تحول شريط فيديو لمذيعة لبنانية في تلفزيون "
الجديد" قررت وقف
مقابلة مع ناشط إسلامي من لندن، إلى محل للإثارة في لبنان وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وتقول صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن القصة بدأت عندما استضافت ريما كركي من تلفزيون "الجديد"، مدير مركز المقريزي للدراسات الإسلامية في لندن، هاني
السباعي. واحتدم النقاش بينهما أثناء المقابلة، حيث طالبها بالسماح له بإكمال كلامه وإعطائه فرصة. وقالت إنه من أجل كسب الوقت عليه أن ينهي حديثه. فرد قائلا: "اسكتي حتى أكمل"، وعندها ردت عليه قائلة: "أليس عيبا على شيخ أن يتلفظ بهذا الكلام"، وطلبت من منتج البرنامج وقف المقابلة من لندن.
ويشير التقرير إلى أن المواجهة وموقف
المذيعة فيها حظيا بتغطيات واسعة في الصحافة الغربية، حيث توفرت المقابلة على مواقع الصحف، وكتب معلق في موقع "ديلي بيست" مثنيا على شجاعة المذيعة.
وتقول كركي في مقابلة مع "الغارديان" إنها لو لم ترد على السباعي "لكرهت نفسي، ولم أكن أريد ذلك". وأضافت: "عندما قال لي اسكتي، لم يكن هناك مجال للصمت؛ لأنني كنت أهنت نفسي وخسرت كل شيء".
ويبين التقرير أن كركي ظهرت وهي ترتدي غطاء رأس أبيض، بناء على طلب من السباعي. واحتد النقاش بينهما عندما سألته عن السبب الذي جعل
تنظيم الدولة يجتذب عددا كبيرا من المسيحيين، بعد تقارير تحدثت عن انضمام اثنين له. وعندما بدأ السباعي بتقديم عرض تاريخي طويل شعرت كركي أنه ليس مهما للحلقة، طلبت منه أن يكون محددا، ويجيب على السؤال. وتقول: "طلبت منه التركيز على العصر الحالي حتى لا نخسر الوقت، وهو ما أدى إلى غضبه، واعتقد أنني أقاطعه، وحاولت تهدئته وطلبت منه ألا يغضب، وقلت له إنني أريد الاستفادة منك، والأمر يعود إليك". وعندها أصبح السباعي أكثر غضبا، وطلب منها السكوت، وردت عليه: "كيف يتلفظ شيخ محترم بهذا الكلام؟"، فرد أنه محترم، ولا تشرفه المقابلة على قناة "الجديد". وبعدها بثوان أوقفت المذيعة البرنامج.
وتنقل الصحيفة عن كركي قولها: "الإستديو هو مثل المحكمة، ويجب أن يكون هناك حكم لإدارة النقاش، والفرق هو أنه ليس من مهمتي الحكم على الناس". وقالت إنها طلبت مقابلة السباعي؛ لأنها تؤمن بالحوار البناء بعيدا عن أرضيته الفكرية.
وتستدرك كركي بأن "مهمتي كانت إدارة النقاش وإظهار أنني المسؤولة، وأقرر ما هو الموضوع، وقرر الضيف الحديث بطريقة غير مؤدبة، ولهذا أوقفت المقابلة".
ويلفت التقرير إلى أن اللقطات التي ترجمها "ميمري"، وهو مركز يميني يرصد إعلام الشرق الأوسط، ووضعت على وسائل التواصل الاجتماعي قبل أيام من "يوم المرأة العالمي"، قد حظيت بخمسة ملايين مشاهدة.
وتذكر "الغارديان" أن السباعي نشر رسالة على حسابه في تويتر، طالب فيها باعتذار من قناة "الجديد". وقال إن القناة كانت متحيزة، وحاولت تصويره على أنه أصولي وصديق لزعيم تنظيم القاعدة أيمن
الظواهري، ويقول: "كأن الصداقة مع أيمن الظواهري إهانة، لكنني فخور بها، وكل مسلم يفتخر بها، ولكنهم صوروها على أنها شتيمة". وقال السباعي إنه عندما طلب منها السكوت بدت "وكأن الشيطان ركبها"، وأخذت "تهذي".
ويفيد التقرير بأن كركي تقول إنها لا تريد تفسير كلام السباعي على أنه تمييز ضد الأنثى؛ لأنها لا تعرف نواياه، ولكنه لم يحترمها. وتضيف: "لا أستطيع الدخول في خبايا الشخص، وكل ما أعرفه أن نبرته كانت سلطوية، وربما كانت هذه هي الطريقة التي يتحدث بها، وردة فعله لا يمكن تفسيرها، ولا أعرف إن كان سيقول اسكت لو كان مكاني رجل، ولكنني أخذتها على أنه عدم احترام، سواء كانت مع رجل أو كان شيخا أو مهما كانت خلفيته، ولم يكن الأمر متعلقا بالدين أو الموقف السياسي، ولكنه متعلق بالأخلاق والأدب".
وتوضح الصحيفة أن كركي تقول إنها لم تتوقع أن يشتهر هذا الفيديو وهي توقف السباعي "عند حده"، ولكنها حصلت على طوفان من الدعم على الإنترنت والإعلام المحلي.
وترى كركي أن المواجهة تركت أثرا إيجابيا، خاصة في مجتمع أبوي، حيث تواجه الصحافيات الكثير من التحديات، وتعلق: "هناك البعض يجد أن من حقه التحكم بالمرأة، ولكن هناك الكثير من النسوة ممن يكسرن الصورة، والكثير من الرجال يقدمون لهن الدعم، ولا أشعر أنني بطلة، ولكني كأي شخص، سواء كان رجلا أو امرأة، يحترم نفسه"، بحسب الصحيفة.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن كركي تأمل أن يؤدي الرد الإيجابي على الشريط إلى أن يتم التحكم بهذه النزعات الأبوية، خاصة أن المرأة تعاني من تحديات، وتقول: "يركز الإعلام في بلادنا على المظهر، خاصة فيما يتعلق بالمرأة، يمكن للرجال العمل للأبد في العالم العربي، أما النساء فيحكم عليهن من خلال النظرة".