نشرت صحيفة "الأبسرفتور" الفرنسية تقريرًا حول
معاناة اللاجئين السوريين الذين شردتهم الحرب، التي أبعدت 11 مليون شخص عن منازلهم، منهم أربعة ملايين رحلوا إلى الخارج، واستقر أكثرهم في البلدان المجاورة حيث يعيشون في المخيمات والمدن.
ونقل التقرير معاناة عائشة، وهي عجوز بلغت من العمر 93 سنة، تعيش بمفردها تحت خيمة في مخيم
الزعتري بالأردن، رغم أنها أنجبت 10 أبناء.
وأوضح أن عائشة هربت من قريتها في
سوريا بسبب
القصف المكثف، على أمل أن يلتحق بها بقية أفراد العائلة، ولكنها اليوم تجهل الأسباب التي منعتهم من اللحاق بها، ولا تعلم ما إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة أم لا.
وتعاني عائشة - بحسب التقرير - من صعوبة التحرك وتأمين الغذاء، وهي تأمل في الحصول قريبًا على مسكن آخر أفضل من الخيمة التي تعيش فيها، في ظل غياب أي مؤشرات على قرب انفراج الأزمة ونهاية القتال الدائر على الجهة الأخرى من الحدود.
وتحدثت الصحيفة عن الطفل فراس (12 عامًا) الذي فر منذ ثلاث سنوات مع والديه بعد أن تعرض لجروح في قدميه بسبب القصف المتواصل أدت لبتر جزء منها. ولحسن الحظ؛ نجح فراس في الحصول على ساق اصطناعية ليتمكن من مواصلة القيام بهوايته المفضلة، وهي قيادة الدراجة الهوائية، بصحبة أخيه الصغير.
ويعيش فراس وعائلته اليوم في
لبنان التي يمثل اللاجئون ربع سكانها. ويعاني هذا البلد من محدودية الموارد وتزايد التوتر الداخلي بسبب انعكاسات الأزمة السورية، وهو ما يجعل اللاجئين عرضة للإهمال، حيث أصبحوا يعتمدون كليًا على المساعدات الدولية التي لا تكاد تكفي.
أما نور الهدى (36 عامًا) فهي لاجئة في العاصمة الأردنية
عمان، ونقلت الصحيفة عنها أن منزلها تعرض للقصف، ما أدى إلى موت ابن أخيها الصغير (6 أعوام) وهو ما سبب لها صدمة حادة فقدت على أثرها الوعي. وعندما استفاقت؛ وجدت نفسها في مستشفى الرمثا بشمال الأردن، حيث إنها قضت فيه شهرين.
وبحسب التقرير؛ فقد تعرضت نور الهدى خلال الحادث لأضرار كبيرة في يدها اليسرى، وهي تحتاج اليوم إلى تدخل جراحي دقيق لتصبح قادرة على استعمال يدها من جديد، ومزاولة عمل تكسب به قوتها، وتعيل ابني أخيها اللذين تتكفل بهما رغم أنها عاجزة عن الاضطلاع بمهامها.
وتحدّث التقرير عن الطفلة أحلام (8 أعوام) التي تعرض منزل عائلتها في ريف حماة للقصف، وأصيبت بشظايا في ساقها اليمنى أدت لبترها في الساعات الموالية.
وبعد مرور أشهر على هذه الحادثة؛ قررت والدتها الذهاب إلى لبنان، ووصلت في غرة آذار/ مارس الجاري، بصحبة اثنتين من بناتها، إلى سهل البقاع، فيما بقي زوجها والبنات الأخريات في حماة.
وأضاف التقرير أن أحلام ووالدتها تعتمدان حاليًا على مساعدات يقدمها بعض أقاربها الذين سبقوها في الوصول إلى لبنان، ولكن تبقى ظروف عيشها صعبة جدًا، خاصة وأن خيمتها موجودة في منطقة فِلاحية في البقاع معزولة عن العالم.
وأشار التقرير إلى أن لبنان متخوفة من تجدد التجربة الفلسطينية التي تلت قدوم المهجّرين بين عامي 1948 و1950، وهو ما منعها من إنشاء ملاجئ بصفة رسمية، حيث إنها اكتفت بالسماح للاجئين بنصب خيامهم في المراعي والمناطق النائية.
وأضاف أن أحلام محظوظة بحصولها على الرعاية الصحية والساق الاصطناعية، ولكنها لا تمثل إلا واحدة من 400 ألف طفل سوري في لبنان، وهذا الرقم المخيف يتجاوز عدد الأطفال اللبنانيين المسجلين في المدارس، ولذلك فإنه ما زال أطفال سوريا - على غرار الطفلة أحلام - محرومين من التعليم.
وتحدث التقرير عن الطفلة صفاء ذات السبع سنوات؛ ففي شهر حزيران/ يونيو 2013 جُرحت بسبب سقوط قذائف على منزلها، وفرت عائلتها من جحيم المعارك نحو مخيم الزعتري في الأردن.
تقول صفاء إن ظروف العيش في المخيم صعبة جدًا، رغم الحضور المكثف لمنظمات الإغاثة الدولية، والدعم الغذائي والصحي الذي توفره على عين المكان، حيث يبقى أغلب اللاجئين - البالغ عددهم 100 ألف - عاطلين عن العمل بدون أي مورد رزق، ويعيشون في الخيام، وفي أحسن الحالات بمنازل الصفيح، وهو ما دفع عائلة صفاء إلى الانتقال للعيش في العاصمة.
ونقلت الصحيفة عن أحلام شكواها من أن الأطفال في مخيم الزعتري يتمتعون بحرية الحركة والذهاب أينما شاءوا، بينما المساحات في عمان محدودة جدًا، إلا أنها أقرت بأن سكان المخيم يعانون أيضًا من نقص المياه والكهرباء، ولولا هذه الصعوبات لبقيت العائلة في المخيم.
وأشار التقرير إلى أن إحصائيات وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة؛ تشير إلى وجود 165 ألف لاجئ سوري في عمّان، نصفهم من أطفال يضطر أغلبهم للعمل من أجل مساعدة الوالدين على مصاريف العائلة، "فوالد الطفلة صفاء مثلا يتقاضى 200 دينار شهريًا على عمله في بقالة، ولكن إيجار المنزل وحده يبلغ 150 دينارًا".
وختم التقرير بالتساؤل: "كيف يمكن إعالة عائلة في ظل هذه الظروف؟".
تقرير سيلين لوساتو - صحيفة الأبسرفتور... الرابط:
https://tempsreel.nouvelobs.com/guerre-en-syrie/20150313.OBS4548/aysha-firas-ahlam-syriens-et-refugies-comme-4-millions-d-autres.html?xtor=RSS-156