لم يستجب جواد الزرد لإلحاح صغيره "معاذ" وبكائه المتكرر، كي يسمح له باللعب مع أقرانه، خارج منزله في مدينة رفح، جنوب قطاع
غزة.
فخوف الوالد، من
سقوط "أعمدة أسمنتية" على طفله، من مبنى مدمّر بشكل جزئي و"آيل للسقوط" بجوار بيتهم، بسبب تعرضه للقصف خلال
الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، هو ما يجبره على رفض طلب ابنه.
وأضاف الزرد، الذي يقطن بجوار المركز التجاري، وسط مدينة رفح، الذي تعرض لدمار كبير بسبب القصف: "نعيش معاناة كبيرة، فكثير من الأعمدة سقطت وأخرى آيلة للسقوط، فضلاً عن الجدران والمكعبات التي تسقط باستمرار من المبنى".
ويعيش العشرات من الفلسطينيين في حالة قلق دائم، بسبب مجاورة منازلهم لمبانٍ "آيلة للسقوط"، جراء تعرضها للقصف خلال الحرب الإسرائيلية على غزة العام الماضي.
وتوجد بعض هذه المنشآت، وسط تجمعات سكانية مكتظة، وأخرى قريبة من الأسواق التجارية والمدارس.
وتزيد خطورة هذه
المباني على الفلسطينيين، لمجاورتها مناطق تعج بالمارة والمنازل، ما يشكل حالة قلق دائمة لهم، بحسب الزرد.
ووفقا لوزارة الأشغال العامة والإسكان الفلسطينية، فإن عدد المنازل المهددة بخطر السقوط (الآيلة للسقوط) في قطاع غزة بسبب تضررها من حرب الـ(51) يوما يتراوح بين 300 و350 منزلا تقريبا.
وقال الزرد: "أصبحنا نخشى على حياتنا من أن يسقط المبنى في أي لحظة، نتيجة أي تفجير أو قصف أو رياح شديدة، إننا قلقون على حياة أطفالنا الذين يلعبون أسفله، لعدم وجود أماكن بديلة، ما يجعلنا في كثير من الأحيان نمنعهم من اللعب بجواره خشية عليهم".
وتابع: "قبل أيام كنت أسير أنا وطفلي الذي لم يتعد من العمر 4 سنوات، فسقط على رأسه حجر (مكعب خراساني) من أحد الجدران، ما أدى لإصابته بجرح كبير. لقد احتاج لحوالي 20 غرزة، وتسقط أيضًا بين فينة وأخرى أعمدة وحجارة من جدران منه".
وقال: "كذلك يمثل بقاء المبنى وبرج زعرب السكني المجاور له والآيل للسقوط هو الآخر، خطرًا كبيرًا على حياة نحو 4 آلاف طالب يدرسون في ثلاث مدارس تقع ملاصقة للمبنيين، عدا المحال التجارية التي تقع أسفله، التي افتتحها بعض التجار، والمارة داخل السوق المركز، الأكثر اكتظاظًا طوال اليوم في المدينة".
وتعرض المبنيان لنحو 15 غارة جوية إسرائيلية شنتها المُقاتلات الحربية الإسرائيلية، في الأول والثالث والعشرين من آب/ أغسطس 2014، خلال الحرب على القطاع، ما أدى لتدمير المبنيين بشكلٍ شبه كُلي، لكن بقيت بعض الجدران والأعمدة متوقفة شكليًا، وقد تسقط بأي لحظة، كما حدث وسقط جزء منها قبل أيام، وفق سكان الحي.
ولفت الزرد إلى أن "الزوار أحجموا عن زيارتهم برفقة أطفالهم، خشية سقوط المبنيين، لعدم وجود طريق يسلكونه لمنازلنا سوى الذي يتوسط المبنيين، ويمتنع كذلك أصحاب المركبات عن عبور الطريق لتعبئة المياه أو نقل النفايات للسبب ذاته، حتى تحول أسفل المبنى إلى مكب نفايات، ومرتع للكلاب الضالة".
بدوره، أكد رئيس بلدية رفح صبحي رضوان، أن هذه المباني الآيلة للسقوط تشكل خطرًا كبيرًا على حياة السكان في المدينة".
وأضاف أن "المركز التجاري أشد خطوة، على حياة المواطنين، كونه يقع في منطقة تُطل على الطريق العام والرئيس برفح، ويتواجد وسط منطقة تجارية مكتظة بالمواطنين، فضلاً عن أن الطريق الشرقي المحاذي للمركز تقع عليه مدرستان (فترة صباحية ومسائية) يلتقيان في آن واحد بهذا الطريق الذي لا يزيد عرضه على سبعة أمتار.
ولفت رضوان إلى وجود كتل أسمنتية قابلة للسقوط بأي لحظة، وقال:"نحن في البلدية لا نملك المعدات والإمكانات الكافية لإزالة المكان، لكننا خاطبنا وزارة الأشغال المسؤولة عن هذا الأمر لإزالة المباني الآيلة للسقوط بما فيها المركز، ولكن لا توجد استجابة".
وأشار إلى أن "برنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDB) أعلن عن مناقصة قبل أيام للمقاولين، ونحن بدورنا حددنا المباني التي لها أولوية في الإزالة، وعلى رأسها التجاري"، متوقعًا البدء قريبًا بإزالتها.
وأوضح رضوان أن بلديته جهزت حوالي 70 دونما (الدونم= 1000 متر مربع)، لنقل الركام فيها.