مع بداية السنة الخامسة للمذبحة السورية لا يجد المرء سوى الازدراء، في مواجهة الموقف المستهجن والرخيص الذي أعلنه جون
كيري من ان اميركا لم تعد تشترط تنحي بشار
الأسد، بل إنها تسعى لممارسة الضغوط عليه ليقبل بالحوار، وقد جاء رده سريعاً ومهيناً ضمناً عندما قال إنه ينتظر الأفعال لا الاقوال !
ها هم جميعاً تقريباً يضعون السوريين أمام الخيار المرّ: إما بشار الاسد وإما أبو بكر
البغدادي، من دون التوقف لحظة للتذكّر من أين جاء البغدادي، وكم قتل تنظيم "داعش" من السوريين قياساً بما فعلته البراميل وقبلها الكيماوي!
ها هو جون كيري يدفعنا الى التقيؤ: "على الولايات المتحدة ان تتحدث مع بشار الاسد لإنهاء الحرب في
سوريا" لكأنها لم تفاوضه مرتين في جنيف دون جدوى... في أي حال عندما يصل كيري مجدداً الى دمشق سيجد أنهم فرشوا له السجاد الاحمر ولكن فوق أرض مشبعة بالماء!
لم يكن ستيفان دو ميستورا ليعلن ان الأسد جزء من الحل لو لم يحصل على موافقة دول غربية، أما روسيا وايران فرأيهما معروف منذ البداية: "الأسد هو الحل"، وقد دخلتا القتال الى جانبه منذ البداية، اما بالتسليح والحماية السياسية عبر الفيتو كما فعل الروس، وإما بالوقوف الى جانبه في جبهات القتال كما فعل الإيرانيون وأذرعهم العراقية ثم "حزب الله".
لم يكن في وسع التظاهرات السورية الصارخة "سلمية ... سلمية" سوى تقديم الضحايا، ولم يكن من المستغرب ان يستولد تضافر المذابح في سوريا وسقوط مئات آلاف القتلى وملايين اللاجئين، مع الاضطهاد والتنكيل اللذين مارسهما نوري المالكي في العراق، ظهور الارهابيين في الساحة ثم تسارع هذا التدفق الخارجي من القتلة والسفاحين الى الساحة، ولكن من الذي ينظر الى الوراء لكي يستخلص الدروس؟
لا أحد، فهم لا يريدون حلاً بل يستجيرون بالرمضاء من النار، يفضّلون كُحل الأسد على عَمى البغدادي، أين ذهبت التصريحات اليومية التافهة التي اطلقها باراك اوباما والتهديدات السخيفة التي لوّح بها بعد مذبحة الكيماوي في الغوطتين؟
واذا كانت المعركة ضد الارهابيين في العراق مسألة سنوات كما يقول الأميركيون، فما معنى دعوة كيري الى التفاوض مع الأسد وسوريا باتت صومال كبرى مع بداية السنة الخامسة للمذبحة المفتوحة، في حين تتحدث المراصد عن سقوط 215 الف قتيل وأكثر من عشرة ملايين لاجئ وعن جيل كامل مدمّر وبلد بكامله سُوّي بالأرض؟
كيري قال "إنها أسوأ المآسي التي يشهدها أي منا على وجه الأرض"، لكن الأسوأ هو سياسات أوباما التي لم يشهد تاريخ الغباوة مثيلاً لها، كما يقول وليد جنبلاط.
(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)