، بحسب الصحيفة.
ويلفت التقرير إلى أن المنطقة بين الموصل ودهوك تشهد نوعا من الجمود، فبعد تقدم قوات تنظيم الدولة في آب/ أغسطس، عادت البيشمركة وسيطرت على باكوفا وتل إسكوف، ومعظم السكان هناك من المزارعين، حيث تحيط بهم السهول الخضراء. ولا توجد علامة على وجود حياة في المنطقة، لكن الجمود ليس كاملا، فقد قتل شخص جراء قنبلة هاون. وشهدت المنطقة قتالا شديدا في الفترة الأخيرة، ولم تتوقف الغارات الأمريكية.
وعبر الجنرال محمد عن شكوكه إزاء تصريحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ووزارة الدفاع الأمريكية، عن حملة لاستعادة الموصل في شهر نيسان/ إبريل، بقوة تتراوح ما بين 20 ألفا و25 ألف جندي. وقال للصحيفة: "هي فقط تصريحات والخطة ليست محل ثقة". وتحدث عن نقص المعدات الثقيلة، واعتماد جنوده على القذائف الصاروخية والكلاشينكوف ورشاشات الـ"دوشكا".
ويفيد الكاتب بأن الولايات المتحدة اعترفت بأنها لم تدرب إلا عددا قليلا من الجنود، رغم حديثها عن حملة الربيع. ورغم هذا كله، فإن الجنرال محمد يستطيع الاتصال مع غرفة تنسيق العمليات الأمريكية الكردية في أربيل لتحديد مواقع تنظيم الدولة التي يجب أن يضربها الطيران.
ويقول الجنرال إن رجاله سمعوا حوارا على اللاسلكي بين مقاتلي التنظيم، وهم يحاولون التأكد من مصير مقاتل، وما إذا كان قد قتل بسبب الغارات الأمريكية. وهذه أخبار ليست جيدة للمقاتلين المسيحيين، فكلما طال ابتعاد مقاتلي التنظيم عن قراهم قرب الموصل تراجع أملهم بالعودة. فرغم بقاء البيوت على حالها، إلا أن أثاثها ومحتوياتها نهبت من قبل مقاتلي البيشمركة.
وينقل التقرير عن قيادي من أبناء الأقلية الآشورية في قرقوش من نواحي مدينة الموصل، يوحنا توايا، قوله: "يشاهد الناس محتويات بيوتهم وقد بيعت في دهوك وأربيل، وكذلك في مناطق سيطرة تنظيم الدولة". وقال إن آخر المسيحيين قد ترك الموصل قبل أسبوع؛ خوفا من الاضطهاد والقتل.
ويذكر الكاتب أنه مثل الجنرال محمد، فهو ليس متفائلا بقيام الجيش العراقي بعملية مضادة ضد تنظيم الدولة، واستعادة الموصل، ويعلق قائلا: "يقوم الجيش العراقي باستعادة قريتين، وبعد يوم يقوم تنظيم الدولة بالسيطرة عليهما من جديد".
ويخلص كوكبيرن إلى أن معركة لاستعادة الموصل ستحدث يوما ما، وأن سكان الموصل البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة، سيصبحون أنفسهم لاجئين، ولهذا تحضر منظمات الإغاثة الدولية لهذا السيناريو. فقد تحول العراق إلى أرض المنفيين.